إنه الإقرار بين يدي الحسين (سلام الله عليه) والتصديق بشأنه العظيم. نعلن اعترافنا بمنزلة الحسين الإلهية السامية، وإيماننا به وبأهل بيته الطاهرين، الماضين شهداء الله تبارك وتعالى يعلّمون الناس اليقين.
نقول في السّلام عليه، فيما روي عن مولانا الامام الصادق (عليه السّلام): السّلام عليك يا ابا عبدالله، يا حسين بن علي، يا ابن رسول الله. السّلام عليك يا حجة الله وابن حجّته. أشهد انك عبدالله وأمينه، بلّغت ناصحاً وأدّيت أمينا، وقلت صادقاً، وقتلت صدّيقاً، فمضيت على يقين. لم تؤثر عمىّ على هدى، ولم تمل من حق الى باطل، ولم تحّب إلا الله وحده. فصلّى الله عليك وسلم تسليماً جزاك الله من صدّيق خيراً. أشهد أن الجهاد معك جهاد، وأنّ الحقّ معك وإليك، وأنت أهله ومعدنه، وميراث النبوة عندك وعند أهل بيتك. أشهد أنك قد بلّغت ونصحت ووفيت وجاهدت في سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، ومضيت للذي كنت عليه شهيداً ومستشهداً ومشهوداً، فصلّى الله عليه وسلّم تسليماً.
صوت من مصر القرن الرابع الهجري ينعى شهداء الله في كربلاء، ويدين القتلة الباغين، ويستنكر صمت المسلمين إزاء واقعة عاشوراء. إنه صوت تميم بن معدّ (المعزّ لدين الله) الفاطمي، في ترنيمة حزن (داليّة) القافية، يقول فيها:
ثوت لي أسلاف كرام بكربلا
هم لثغور المسلمين سداد
أصابتهم من عبد شمس عداوة
وعاجلهم بالناكثين حصاد
فكيف يلذ العيش عفواً وقد سطا
وجار على آل النبي زياد؟!
وقتلهم بغياً عبيد، وكادهم
يزيد بأنواع الشقاق، فبادوا
بثارات بدر قاتلوهم ومكّة
وكادوهم والحق ليس يكاد
فكم كربة في كربلاء شديدة
دهاهم بها للناكثين كياد!
كأنهم ارتدّوا ارتداد أميّة
وحادوا كما حادت ثمود وعاد!
تداس بأقدام العصاة جسومهم
وتدرسهم جرد هناك جياد!
تضيمهم بالقتل أمّة جدّهم
سفاهاً، وعن ماء الفرات تذاد
ولم يقبلوا حكم الدّعيّ، لأنّهم
تساموا وسادوا في المهود وقادوا
ألا كبد تفنى عليهم صبابة
فيقطر حزناً او يذوب فؤاد؟!
ألا مقلة تهمي؟! ألا أذن تعي؟!
أكلّ قلوب العالمين جماد؟!
أليس هم الهادين والعترة التي
بها انجاب شرك واضمحلّ فساد؟!
تساق على الارغام قسراً نساؤهم
سبايا.. إلى أرض الشام تقاد؟!
يعزّ على الزهراء ذلة زينب
وقتل حسين والقلوب شداد
وقرع يزيد بالقضيب لسنّه
لقد مجسوا أهل الشام وهادوا
قتلتم بني الإيمان والوحي والهدى
متى صحّ منكم في الإله مراد؟!
متى بعث الرّحمن منكم كجدّهم
نبياً... علت للحقّ منه زناد؟
متى كان يوماً صخركم كعليّهم
إذا عدّ إيمان، وعدّ جهاد؟
متى أصبحت هند كفاطمة الرّضى؟
متى قيس بالصبح المنير سواد؟
بكم أم بهم جاء القرآن مبشراً؟
بكم أم بهم دين الإله يشاد؟
سأبكيكم يا ساداتي بمدامع
غزار وحزن ليس عنه رقاد
سقى حفراً وارتكم وحوتكم
من المستهلات العذاب عهاد