البث المباشر

نشاط الامام (ع) في حياة هارون العباسي

الثلاثاء 1 أكتوبر 2019 - 14:29 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - غريب طوس : الحلقة : 3

 

الراوي: نتابع في هذه الحلقة رحلة كاتب هذه المجموعة الاخ توفيق وهو يلتقي بشخصيات سجل التأريخ اسماءها واقوالها، والاخ توفيق يستنطقها من خلال هذه الرحلة الخيالية الى اعماق التأريخ ليعرفنا بذلك على جوانب من سيرة الامام الثامن من ائمة الهدى سلام الله عليهم.
ها هو الاخ توفيق يدخل على عمر بن واقد الذي عايش عن قرب جريمة اغتيال والد الرضا الامام الكاظم (عليهما السلام) ...
ان الرحلة الى اعماق التاريخ والخوض في غمرات سنواته الغابرة باجوائها واحداثها الشاقة على النفس، لا سيما اذا كانت الرحلة تختص بحياة الائمة الطاهرين من آل رسول الله(ص). حيث الظروف العصيبة التي يمرون بها، والقيود المفروضة عليهم من قبل السلطات الحاكمة الجائرة التي صادرت الحريات وأهانت الكرامات وكتمت الانفاس ناهيك عن الافواه. ففي خضم هذه الظروف كان يعيش الائمة الاطهار ويؤدون دورهم الرسالي مهما كانت النتائج وكان الثمن.

*******

توفيق: السلام عليكم يا سيدي عمر بن واقد.
عمر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
توفيق: سيدي اود ان أسألك سؤالاً؟
عمر: تفضل.
توفيق: لماذا قتل هارون الرشيد الامام موسى بن جعفر(ع)؟
عمر: ان هارون الرشيد ضاق صدره من موسى بن جعفر.
توفيق: ولماذا يا سيدي ضاق صدر هارون؟
عمر: لما كان يراه من فضل موسى بن جعفر واقرار الناس بامامته ودخولهم عليه سراً ليلاً ونهاراً.
توفيق: اليس موسى بن جعفر هو الامام بعد ابيه جعفر الصادق(ع).
عمر: بلى والله، انه الامام بعد ابيه الصادق... وهل سلم ابو الصادق عليه السلام من قتل المنصور الدوانيقي... يا ولدي انه صراع بين الخير والشر والعاقبة للمتقين.
توفيق: وبعد ذلك يا سيدي؟
عمر: خاف هارون الرشيد على نفسه وملكه، ففكر في قتل موسى بن جعفر بالسم. فدسَّ اليه السمَّ في الطعام فقتله.
توفيق: هكذا يفعل الطغاة بالاولياء والصالحين على مر العصور.
الراوي: كان الامام موسى بن جعفر(ع) يعلم بان هارون الرشيد سيقتله كما قتل المنصور العباسي اباه الامام جعفر الصادق(ع) من قبل. فاخذ يمهد لامامة ابنه علي الرضا(ع) في كل فرصة سانحة. فبدأ بابنائه وأهل بيته. فهذا محمد بن اسحاق بن موسى بن جعفر يحدثنا عن ابيه اسحاق انه قال:
اسحاق: ان موسى بن جعفر كان يقول لبنيه: (هذا اخوكم علي بن موسى عالم آل محمد فأسألوه عن دينكم)، واحفظوا ما يقول لكم فاني سمعت ابي "جعفر بن محمد"(ع) غير مرة يقول لي: (ان عالم آل محمد لفي صلبك، وليتني ادركه فانه سميُّ امير المؤمنين علي(ع)).
الراوي: وذات يوم بينما كان توفيق في مسجد رسول الله(ص) تعرَّف على ابي بن عبد الله الهاشمي احد اصحاب الامام موسى بن جعفر(ع) ورواة حديثه وبعد ان دار بينهما حديث حول الامام(ع) سأله: يا سيدي علي بن عبد الله الهاشمي انت صاحب الامام موسى بن جعفر(ع) ورواة حديثه قل لي: هل اوصى الامام موسى بن جعفر(ع) لابنه علي بن موسى(ع) من بعده؟
الهاشمي: تعال معي الى قبر رسول الله(ص).
توفيق: حسناً.
الهاشمي: كنا عند هذا القبر الشريف نحو ستين رجلاً منا ومن موالينا ... اذ اقبل موسى بن جعفر(ع) ويد علي ابنه في يده فقال:
الامام موسى(ع): اتدرون من انا؟
جماعة الهاشمي: نعم انت سيدنا وكبيرنا.
الامام(ع): سموني وانسبوني.
جماعة الهاشمي: انت موسى بن جعفر.
الامام(ع): ومن هذا الذي معي؟
جماعة الهاشمي: هو علي بن موسى بن جعفر.
الامام(ع): فاشهدوا انه وكيلي في حياتي ووصيي بعد موتي...

