البث المباشر

من دعاء عالي المضامين.. شرح فقرة "اللهم وتحميه من الريب والشك والفساد والشرك"

الأحد 8 سبتمبر 2019 - 10:01 بتوقيت طهران
من دعاء عالي المضامين..  شرح فقرة "اللهم وتحميه من الريب والشك والفساد والشرك"

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اللهم... وتحميه من الريب والشك والفساد والشرك " من دعاء عالي المضامين.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بأنه ذو مضمونات عالية، حيث خصص لقراءته بعد زيارة الائمة عليهم السلام، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الان عن احد مقاطعه المتوسلة بالله تعالى ان يقضي حاجات عبده، ومنها ان يحميه الله تعالى من هذه السمات الاربع، حيث يقول متوجهاً الى الله تعالى (وتحميه من الريب والشك والفساد والشرك)، ان هذه السلبيات الاربعة من السلوك تتصل بالبعد العبادي والنفسي والفعلي، وهذا ما نحاول اضاءته من خلال ما يأتي ...
ان الريب والشك هما ظاهرتان نفسيتان قبل ان تكونا ظاهرتين عبادتين كيف ذلك؟
قبل ان نجيبك عن السؤال المتقدم نوضح عن الفارق اولاً بين الريب والشك فنقول: الريب كما يقول اللغويون هو سلوك يصدر عن الشخص في حالة ما اذا كان متردداً في قبول كلام الآخر ويقترن عادة بالقاء التهمة على الشخص ويستشهد اللغويون بالقرآن الكريم في توضيح هذا الجانب بالآية المباركة القائلة: «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا».
واما الشك فهو التردد بين امرين حيث لا يرسو صاحبه على يقين بهذا الموضوع او ذاك، أي يتساوى طرفا الموضوع فلا يمتلك يقيناً بالايمان ولكن بضده بل يعيش التوتر بينهما.
من هنا قلنا ان الشك والريب ظاهرتان نفسيتان تنسحبان على مطلق سلوك الانسان، فكما يشك الشخص مثلاً في صديقه او قريبه في اخلاصهما او خيانتهما مع ان الموقف لا يستدعي مثل هذا الشك ولكن الاضطراب النفسي الذي يحياه الفرد يجعله شاكاً فيما لا مجال للشك فيه، وهذا الشك النفسي ينسحب على الشخص في تعامله مع الدين، حيث لا يمتلك يقيناً بمشروعية ما هو حق فعلاً الا وهو الايمان بالله تعالى.
اذن الشك والريب ظاهرتان نفسيتان في الاصل، لذلك توسل قارئ الدعاء بالا يكون في شك وفي ريب من امور دينه، او بالاحرى ان قارئ الدعاء يستخلص بان التوسل بالله تعالى بان يحميه من الشك والريب انما يعني بذلك تخلصه منهما نفسياً وعبادياً.
تبقى بعد ذلك سمتان هما الفساد والشرك وهما ظاهرتان تنعكسان على العمل العبادي في الغالب وان كان الفساد يحتل نمطين من السلوك، السلوك العبادي والنفسي لان الظلم مثلاً هو فساد في الارض والظالم من الزاوية النفسية هو شخصية عدوانية ومن الزاوية العبادية شخصية تلحق الضرر بالاخر، وهذا حرام بطبيعة الحال.
يبقى ان نحدثك عن مفهوم الشرك هنا نعلم يقيناً بان قارئ الدعاء طبعاً لا يشرك بالله تعالى لذلك فان الشرك هنا يحمل دلالة ثانوية، وقد اشار الائمة عليهم السلام الى ان الكثير من سلوك الناس هو شرك بمعنى من المعاني، فمثلاً ورد تأكيد منهم عليهم السلام بان من عمل عملاً لله تعالى كما لو مارس وظيفة ثقافية من خلال التأليف او التلفزة ولكنه اشرك رضى غير الله تعالى في ذلك كما لو اراد ان يكتسب شهرة من وراء كتابته او ظهوره على شاشة التلفزة حينئذ يعد مشركاً لانه اشرك رضى الجمهور مع رضاه تعالى في عمله الثقافي المذكور.
اذن امكننا ان نتبين النكات الكامنة وراء التوسل بالله تعالى بان يحمي عبده من الريب والشك والفساد والشرك سائلين الله تعالى ان يحقق لنا ذلك، وان يوفقنا الى طاعته والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة