والصلاة والسلام على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ـ ايها الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في هذا اللقاء المتجدد معكم، نرجو ان تقضوا مع فقرات البرنامج وقتاً طيباً ومفيداً...
مستمعينا الافاضل ـ عهد المجتهد الكبير آية الله العظمى الشيخ محمد حسن النجفي(رض) على نفسه ان يكتب كل ليلة قسطاً من كتابه الفقهي الاستدلالي الكبير المعروف بجواهر الكلام الذي يعتبر عند الفقهاء من اهم مصادر البحث العلمي في الفقه الاسلامي ... وفي الليلة التي مات فيها ابنه العزيز حضر جنازته وبيده قلمه واوراقه يكتب اسطراً من الكتاب ودموعه منهمرة على لحيته البيضاء والحزن يعصر قلبه على ذلك المصاب الجلل ... قال الشيخ عباس القمي(رض) ـ صاحب كتاب مفاتيح الجنان ـ حدثني الشيخ الفقيه الحاج ميرزا حسين ابن الميرزا خليل الطهراني انه كان لصاحب الجواهر ولد رشيد اسمه الشيخ حميد وكان هذا الشاب الصالح متكفلاً بكل امور والده، والشيخ صاحب الجواهر متفرغاً لتأليف كتابه الفقهي ولا يحمل هم الامور المعاشية فتوفي هذا الولد الصالح فجأة فحزن عليه الشيخ وقال: انقطعت بي الاسباب وضاق صدري وضاقت الدنيا في عيني وصرت لا استقر ليلاً ولا نهاراً، دائم التفكر مضطرب القلب حزيناً كئيباً ... وبينما انا كذلك وقد خرجت من مجلس كنت فيه اول الليل وانا متوجه الى البيت اذ نوديت من خلفي لا تفكر لك الله فالتفت من حولي فلم ار احداً فحمدت الله تعالى وتوجهت اليه ففتحت عليَّ بعد تلك الليلة ابواب رحمته تبارك وتعالى، وانتظمت اموري وترقت احوالي.
مستمعينا الكرام ـ لقد تبوأ آية الله العظمى السيد كاظم اليزدي المتوفى سنة 1337 هـ.ق رحمه الله مقام المرجعية العليا للمسلمين الشيعة في العالم ولكنه لم يغير بساطة عيشه لان الزهد ليس وصفاً ظاهرياً لمثل هؤلاء المراجع الاتقياء ... انه صفة امتزجت بهم روحاً وسلوكاً فلما صار مرجعاً بقي كما كان طالباً يدرس العلوم الدينية لم يتغير من حيث الزهد في شؤون الدنيا، وذات مرة دخل عليه احد كبار علماء قم المقدسة وكان في غرفته الخاصة فرأى الى جانبه قدراً عتيقاً فسأله ما هذا؟ فأجابه السيد اليزدي: انه القدر الذي كنت اطبخ فيه ايام كنت طالباً والان اضعه امامي كي اتذكر سالف ايامي ولا انسى ما كنت عليه. وحينما اراد ان يوصي اختار اوصياء اربعة من العلماء المتقين امرهم بتحويل ميزانية المرجعية المتكونة من خمس وزكاة وكفارة ونذر وغيرها الى المرجع الذي يتصدى لشؤون المسلمين من بعده وفي هذه الجلسة اقترح احد احفاده بقوله: لا تنس الايتام من اولادك فحبذا لو تعين لهم شيئاً من المال، فرد عليه السيد ان احفادي ان كانوا متدينين فان الله تعالى يرزقهم، وان لم يكونوا متدينين فكيف اعطيهم من مال ليس لي.
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ نسأله تعالى ان يجعلنا من المقتدين باولئك المتقين الاخيار انه سميع مجيب. وشكراً لكم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم.