البث المباشر

شرح فقرة: ومن ارادني بسوء ... من منازعٍ في دنيا أو حاسد علي في نعمة

السبت 14 سبتمبر 2019 - 08:15 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "ومن ارادني بسوء ... من منازعٍ في دنيا أو حاسد علي في نعمة" من دعاء عالي المضامين.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة وما تتضمنه من انماط المعرفة في مختلف الميادين، وقد حدثناك عن احدها وهو الدعاء الخاص بقراءته بعد زيارة الائمة عليهم السلام، حيث قدمنا سلسلة من مقاطعه وانتهينا الى احدها وهو التوسل بالله تعالى بان يقبض عنا يد الشيطان، والسلطان والمخالف، اولئك جميعاً حدثناك عنها في لقاءات سابقة وبقي ان نحدثك عن سائر ما ورد في مقطع الدعاء من التوسل بالله تعالى بان يدفع عنا شرور الانماط الاخرى من البشر، ومنهم المنازع لنا في الدنيا والحاسد والسؤال الان هو ما المقصود اولاً من الاشخاص الذين ينازعوننا في دنيانا؟ 
من الواضح ان من ينازعنا في الدين حينئذ فان وظيفتنا هي الرد عليه والتوسل بالله تعالى بان يكفينا شر امثلة هذه العدد، ولكن من ينازعنا في دنيانا ماذا ستكون مواقفنا حياله؟ الدعاء يقول بما مؤداه اللهم اكفنا شره او اقبض يده بيد ان المهم هو معرفة ما نستلهمه من عبارة الدنيا؟ 
الجواب هو: ان الدنيا بدورها تحتاج الى من يكفيها وفق ما تطلبه الموقف، فالمرض والفقر ومن يتربص بنا سوءاً من مختلف طبقات الناس يحتاج الى معالجته فلو افترضنا ان احد الاشخاص ينازعنا في وظيفتنا الادارية او تجارتنا او اموالنا بغير حق، حينئذ فمن الممكن ان نتنازل عن ذلك، ولكن اذا كان تنازلنا يشجع عدونا او يحمله على الالحاح في ظلمه عندئذ فان العقل يفرض علينا ايقاف الرجل عند حده، بالاضافة الى ان مجرد منازعته ما دامت نكشف عن العداوة، فان العداوة ذاتها امر لا يحتمله الانسان عادة.
اذن في الحالات جميعاً يظل الموضوع المرتبط بمنازعة الاخرين امراً مهدداً لاستقرار الشخصية وامنها كما هو واضح، مما يفسر لنا سبب اشارة الدعاء الى هذا الجانب.
بعد ذلك يأتي دور الحاسد علينا في نعمة وهو موضوع له اهميته في ميدان الاستقرار والامن لدى الشخصية المحسودة، ان الحسد كما ورد في القرآن الكريم امرنا الله تعالى ان نتعوذ منه ومن شره، كما ان الاحاديث المتنوعة التي تشير الى مفهوم الحسد وآثاره وانعكاساته تظل من الوفرة بمكان مما يكشف هذا عما يترتب عليه من الاضرار، ان الحاسد اذا لم يستعمل حسده بيده او كلامه فان مجرد حمله لهذه النزعة تترك اثرها على المحسود ولذلك طلب منا الله تعالى ان نقول أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ الى قوله تعالى وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، ان اثر الحاسد من حيث انعكاسات اشعته الحاسدة يظل من الموضوعات التي لم يتناولها الشرع فحسب، بل ان المعرفة البشرية من خلال تجاربها العلمية لحسن الحظ استطاعت ان تقر بما ورد في الشرع من الحذر من الحاسد وشروره، والمهم مقطع الدعاء اشار الى هذا الجانب المهم وتوسل بالله تعالى ان يقبض عنا يد الحاسد.
الموضوع الاخر الذي طرحه مقطع الدعاء وتوسل بالله تعالى بان يقبض عنا يد فاعله هو الظلم كما اتبعه مقطع الدعاء بظاهرة اخرى هي الباغي حيث قال: او ظالم او باغ، فاقبض عني يده، واصرف عني كيده، واشغله عني بنفسه، واكفني شره، والان بما ان ظاهرة او مصطلح الظلم يأتلف مع مصطلح البغي من جانب ويفترقان في دلالتهما من جانب آخر لذلك يحسن بنا ان نحدثك عن الفارق بين الظلم والبغي وان نبين بدورنا النقاط المشتركة بينهما وهو امر يتطلب تفصيلات نحسب بانها لا تتناسب مع محدودية المجال الان لذلك نؤجل الحديث عن ذلك الى لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يكفينا شرور الاعداء من مختلف انماطهم وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة