بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله عليكم ايها الاطائب، طابت اوقاتكم بكل ما يحبه الله لكم ويرضاه وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج نستنير فيها بطائفة من النصوص الشريفة التي تهدينا الى ان احد معالي الاخلاق التي اوصانا بها الله عزوجل وبعث لاتمامها نبيه الاكرم –صلى الله عليه وآله-، انه خلق (العدل)، ومعناه تحري الانسان حفظ معايير وموازين العدل والانصاف في جميع اقواله وافعاله وتعامله مع الآخرين.
وهذا ما اوصى به الله تبارك وتعالى في عدة من الآيات الكريمة منها قوله في الآية ۱٥۲ من سورة الأنعام:
" وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " (سورة الأنعام۱٥۲ )
وكما تلاحظون مستمعينا الاكارم، فالآية الكريمة تذكر نماذج لافعال الانسان واقواله في اشارة الى ان الله جل جلاله يوصي الانسان بالتزام عرى القسط والعدل فيها جميعاً؛ وفي الآية اشارة ثانية الى ان التحلي بهذا الخلق النبيل من مصاديق الوفاء بالعهد الالهي، كما انه من الاخلاق التي تامر وتذكر بها الفطرة السليمة.
ايها الاكارم، وتهدينا الاحاديث الشريفة الى ان للتحلي بخلق العدل في الاقوال والافعال لذة معنوية عظيمة يستشعر بها الانسان، ففي كتاب الكافي عن مولانا الامام جعفر الصادق –عليه السلام- قال:
"العدل احلى من الماء يصيبه الظمآن، ما اوسع العدل اذا عدل فيه وان قل"
وقال –عليه السلام- ايضاً: "العدل احلى من الشهد والين من الزبد واطيب ريحاً من المسك"
والسر في ذلك ان التحلي بهذا الخلق الكريم يوفر للانسان الطمأنينة لاستجابته لنداء الفطرة السليمة فيستريح وجدانه، كما انه يبعد عن الانسان القلق من مساوئ الظلم، فهو من مصاديق الالتزام بتقوى الله، روي في الكافي ايضاً عن مولانا الامام الصادق –عليه السلام- قال:
"اتقوا الله واعدلوا فانكم تعيبون على قوم لا يعدلون"
ولمولانا الامام الكاظم –عليه السلام- حديث بليغ يشير فيه الى البهجة الروحانية العظيمة التي يحصل عليها المتحلي بهذا الخلق النبيل يستفاد منه ان هذه البهجة ثمرة رضا الله عن العامل بالعدل وعدم التعدي، قال –عليه السلام- كما في كتاب الكافي:
"ان الله تبارك وتعالى ايد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقي، وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي، فهي تهتز سروراً عند احسانه وتسيخ في الثرى عند اساءته"
ايها الاخوة والاخوات، وتحذرنا الاحاديث الشريفة من عواقب عدم التحلي بخلق العدل في التعامل مشيرة الى سوء هذه العواقب، فقد روي في كتاب الكافي عن مولانا الامام محمد الباقر –عليه السلام- انه قال لاحد اصحابه:
"ابلغ شيعتنا انه لن ينال ما عند الله الا بعمل وابلغ شيعتنا ان اعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثم يخالفه الى غيره"
وفي الكافي ايضاً عن امامنا الصادق –عليه السلام- انه قال في تفسير قوله عزوجل في الآية ۹٤ من سورة الشعراء وهي "فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ" (سورة الشعراء۹٤) قال –عليه السلام-: "هم قومٌ وصفوا عدلاً بالسنتهم ثم خالفوه الى غيره".
وبهذا ننهي احبتنا حلقة اليوم من برنامجكم معالي الاخلاق استمعتم لها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شكراً لكم وفي امان الله.