وتبعاً لذلك أفرد حامل راية الحسين (عليه السلام) بزيارة خاصة مروية عن ائمة العترة النبوية (عليهم السلام) تشتمل على جميل الثناء عليه وبليغ البيان لسمو مقاماته (سلام الله عليه).
ويستفاد من رواية نص زيارته التي رواها الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) وغيره عن مولانا الصادق (عليه السلام) أن وجود مشهد خاص يشتمل على ضريح ومدخل وروضة وباب لمرقد ابي الفضل العباس (عليه السلام) يرجع الى القرن الهجري الاول فقد ورد في الرواية أمر الامام الصادق (عليه السلام) بالتوقف خارج باب الروضة لتلاوة إذن الدخول.
ما أن يصل الزائر إلى مشارف مدينة كربلاء المقدسة حتى يكحل عيناه شموخ المآذن والقباب الذهبية للمرقدين الطاهرين مرقد سيد الشهداء وأبي الأحرار الحسين بن علي (عليهما السلام) وأخيه وحامل لوائه أبي الفضل العباس (عليه السلام) ويتذكر معاني البطولة والإيثار والثبات على المبادئ الحقيقية التي جاء بها سيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن تجسدت بأعلى معانيها في طف كربلاء وفي أعظم ملحمة عرفها التأريخ..
عند ذلك تغرورق عيناه بالدموع لهول الفاجعة وعظم المصاب فيتجه أول ما يتجه إلى مرقد قمر بني هاشم وفخر عدنان أبى الفضل العباس (عليه السلام) باعتباره وزير أخيه الحسين (عليه السلام) ليؤدي مراسم الزيارة حيث اُستشهد في العاشر من المحرم سنة ٦۱ هجرية على مقربة من مشرعة الفرات ودفن حيث موضع شهادته ليشيد بذلك صرحاً شامخاً من صروح الحق في دنيا الإسلام صانعاً بذلك مجداً عظيماً نال فيه المقام العالي والمنزلة الرفيعة عند الله (عّز وجل).. قال الأمام السجاد في رواية عن زائدة أنه قال ( قد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة الأرض هم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأجساد المتفرقة وهذه الجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون لهذا الطف علماً لقبر سيد الشهداء لا يندرس أثره ولا يعرفوا رسمة على مرور الليالي والأيام) وقال ابن طاووس في كتابه (الإقبال): (انهم أقاموا رسماً لقبر سيدٍ بتلك البطحاء يكون علماً لأهل الحق).
ويذكر المورخون ان من أهم أسباب بقاء أبي الفضل العباس (عليه السلام) في مكان أستشهاده وعدم حمله الى موضع الشهداء من قبل الحسين (عليه السلام) هو سر كشفته الأيام وهو أرادة الله عز وجل ان يكون لهذا المولى العظيم مشهداً يُقصَد بالحوائج وبقعةً يزْدلفُ اليها الناس ويذكر فيها الله سبحانه تحت قبته التي تناطح السحاب رفعة وسناء حيث تظهر الكرامات الباهرة ولتعرف الأمة مكانتها السامية ومنزلتها الرفيعة..
مراحل الإعمار التي شهدها المرقد الطاهر
۱- سنة ٦۱ هـ اول من بنى القبر هم بنو اسد أذ بنو للقبر علائم لا يُدرَسْ أثرها.
۲- سنة ٦٥ هـ قصد كربلاء في عهد عبد الملك بن مروان جماعة من التوابين من أهل الكوفة يقارب عددهم أربعة الآف بقيادة الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي يطالبون بثارات الحسين (عليه السلام) فأزدحموا حول القبر كأزدحام الناس عند لثم الحجر الأسود في الكعبة المشرفة وكان القبر آنذاك ظاهراً معروفاً وأقاموا عليه بناءاً - تاريخ الطبري ج۳ ص ٤۱۷ط دار الكتب العلمية.
۳- سنة ٦٥هـ آواخر هذه السنة أوعز المختار الثقفي الى محمد بن إبراهيم الأشتر أن يسير الى كربلاء ويقوم ببناء مسجد وسرادق حول القبر.
٤- سنة ۱۹۹هـ قام الخليفة العباسي المأمون ببناء وتعمير المرقد المطهر.
