في حديث للامام الصادق(ع) حدّث به مسمع بن كردين حكى سلام الله عليه فيه من شأن زيارة الحسين عند الله تبارك وتعالى، خاصة إذا كانت في جوّ من الارهاب والتهديد والتخويف.
ثم بشر زوار الحسين صلوات الله عليه والمهمومين لظلامات أهل البيت، الاطهار، فقال:
وإنّ الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة ً لا تزال تلك الفرحة في قلبه، حتى يرد علينا الحوض. وإنّ الكوثر ليفرح بمحبتنا اذا ورد عليه.. حتى انه ليذيقه من من ضروب الطعام ِ مالا يشتهي أن يصدر عنه. يا مسمع، من شرب منه شربة ً لم يظمأ بعدها ابداً، ولم يشق َ بعدها ابداً... أما انك يا كردين ممن تُروى منه. وما من عين بكت لنا إلا ّ نعمت بالنظر الى الكوثر وسُقيت منه... وإنّ على الكوثر أمير المؤمنين عليه السلام.
عبد الحسين الازري ـ من شعراء القصيد الحسيني المتفجّع - ينظر في (لاميته) إلى الهمم العالية، والى آفاق الحياة العزيزة الكريمة التي اختطها سيد شباب اهل الجنة صلوات الله عليه:
عشْ في زمانك ما استطعت نبيلاً
واترك حديثك للرواة جميلاً
ولعِزك استرخص حياتك، فانه
أغلى ... وإلاّ غادرتك ذليلاً
فالعز مقياس الحياة، وضلِّ من
قد عدَّ مقياس الحياة الطولاً
قل: كيف عاش، ولا تقل: كم عاش من
جعل الحياة الى علاهُ سبيلاً
لا غرو إن طوت المنية ماجداً
كثرت محاسنه، وعاش قليلاً
ما كان للاحرار إلا ّ قدوة
بطل توسَّد في الطفوف قتيلاً
بعثته اسفار الحقائق آية
لا تقبل التفسير والتأويلاً
مازال يقرؤها الزمان مُعظماً
من شأنها، ويزيدها ترتيلاً
خشيت أمية أن تزعزع عرشها
والعرش لولاك استقام طويلاً
بثوا دعايتهم لحربك، وافترى
الـمستأجرون بما ادعوا تضليلاً
من أين تأمن منك أروس معشر ٍ
حسبتك سيفاً فوقها مسلولاً؟!
قطعوا الطريق ـ لذا ـ عليك وألبوا
من كلِّ فجّ ٍ عُصبة وقبيلاً
وهناك آل الامر: إما سلة
إو ذلة... فأبيتَ الا الاولى
ومشيت مشية مطمئن ٍ، حينما
أزمعت عن هذي الحياة رحيلاً
تستقبل البيض الصفاح، كأنها
وفد يؤمِّل من نداك منيلاً
فكان موقفك الأبي رسالة
وبها كأنك قد بُعثت رسولاً
نهج الاباة على هداك، ولم تزل
لهم مثالاً في الحياة نبيلاً
وتعشَّق الاحرارُ سنتك التي
لم تُبق عذراً للشجا مقبولاً
قتلوك للدنيا... ولكن لم تدُمْ
لبني امية بعد قتلك جيلاً
ولربَّ نصر عاد شرَّ هزيمة ٍ
تركت بيوت الظالمين طلولاً!
حملت بصفين الكتاب رماحهم
ليكون راسك بعدها محمولاً
يدعون بأسم محمد ٍ.. وبكربلا
دمه غداً بسيوفهم مطلولا
لو لم تبت لنصالهم نهباً ... لما
اجترأ (الوليد) فمزّق التنزيلاً
تمضي الدهور، ولا ترى إلاّكَ
في الدنيا شهيد المكرمات جليلاً
وكفاك تعظيماً لشاؤك موقف
أمسى عليه مدى الحياة دليلاً
بسمائك الشعراء مهما حلقوا
لم يبلغوا من ألف ميل ٍ ميلاً