يظل مزار سيد الشهداء الحسين بن علي(ع) منارا للتوحيد، وملاذا ً لاهل الايمان، وملجأ لاصحاب الضُّر والبلوى ؛ فالحسين سلام الله عليه مصباح الهدى وسفينة النجاة، وهو زين السموات والارض، كما قال جده رسول الله(ص).
وقد تحدث مولانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام عن مستقبل المزار الحسيني في كربلاء، بما هو بُشرى لاهل الولاية والايمان... فقال فيما رواه الامام علي بن موسى الرضا(ع): كأني بالقصور (اي الدُّور) قد شُّيدت حول قبر الحسين، وكأني بالمحامل تخرج من الكوفة الى قبر الحسين، ولا تذهب الليالي والايام حتى يُسار اليه من الآفاق، وذلك عند انقطاع مُلك بني مروان.
كان هذا انباء أمير المؤمنين(ع)... ولقد شهد التاريخ ما جرى على مزار سيد الشهداء من عمارة اخذت تتسع بأستمرار.
هذه الرؤية الشعرية لملحمة كربلاء.. صدرت من علي بن الحسين الحلي ّ الشفهيني، في القرن الثامن الهجري.
يبدأ الشفهيني رؤيته بمشهد محاورة بين الامام الحسين(ع) وأصحابه ليلة عاشوراء.. وقد أذن لهم بالانصراف والنجاة من القتل.. فماذا كان موقف هؤلاء الاصحاب الكربلائيين؟
قتيل بكت حزنا ً عليه سماؤها
وصُّب لها دمع عليه همول
أأنسى حسيناً للسهام رميّة
وخيل العدى بغيا ًعليه تجول؟!
أأنساه إذا ضاقت به الارض مذهبا ً
يُشير الى انصاره ِ... ويقول:
أعيذكم بالله أن تردوا الردى
ويطمع في نفس العزيز ذليلُ
ألا... فاذهبوا فالليل قد مدَّ سجفه
وقد وضَحت للسالكين سبيل ُ
فثاب اليه قائلاً كلُّ أقيل ٍ
نمته الى ازكى الفروع اصولُ
يقولون، والسُّمرُ اللدان شوارع
وللبيض من وقع الصِّفاح صليل:
أنُسلم مولانا وحيداً الى العدى
وتسلم ُ فتيان لنا وكهول؟!
ونعدل خوف الموت عن منهج الهدى
وأني عن العدل الكريم عُدولُ؟!
نود بان تبلى ونُنشر للبلى
مرارا ً... ولسنا عن عُلاك نحولُ
وثاروا لأخذ الثأر قُدما، كأنهم
أسود لها دون العرين شبول ُ
أدلتها في الليل أضواء نورها
وفي النقع أضواء السيوف دليلُ
حسينٌ أخو المجد المنيف، ومن له
فخار - إذا عُدّ الفخارُ - أثيل ُ
يرى الموت لا يخشاه، والنبل واقعٌ
ولا يختشي وقع النِّبال ِ بنبيل ُ
له من عليّ في الحروب شجاعة ٌ
ومن أحمدٍ عند الخطابة قيل ُ
اذا شَمَخَت في ذروة المجد هاشمٌ
فعمّاه منها جعفرٌ وعقيل ُ
كفاه علوّاً في البرية أنّهُ
لأحمد والطهر البتول سليلُ
فما كلُّ جدّ ٍ في الرجال محمد ٌ
ولا كلُّ أمّ ٍ في النساء بتولُ
بنفسي وأهلي عافر الخد حوله
لدى لطف من آل الرسول قبيلُ
كأن حسينا ً فيهم بدرُ هالة ٍ
كواكبها حول السِّماك حُلول ُ
قضى ظامئا ً والماء طام تصدّهُ
شرار الورى عن ورده وتحول
مُصابٌ أصيب الدين منه بفادح ٍ
تكاد له شُمُّ الجبال تزول ُ