٥- سنة ۲۰۷هـ قام الالخان غازان بتقديم عطايا سخية لبناء المراقد وكذلك قام هو ووالده بإيصال المياه للمنطقة عن طريق فتح قناة وتحويل مجرى المياه من الفرات اليها.
٦- سنة ۲۷٤هـ أعيد بناء المرقد وتوسيعه من قبل الخليفة العباسي (المنتصر).
۷- من سنة (۲۸۳) قام بتعمير المرقد وتطويره حاكم طبرستان محمد بن زيد الملقب بالداعي الصغير.
۸- سنة ۳۷۱هـ أعيد تعمير المرقد وتطويره من قبل عضد الدولة بن ركن الدولة.
۹- سنة ۳۸۰هـ قام بتطوير الأعمار أحدا أمراء الجزيرة وهو عمران بن شاهين.
۱۰- سنة ٤۰۰هـ قام بالأعمار والتجديد وزير سلطان الدولة.
۱۱- سنة ٤۱۰هـ قام بالأعمار والتطوير الوزير بن سهلان.
۱۲- سنة ٤٥۰هـ قام بتجديد العمارة وتطويرها الأمير دبيس الأسدي أحد أمراء دولة بني مزيد الأسدية.
۱۳- سنة ٥٤٥هـ قام بتعمير وتطوير المرقد الخليفة العباسي الناصر لدين الله.
۱٤- سنة ٦۲۰هـ جرى تعمير المرقد من قبل الخليفة العباسي احمد بن الناصر لدين الله.
۱٥- سنة ۷۲۷ هـ قام بتوسيع المرقد ومحيط المدينة ۲٤۰۰ خطوة حمد الله المستوفي.
۱٦- من سنة۷٤۰هـ -۷۹۰هـ جرى التعمير والتطوير من قبل سلاطين الدولة الايلخانية الجلائرية إبتدأ من مؤسسها الشيخ حسن بن حسين بن أقبغا ثم السلطان أويس وثالثهم السلطان حسين ابن الشيخ حسن الكبير ورابعهم السلطان احمد بهادر خان بن إدريس الذي تم على يده البناء الماثل للعيان الآن.
۱۷- سنة ۷٦۷هـ جرى تعمير المرقد من قبل الخواجة مرجان احد الولاة الأتراك.
۱۸- سنة ۸٥۹هـ جرى التعمير من قبل احد أمراء دولة الخروف الأسود.
۱۹- سنة ۹۱٤ هـ تم تعمير المرقد من قبل العثماني إسماعيل باشا الصفوي.
۲۰- سنة ۹۳۰ هـ جرى تعمير المرقد من قبل السلطان العثماني سليمان القانوني.
۲۱- سنة ۹٥۷هـ جرى التعمير من قبل السلطان نظام الدين.
۲۲- سنة ۹۹۱هـ أعادة البناء وتوسيعه من قبل السلطان مراد الثالث.
۲۳- سنة ۱۰۳۲هـ تم تزين القبة بالكاشاني وبني شباكا على الصندوق وتم تنظيم الرواق وبناء البهو من قبل الشاه طهماسب.
۲٤- سنة ۱۰٤۸هـ تم تعمير المرقد من قبل صفي الدين الصفوي.
۲٥- سنة ۱۱۰٥ هـ جرى التعمير من قبل راضية بنت السلطان شاه حسن.
۲٦- سنة ۱۱۱۷هـ جرى التعمير من قبل السلطان العثماني مراد الرابع.
۲۷- سنة ۱۱٥٦هـ قام نادر شاه بتغطية القبة بالكاشاني.
۲۸- بعد حادثة الوهابية سنة ۱۲۱٦ مباشرة قام السلطان فتح علي شاه القاجاري بتجديد ما نُهِب وعَمَّر القبة الشريفة وكساها بالكاشاني.وفي نفس السنة ذكر الميرزا عبد الكريم المقدس الارومي في كتابة طاقة ريحان ص۹۱ ان الحاج شكر الدين بدل بك الافشاري ذهب الايوان الذي هو امام حرم أبي الفضل وانفق كل ما لديه من أموال على عمارة الحرم بإيعاز من زين الفقهاء والمجتهدين الشيخ زين العابدين المازندراني المتوفي في ۱۲/ذي القعدة سنة ۱۳۰۹هـ.
۲۹- سنة ۱۲٥۹هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل ملك لكنهو محمد شاه الهندي ابن السلطان ماجد علي شاه.
