في حياة المؤمن فرص قيمة ومحطات باهرة تنقله الى درجة عالية من درجات القرب، ينبغي للمؤمن أن يتفطّن لها ويدخل في رحابها، فإنّ الفرص تمرّ مرّ السحاب.
منا توفيق زيارة سيد الشهداء الامام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه).
عن أبي باب بياع السابريّ، قال: سمعت ابا عبد الله (الصادق) (عليه السّلام) وهو يقول: من أتى قبر الحسين (عليه السّلام) كتب الله له حجة وعمرة، او عمرة وحجّة.
قلت: جعلت فداك، فما أقول إذا أتيته؟
قال: تقول: السّلام عليك يا ابا عبد الله، السّلام عليك يا ابن رسول الله، السّلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حياً. اشهد انك حي شهيد ترزق عند ربّك.
وأتوالى وليّك وأبرأ من عدوّك. وأشهد أنّ الذين قاتلوك وانتهكوا حرمك ملعونون على لسان النبي الأمّي. أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وجاهدت في سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة. أسأل الله وليّك وولينّا أن يجعل تحفتنا من زيارتك، الصلاة على نبينا، والمغفرة لذنوبنا. إشفع لي يا ابن رسول الله عند ربّك.
بنبرة جهيرة يطلق دعبل الخزاعيّ (في القرن الثالث) صرخة عالية احتجاجاً على ما وقع من ظلم وجور على أهل البيت النبوي الطاهرين.
وكانت الصرخة على أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) أوسع مدى وأجهر في الخطاب، من صرخة دعبل هذه الابيات (الرائية) التي مطلعها:
تأسفت جارتي لما رأت زوري
وعدّت الشيب ذنباً غير مغتفر!
ويقول:
أخنى الزمان على أهلي فصدّعهم
تصدّع الشعب لاقى صدمة الحجر
أصبحت أخبر عن أهلي وعن ولدي
كحالم قصّ رؤيا بعد مدّكر
لولا تشاغل نفسي بالألى سلفوا
من أهل بيت رسول الله لم أقر
كم من ذراع لهم بالطفّ بائنة
وعارض بصعيد الترب منعفر!
أنسى الحسين ومسراهم لمقتله
وهم يقولون: هذا سيّد البشر؟!
يا أمّة السوء، ما جازيت أحمد عن
حسن البلاء على التنزيل والسّور
خلفتموه على الأبناء حين مضى
خلافة الذئب في أبقار ذي بقر
وليس حيّ من الاجياء نعلمه
من ذي يمان ومن بكر ومن مضر
إلاّ وهم شركاء في دمائهم
كما تشارك أيسار على جزر
قتلاً وأسراً وتحريقاً ومنهبة
فعل الغزاة بأهل الروم والخزر
ويرتفع صوت دعبل ايضاً في (سينية) تعلن الظلامة وتدين الظالمين:
جاءوا من الشام المشأم أهلها
للشؤم يقدم جندهم إبليس
لعنوا وقد لعنوا بقتل إمامهم
تركوه وهو مبضّع مخموس
وسبوا فواحزني بنات محمد
عبرى حواسر، ما لهنّ لبوس
تباً لكم! يا ويلكم .. أرضيتم
بالنار؟! ذلّ هنالك المحبوس
بعتم بدنيا غيركم جهلاً بكم
عزّ الحياة .. وإنه لنفيس
أخسر بها من بيعة أمويّة
لعنت وحظّ البائعين خسيس
بؤساً لمن بايعتم .. وكأنّني
بإمامكم وسط الجحيم حبيس
يا آل أحمد، ما لقيتم بعده
من عصبة هم بالقياس مجوس؟!
كم عبرة فاضت لكم، وتقطّعت
يوم الطفوف على الحسين نفوس!
مازلت متبعاً لكم ولأمركم
وعليه نفسي ما حييت أسوس