*******

الراوي: كان الامام موسى بن جعفر ما زال يوطن قلوب شيعته على الامام الذي سيليه في تحمل اعباء الامامة والقيام بادارة شؤونهم الدينية وهذه ارادة الهية ومشيئة ربانية اذ ان الله سبحانه وتعالى لا يدع الارض الا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان في الدين فاذا زاد المؤمنون شيئاً ردهم واذا نقصوا اكملهم، ولولا ذلك لاختلط على الناس امرهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل... كما انه لابد من وجود امام على الارض ولولاه لساخت الارض باهلها...
توفيق: ما شاء الله، ان المجلس عامر بالحاضرين وهذا الشيخ الوقور الذي يتحدث هو محمد ابن سنان احد حواري وخلص شيعة ائمة اهل البيت(ع) جلس...
ابن سنان: دخلت على ابي الحسن موسى بن جعفر(ع) قبل ان يحمل الى العراق بسنة، وعليٌّ ابنه بين يديه...
فقال لي: 
قال الامام(ع): يا محمد.
ابن سنان: نعم لبيك يا مولاي.
قال الامام(ع): ستكن في هذه السنة حركة فلا تجزع منها.
ابن سنان: ثم طرق مولاي موسى بن جعفر وضرب بيده الارض ورفع رأسه الى وهو يقول:
قال الامام(ع): يا محمد... يضل الله الظالمين ويفعل ما يشاء.
ابن سنان: وما هو ذاك جعلنا فداك؟
فاجاب الامام(ع) قائلاً: من ظلم ابني هذا حقه، وجحد امامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن ابي طالب(ع) حقه، وجحد امامته من بعد محمد(ص).
ابن سنان: والله يا مولاي لئن مد الله في عمري لاسلمن اليه حقه ولاقرنَّ له بالامامة، واشهد انه من بعدك حجة الله على خلقه والداعي الى دينه.
الامام(ع): وامامة من يقوم مقامه من بعده.
ابن سنان: ومن هو ذاك جعلت فداك؟
الامام(ع): محمد ابنه.
ابن سنان: مني الرضى والتسليم يا مولاي.
الامام(ع): نعم كذلك وجدتك في كتاب أمير المؤمنين علي(ع). اما انك من شيعتنا ابين من البرق في الليلة الظلماء ... يا محمد ان المفضل بن عمر كان انسي ومستراحي وانت انس ابني علي وابنه محمد ومستراحهما. حرام على النار ان تمسك ابداً.

