وصلى الله على محمد المصطفى وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم - مستمعينا الاعزاء- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل: لما شرف الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء (رضوان الله) قزوين وحط رحله في دار الملا عبد الوهاب القزويني (وهو من كبار علماء الشيعة في القرن الثالث عشر) وكان من تلاميذ الشيخ اجتمع عليه كبار المسؤولين وأعيان التجار وطلبوا منه ان يشرف منازلهم على مقتضى العادة - في رد الزيارة- فالتمسوا من الملا عبد الوهاب ذلك، فرجح للشيخ هذا الأمر فأجاب اليه. وخرج الشيخ كاشف الغطاء مع أصحابه المقربين ومعهم الملا عبد الوهاب، فلما وصلوا الى السوق اقبل التجار وكبار المسؤولين مسرعين فاستقبلوا الشيخ وقبلوا يديه واصطفوا خلفه ووقع بينهم النزاع والجدال وكل يروم ان يشرف الشيخ داره أولاً فجلس الشيخ وسط السوق، وقال: من أهدى للشيخ هديةً انفس من هدية أصحابه دخل الشيخ داره قبل أصحابه.
فتفرق الجميع على عجل في السوق واشترى كل واحد منهم هديةً ثمينة كقماش او عباءة او غير ذلك حتى جاء احدهم بطشت ملأه بالدارهم والدنانير فقال له الشيخ: أنت اول من أدخل داره، ثم امر بعض أصحابه فجمع له الفقراء والمساكين فوزع تلك الأموال بينهم وقام الى الدار وليس معه درهم ولا دينار.
مستمعينا الافاضل: كما هو معلوم فان شرب الخمره حرام في شريعة الاسلام، ولكن هل هو نجس ام لا؟ وهذا من الناحية الفقهية فيه رأيان واليكم القصة المعبرة التالية حول الموضوع: قال بعض الناس - من العوام- للعلامة المجلسي (رضوان الله تعالي): ان الفقيه الفلاني يقول بطهارة الخمره - رغم حرمة شربها- فرد الشيخ المجلسي بقوة: كلاً ان الخمره نجس وفلان مخطيء ولما خرج الشيخ من المجلس مودعاً الحاضرين أسرع الى ذلك الققيه معتذراً لعله تجاسر عليه لما قال بذنه مخطيء وعلل تصرفه وكلامه في ذلك المجلس بقوله: انه كان يريد به ان لا يتجراً العوام من الناس على شرب الخمره مادامت طاهرةً لأنهم في الغالب لا يميزون بين الأمرين فيتصورونها حلالاً مادامت طاهرة وذلك على فرض القول بالطهارة.
ولقد أكبر هذا الفقيه الموقف الحكيم للعلامة المجلسي ورحب به خير ترحيب، وهكذا ودعه الشيخ المجلسي وجاء الى حرم الامام الحسين (عليه السلام) ليؤدي الصلاة ويطلب المغفرة اذا كان قد بدر منه ما يوجب سخط الباري عزوجل.
أجل - مستمعي الكريم- كل هذه الدقة من الاعتذار والاستغفار كلمة هادية هادفة صدرت منه وهي لا تبدو انها غيبة، ولكنه مع ذلك يحتاط، وياليت الذين لا يتورعون في الغيبة والبهتان والتشهير يحتاطون ولو قليلاً.
قال الدكتور جليل ضرابي في مذكراته: يحاول اعداء اية نهضة تحريض المقربين لقادة النهضات وخاصة الأفراد الذين يكون ترتيبهم بالدرجة الثانية بعد القيادات ضد القادة ويزرعوا الهوة داخل النهضات الشعبية.
وقد ذكرت هذا الموضوع للدكتور الشهيد مصطفى جمران (رحمه الله) كي يحذر من ذلك ولا تزرع الفتنة بينه وبين السيد موسى الصدر.
ويضيف الدكتور ضرابي قائلاً: وكان جواب الدكتور جمران مدعاةً لخجلي حيث قال: ان جميع اعمالي هي في سبيل الله تعالى وبما ان عظمة الله وقدرته لا نهاية لها فان قيمة اية قدرة اخرى وحتى قيمة جميع الناس هي صفر بالنسبة له سبحانه، وبناءً على هذا فانه لا يهمني ان صفق لي مئتا الف انسان اومئتا ألف نملة، انني اريد فقط ان يرضى عني الباري تعالي.
ويستمر الدكتور ضرابي بالحديث عن الشهيد السعيد الدكتور مصطفى جمران (رضوان الله تعالى) قائلاً: وحين ازدادت معرفتي به فيما بعد لا حظت ان الأنانية تلك الصفة التي تؤدي الى انحراف الانسان لا توجد عنده، وقد انقذ نفسه من القيود والانحرافات التي تحصل نتيجة - الأنا- بسبب خضوعه لله تعالى وبلوغه مكانةً سامية من الانسانية.
وقد كتب المرحوم جمران في المؤسسة الصناعية في صور آيةً قرآنيةً بخط جميل وعلق اللوحة على الجدار وهي: «قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين».
وختاماً - ايها الأحبة الكرام- شكراً لكم على من المتابعة وجميل الاصفاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.