والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
من الثابت ان القرآن الكريم فيه آيات محكمات وأخر متشابهات، والمتشابه تعني انها لا يؤخذ ما ظهر من معناها الظاهري بل يراجع الانسان فيه اهل الذكر والراسخين في العلم فمثلاً ان قوله تعالى عن احوال يوم القيامة: «وجوه يومئذ ناضرة / الى ربها ناظرة»، لا تعني ان الوجوه سوف تنظر الى الله تعالى في ذلك اليوم كما يعتقد البعض من المسلمين من المذاهب الأخرى فالوجوه الى (رحمة) ربها ناظرة يوم القيامة وليست الى ذات الله سبحانه اذ هو ليس بجسم ابداً ليرى، ومثل هذه الآية قوله تعالى: «وجاء ربك والملك صفاً صفاً»، لا يعني مجيء الرب سبحانه والملائكة على هيئة الاجسام المادية ابداً فقد قال الله تبارك وتعالى عن نفسه: «ليس كمثله شيء».
روي ان آية الله العظمى السيد محسن الحكيم (رضوان الله تعالى) لما ورد الى حج بيت الله الحرام جاءه شيخ ضرير معروف ممن يعتقد بظاهر القرآن الكريم ولا يؤمن بتأويل الآيات التي لا يستقيم تفسيرها الا بذلك، فبعد مجاملات ودية بين الطرفين فتح الشيخ الضرير بحثاً حول هذا الموضوع.
فدار بين الشيخ والسيد الحكيم نقاش علمي جيد وهو هل يجب الاقتصار والجمود على ظاهر الالفاظ القرآنية ام ان لها باطناً لا يفهمه الا المتدبر العاقل ومن يتمسك بنهج اهل بيت الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)؟ فاصر الشيخ الضرير على رأيه بعدم جواز التأويل وان الالفاظ القرآنية هي ما نفهمه بظاهرها فالله تعالى -حسب رأي الشيخ- سوف يرى بالعين يوم القيامة «سبحانه وتعالى عما يصفون».
ولما رآه الامام الحكيم (رحمه الله) متعصباً لرأيه ما كان منه الا ان قال لهذا الشيخ - الفاقد البصر-: اذا كان ظاهر اللفظ ولا غير اذن ما قولك في الآية الشريفة: «من كان في هذه اعمى فهو في الآخرة اعمى واضل سبيلاً»، فسكت الشيخ الضرير ولم ينطق بكلمة.
نقل المرحوم المحدث السيد نعمة الله الجزائري قائلاً:
تشرفت بزيارة المرحوم السيد علي خان وكان من اكابر العلماء الصالحين فرأيت الشيب قد علا كريمته كلها، فسألته: لم لا تخضبها؟
قال: اردت كتابة تفسير للقرآن الكريم، فاستخرت الله تعالى بكتابه العزيز فظهرت الآية الشريفة: «وان له عندنا لزلفى وحسن مآب».
فعلمت والكلام مازال للسيد علي خان (رحمه الله) فعلمت ان اجلي قريب فبدأت بكتابة تفسير موجز للقرآن وتركت الخضاب كي الاقي الله بلحية بيضاء. وهكذا حصل فبعد عام واحد انتقل هذا السيد الجليل الى رحمة الله الواسعة. قال احد الحكماء:
اذا هبت رياح فاغتنمها
فعقبى كل خافقة سكون
ولا تغفل عن الاحسان فيها
ولا تدري السكون متى يكون
قيل ان شخصاً من خراسان قدم مع عائلته لزيارة العتبات المقدسة في العراق فسرق ماله في الطريق، فتعب كثيراً حتى وصل الى مدينة سامراء وتشرف بلقاء المرجع المجدد آية الله العظمي السيد محمد حسن الشيرازي (رضوان الله تعالى) فأعطاه السيد مبلغاً من المال لينفقه على نفسه وعائلته ثم قال له: اذهب الى كربلاء سوف تجد شخصاً في الحضرة الحسينية يعطيك مئة تومان - وكان مبلغاً مهماً في ذلك الوقت- مرسلة اليك من ابنك في ايران.
فتعجب الزائر الخراساني من هذا التنبوء وتردد في قلبه هل السيد صادق فيه، ولما ذهب الى كربلاء المقدسة شاهد في الحرم الحسيني شخصاً من اهالي خراسان يبحث عنه فسلم عليه وقال: منذ ايام وانا اسال عنك لأعطيك وديعة ارسلها ابنك فاخذها واذا بداخل الظرف مئة تومان كما اخبره بها السيد الشيرازي في سامراء، وهنا تسمر الزائر الخراساني في مكانه وايقن ان للسيد كرامات الأولياء بمشيئة الباري تعالى.
روي ان الحاج ملا احمد النراقي (رضوان الله تعالى) وهو احد كبار علماء مدينة كاشان الايرانية- كان له شأن كبير ومنزلة عظيمة بين جماهير المدينة بسبب ورعه وتقواه وخدمته لخلق الله - فقام بطرد والي الشاه- آنذاك الى خارج المدينة وذلك بسبب ظلمه للناس وفساده فيها.
فاستدعى الشاه الملا احمد النراقي وحذره من التدخل في الامور السياسية للبلاد، وكان الشاه غاضباً عليه بشدة بسبب طرده للوالي، فما كان من المرحوم النراقي الا ان رفع يديه الى السماء بحضور الشاه الطاغي وقال:
«الهي ان هذا الشاه الظالم سلط على الناس والياً ظالماً مثله وانا دفعت الظلم عن عبادك والان غضب الشاه علي، وهم المرحوم النراقي بأن يواصل الدعاء ويطلب العذاب للشاه فأسرع الشاه وانزل يد العالم الورع واعتذر منه كثيراً ثم خوله امراً بتعيين والياً صالحاً على مدينة كاشان».
وفي الختام نشكركم - ايها الاعزاء- على حسن المتابعة. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.