۳۰- سنة ۱۲٦٦هـ جرى تعمير المرقد من قبل السلطان عبد الحميد خان الذي قام بتجديد القبة بالكاشاني وتسقيف الطارمة بالخشب.
۳۱- سنة ۱۲۹٦هـ قام محمد صادق الاصفهاني بشراء الدور الملاصقة للصحن وزادها اليه وكانت الزيادة من جهة باب القبلة أكثر من سائر الجهات مقدار أيوانيين.
۳۲- سنة ۱۳۰۰ قامت السيدة تاج محل احدى أميرات الهند بالتبرع لتطوير المرقد المقدس.
وجرت الحوادث تترى
لقد تعرض حسب المصادر التاريخية مرقد أبي الفضل عليه السلام إلى حوادث مؤسفة عديدة ولكن أشهرها حادثتان هما: حادثة نجيب باشا والانتفاضة الشعبانية المباركة..
وقعت الأولى في أواخر عام ۱۲٥۸هـ وقد قتل الكثير من الرجال والنساء والأطفال وكان القتل على يد الوالي محمد نجيب باشا الذي ولي على بغداد فامر بأقتحام مدينة كربلاء بعد ان ابى أبناء هذه المدينة الخضوع لحكمه وما يصدره من احكام جائرة عند ذاك امر اهالي المدينة بنزع اسلحتهم والخضوع لسلطة الدولة العثمانية وامهلهم على ذلك شهراً كاملاً وبعد انقضاء المدة المحددة لم يكن هناك أي تبدل في موقف أهالي كربلاء مما أضطر نجيب باشا الى تجهيز جيش بقيادة سعد الله باشا وسيره الى كربلاء وحاصر المدينة حصاراً شديداً وأمطرها بوابل من القنابل عندها لجأ الناس الى الضريح المقدس لسيدنا ومولانا ابي الفضل العباس يستغيثونه ويستنجدون به من القتل وقد هاجمهم الجيش العثماني من جهة باب الخان حيث احدثوا ثغرةً فيه واستمر القتال لمدة يومين وقد بلغ عدد القتلى عشرة الاف منهم جمعاً كثير من العلماء والسادات يذكر السيد عبد الحسين احمد الاميني في كتابه (شهداء الفضيلة) عمن شهد الواقعة من الثقات انهم قالوا انه لما اقفل العسكر أحصينا القتلى وسألنا الحفارين وتحققنا من ذلك فكا ن عدد القتلى يزيد على عشرين ألفا من رجل وإمرأة وصبي وكان يوضع في القبر الأربعة والخمسة الى العشرة فيهال عليهم التراب بِلا غسل ولا كفن وتفقدنا القتلى منهم كثيراً في الدور ووجدنا بالسرداب الذي تحت رواق العباس عليه السلام أكثر من ثلاثمائة قتيل ويبدو ان الطاغية محمد نجيب باشا استولى على البلد وأباحه ثلاثة ايام قتلا وسلباً ونهباً ودخل بجيشه الى صحن العباس (عليه السلام) وخرب الابنية وقتل من لاذ بالقبر الشريف وقد دونت تفاصيل هذه الحادثة من مصادر كثيرة منها تاريخ العراق الحديث من نهاية حكم داوود باشا الى نهاية مدحت باشا للدكتور عبد العزيز سلمان نوار ص ۸۹ـ ۹۳ط القاهرة وتاريخ كربلاء المعلى للسيد عبد الحسين الكليدار.
أما انتفاضة شعبان المباركة فقد وقعت في سنة ۱٤۱۱ هـ ۱۹۹۱م بعد أن ضاقت الناس ذرعا من اساليب النظام الطاغوتي المجرم الذي كان يحكم العراق بالحديد والنار وبعد دخول الطاغية دولة الكويت غازيا ومهاجمة دول الحلفاء لجيشه هناك مما ادى الى تفكك الجيش وانكساره فعاد الجيش من الكويت خائبا خاسرا مشياً على الاقدام لعدم وجود وسائط نقل بسبب القصف الجوي الشديد من دول الحلفاء في معركة عاصفة الصحراء وقد تبع هذه المعركة تداعيات كثيرة منها توقف الاعمال مما جعل الناس البسطاء غير قادرين على توفير قوت يومهم والقيام بالثورة في عموم ۱٤ محافظة من محافظات العراق ومنها كربلاء التي انطلقت فيها شرارة الثورة في يوم الثلاثاء الخامس من آذار ۱۹۹۱ وبقيت المدينة تقاوم ازلام النظام وما تَبَقى من جيشه المنهار الذي اخذ يلملم شتاته من هنا وهناك لمهاجمة المدينة المقدسة على مدى اربعة عشر يوما قدم فيها الاهالي كل غالي ونفيس من خلال مقاومة بطولية شرسة حيث تحطمت كل محاولات الجيش الصدامي بالنفاذ والدخول الى المدينة المُقاوِمَة مما اضطر النظام اخيرا الى قصف المدينة من الجو والبر قصفا عنيفا لم تشهد مثله سوح القتال بعد ان سمحت امريكا للنظام باستخدام الطائرات العمودية التي تَمَكَّن الثوار من اسقاط بعضها بامكانياتهم البسيطة وايقاع افدح الخسائر بالدروع والدبابات حيث يذكر احد الشهود العيان ان رتلا من الدبابات قوامه عشرون دبابة او اكثر دخل المدينة من مدخلها الشمالي طريق بغداد حيث قام الثوار بتمكين هذا الرتل في الوصول الى منطقة قريبة من الحرم (باب بغداد) وقاموا بمحاصرته وتدمير اول دبابة واخر دبابة في الرتل وتم احراقهم وحوصر باقي الرتل بين الدبابتين وتم اسر معظم افراد القوة وولى الباقين بالفرار.
وهكذا استمرت المعارك حتى نفذت الذخيرة والمواد الغذائية من المدينة المحاصرة التي كانت عصية على ازلام النظام طيلة الفترة فالتجا الناس الى الروضة العباسية والروضة الحسينية معتصمين لائذين مستجيرين رجالا ونساءا واطفالا وظل وابل من القنابل والقذائف والمدفعية الثقيلة تصب نيرانها على المرقدين الشريفين مما ادى الى اصابة القبة الشريفة للمولى ابي الفضل العباس بعدة قذائف على الجدران وقلع الباب الرئيسية (باب القبلة) واصابة الساعة وكذلك استشهاد عدد كثير من النساء والاطفال والشيوخ ممن كانوا داخل الروضة واستبيح الحرم ونهبت المكتبة ومخطوطاتها وبعض النفائس والهدايا بعد ان دخلها الجيش واعدم من بقي حيا داخل الروضة.
مراحل التخريب
وتعرضت العتبات المقدسة في كربلاء الى التخريب مرات عديدة من قبل الاوباش الذين كان يظنون انهم بأعمالهم الخسيسة هذه يتمكنوا أن يطفئوا نور الله ليتمكنوا من تثبيت ملكهم وسلطانهم فبئس ما فعلوا وكان الخزي والخسران نصيبهم الاوفر.
۱ـ سنة ۱۷٦هـ امر الرشيد بقطع السدرة المطلة على قبر الحسين(عليه السلام) وبقطعها كان يروم منع الزائرين لئلا يستظلوا تحتها وقد كرب القبر وخرب المدينة.
۲ـ سنة ۲۳٦هـ أمر المتوكل بهدم قبر الحسين (عليه السلام) وهدم ما حوله من المنازل والدور وان يحرث ويبذر ويسقى موضع القبر ومن الاسباب التي دعت المتوكل الى القيام بهذا العمل ما نصه( دعا المتوكل في احدى ليالي سمره وشر به جارية له لتغني فلم يجدها وقد كانت خارجة لزيارة قبر الحسين(عليه السلام). في النصف من شعبان ۲۳٦هـ فاغتاظ المتوكل لذلك ولما رجعت الجارية من زيارتها استطلعت الخبر فَقَدِمَت الى مجلسه فسألها المتوكل عن سبب غيابها: قالت له خرجت مع مولاتي الى الحج فتعجب المتوكل وسألها أين حججتم في شعبان؟ قالت حججنا قبر الحسين(عليه السلام) في كربلاء فاستشاط المتوكل غضبا من كلامها وأرسل الى ابراهيم المعروف الديزج الذي كان يهودياً جديد العهد بالإسلام وأمره ان يجمع جماعة من اليهود ويسيروا الى كربلاء ويهدموا ويخربوا قبر الحسين (عليه السلام) علماً انه ما جرى على قبر الإمام الحسين (عليه السلام) جرى على قبر سيدنا ومولانا ابو الفضل العباس.
۳ـ سنة ۲٦۹ تعرض للعبث والسرقة من قبل ضبة الاسدي قال أرباب السِيّر أن ضبة كان أمير لعين التمر أغار على كربلاء ونهبها وحمل اهلها أسرى الى قلعة عين التمر(۱) فهجم عضد الدولة بجيشه على عين التمر وحاصر قلعتها مدة من الزمن فلم يشعر ضبة الا والعسكر محاصر قلعته فلم يفكر الا بالفرار والنجاة بنفسه وجواده من أعلى سور القلعة فحطم جواده ونجا بنفسه وولى هارباً فاستولى عضد الدولة على القلعة المذكورة وآخذ اهلها أسارى الى كربلاء.وارجع اهالي كربلاء الموجودين في اسر ضبة الى مدينتهم.الكامل لابن الاثير ج۷ ص۱٥۳.
٤ـ سنة ۸٥۸ تم تخريب المرقد من قبل علي بن فلاح من أُمراء دولة المشعشعين في الاهواز والحويزة ويلقبه صاحب الضوء اللأمع الخارجي (الشعشاع) ويدعوه غيره بالمولى علي وولي الأمر في أواخر أيام أبيه وحمل الناس على الاعتقاد بأن روح الإمام علي قد حلت فيه ثم أدعى الالوهية (الأعلام علي لزركلي٥ ص۱۷٥) وفي هذا العام المذكور دخل الروضة الحسينية بفرسه وأمر بكسر الصندوق الموضوع على القبر وجعل الروضة مطبخاً لطهي طعام جنوده وأعمل في أهلها السيف ونهب أموالها كما سلب كل ما كان في الروضتين المطهرتين من التحف الثمينة النادرة وكان قبلها عمل في النجف كما عمل في كربلاء وبعد أن استولى على كربلاء والنجف ولى هارباً الى البصرة لما علم بقدوم جيش عرمرم لمقاتلته بقيادة (بير بوداق) ثم خرج هارباً من البصرة الى أيران وفيها أصابه سهم من بعض الاتراك ومات سنة ۸٦۱هـ.
٥ ـ حادثة الوهابية وكانت هذه الحادثة سنة ۱۲۱٦هـ وتسمى بحادثة الطف الثانية وقد ذكر المستر لونكريك تفاصيل هذا الحادث المؤلم فقال: إذ انتشر خبر اقتراب الوهابين من كربلاء في عشية اليوم الثاني من نيسان عندما كان معظم سكان البلدة في النجف يقومون بالزيارة،فسارع من بقي في المدينة لاغلاق الابواب غير ان الوهابيين وقد قدروا بستمائة هجان واربعمائة فارس نزلوا فنصبوا خيامهم وقسموا قوتهم الى ثلاثة أقسام ومن ظل احد الخانات هاجموا اقرب باب من أبواب البلدة فتمكنوا من فتحه عسفا ودخلوا البلدة فدهش السكان وأصبحوا يفرون على غير هدى بل كيفما شاء خوفهم. اما الوهابيون الخُشن فقد شقوا طريقهم الى الأضرحة المقدسة وأخذوا يخربونها فاقتلعت القضب المعدنية والسياج ثم المرايا الجسيمة ونهبت النفائس والحاجات الثمينة من هدايا الباشوات وأمراء وملوك الفرس وكذلك سلبت زخارف الجدران وقلع ذهب السقوف وأخذت الشمعدانات والسجاد الفاخر والمعلقات الثمينة والأبواب المرصعة وجمع من هذا الضرب وقد سحبت جميعاً ونقلت الى الخارج وقتل زيادة على هذه الأفاعيل قرابة خمسين شخصاً بالقرب من الضريح وخمسمائة أيضا خارج الضريح في الصحن أما البلدة نفسها فقد عاث الغزاة المتوحشون فيها فساداًَ وتخريباً وقتلوا من دون رحمة جميع من صادفوه كما سرق كل دار ولم يرحموا الشيخ ولا الطفل ولم يحترموا النساء ولا الرجال فلم يسلم الكل من وحشيتهم ولا من اسرهم ولقد قَدر بعضهم عدد القتلى بألف نسمة وقدر الآخرون خمسة أضعاف ذلك.
*******
المصدر: موقع http://www.alrsool.com.