*******

الراوي: وبعد سنة من حديث الامام موسى بن جعفر(ع) مع محمد ابن سنان ارسل هارون الرشيد من يحمل الامام(ع) من المدينة الى العراق حيث القاه في السجن.. ومن سجن الى سجن حتى دس اليه السم فقتله.
توفيق: قل لي يا محمد بن الفضل الهاشمي انت من المقربين للامام موسى بن جعفر الرضا(ع) بعد شهادة ابيه موسى بن جعفر؟
ابن الفضل: لما توفي الامام موسى بن جعفر(ع) اتيت الى المدينة فدخلت على الرضا(ع) فسلمت عليه بالامرة، واوصلت اليه ما كان معي وقلت له:
(اني يا مولاي سائر الى البصرة، وعرفت كثرة الخلاف بين الناس، وقد نعي اليهم ابوك موسى بن جعفر(ع) وما اشك انهم سيسألونني عن براهين الامام من بعده. ولو اريتني شيئاً من ذلك).
قال الرضا(ع): لم يخف عليَّ هذا، فأبلغ اولياءنا بالبصرة وغيرها اني قادم عليهم ولا قوة الا بالله.
ابن الفضل: ومتى تقدم عليهم يا مولاي؟
قال الرضا(ع): بعد ثلاثة ايام من وصولك ودخولك البصرة...
توفيق: معذرةً يا سيدي محمد بن الفضل الهاشمي وهل اراك الامام الرضا(ع) شيئاً من براهين الامامة كما طلبت منه؟
ابن الفضل: نعم، لقد اخرج اليَّ جميع ما كان للنبي عند الائمة.
توفيق: احسنت يا سيدي وماذا عن ذهابك الى البصرة؟
ابن الفضل: فلما قدمت البصرة سألوني عن الحال. فقلت لهم اني اتيت موسى بن جعفر قبل وفاته بيوم واحد فقال لي:
قال موسى(ع): اني ميت لا محالة، فاذا واريتني لحدي فلا تقيمن هنا بل توجه الى المدينة بودائعي هذه واوصلها الى ابني علي بن موسى فهو وصيي وصاحب الامر بعدي...
ابن الفضل: ففعلت ما امرني به واوصلت الودائع الى ابنه علي بن موسى(ع)، وهو سيوافيكم بعد ثلاثة ايام من يومي هذا فاسألوه عما شئتم.
توفيق: نعم اعترض عمرو بن هداب الناصبي، قائلاً:
ابن هداب: يا محمد بن الفضل ان عندنا الحسن بن محمد رجل من افاضل اهل هذا البيت في ورعه وزهده وعلمه وسنه، ليس كشاب مثل علي بن موسى ولعله لوسئل عن شيء من معضلات الاحكام لحار في ذلك.
ابن الفضل: فردَّ عليه الحسن بن محمد واسكته... فلما كان اليوم الثالث من دخولي البصرة، اذا بالرضا(ع) قد وصل ونزل في منزل الحسن بن محمد وقال له الامام (ع): 
الرضا(ع): يا حسن بن محمد احضر جميع القوم الذين حضروا عند محمد بن الفضل وغيرهم من شيعتنا. واحضر جاثليق النصارى ورأس الجالوت وأمر القوم ان يسألوا عما بدا لهم...
ابن الفضل: فلما اجتمع القوم وتكاملوا ... جلس الرضا(ع) وقال: 
قال الرضا(ع): السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... هل تدرون لم بدأتكم بالسلام؟
قالوا: لا لا ندري.
الرضا(ع): لتطمئن انفسكم.
قالوا: من انت يرحمك الله.
الرضا(ع): انا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب وابن رسول الله(ص). صليت اليوم الفجر في مسجد رسول الله مع والي المدينة وسارجع اليه بعد العصر من هذا اليوم لأفي له بما وعدته، ولا حول ولا قوة الا بالله.
قالوا: يا بن رسول الله ما نريد مع هذا الدليل برهاناً وانت عندنا لصادق القول.
الرضا(ع): اني جمعتكم لتسألوا عما شئتم من آثار النبوة وعلامات الامامة التي لا تجدونها الا عندنا اهل البيت هاتوا مسائلكم.
ابن هداب: ان محمد بن الفضل الهاشمي ذكر عنك اشياء لا تقبلها القلوب.
الرضا(ع): وما تلك الاشياء يا عمرو بن هداب؟
ابن هداب: اخبرنا عنك انك تعرف كل ما انزل الله وانك تعرف كل لسان ولغة.
الرضا(ع): صدق محمد بن الفضل فانا اخبرته بذلك فهلموا أسألوا.
ابن هداب: نختبرك قبل كل شيء بالالسن واللغات. هذا رومي وهذا هندي وفارسي وتركي احضرناهم معنا.
الرضا(ع): فليتكلموا بما احبوا اجب كل واحد منهم بلسانه ان شاء الله.
ابن الفضل: فلما تكلموا اجابهم الرضا(ع) كل واحد منهم بلسانه عما سألوا.. فحير الناس وتعجبوا.. ثم نظر الرضا(ع) الى ابن هداب وقال:
الرضا(ع): يا بن هداب ان اخبرتك انك ستبتلى في هذه الايام بدم ذي رحم لك اكنت مصدقاً لي؟
ابن هداب: لا.. فان الغيب لا يعلمه الا الله تعالى.
الرضا(ع): أو ليس الله يقول: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احداً الا من ارتضى من رسول)؟ فرسول الله عند الله مرتضى ونحن ورثة ذلك الرسول الذي اطلعه الله على ما شاء من غيبه فعلمنا ما كان ويكون الى يوم القيامة، وان ما اخبرتك به يابن هداب لكائن الى خمسة ايام فان لم يصح ما قلت في هذه المدة فاني مفتر كذاب وان صح فتعلم انك الراد على الله ورسوله. وهناك دلالة اخرى اما انك ستصاب ببصرك وتصير مكفوفاً فلا تبصر سهلا ًولا جبلاً، وهذا كائن بعد ايام ولك عندي دلالة اخرى انك ستحلف يميناً كاذبة فتضرب بالبرص.
توفيق: فما كانت حال ابن هداب بعد ذلك ياسيدي؟
ابن الفضل: تالله، لقد نزل ذلك كله بابن هداب. وقيل لابن هداب: صدق الرضا(ع) ام كذب؟ فقال:
ابن هداب: والله لقد علمت في الوقت الذي اخبرني به انه لكائن ولكنني كنت اتجلد.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة