نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها الدعاء الخاص بقراءته بعد زيارة اي من الائمة المعصومين عليهم السلام وقد اطلق عليه مصطلح (عالي المضامين)، اي الدعاء ذا المضمونات العالية وقد حدثناك عن مقاطعه الاستهلالية وانتهينا من ذلك الى مقطع يقول عن الائمة عليهم السلام في التوجه الى الله (الذين جعلتهم الوسيلة الى رحمتك، ورضوانك، والذريعة الى رأفتك وغفرانك).
هذا المقطع يتألف كما تلاحظ من عبارتين تتناولان موضوعاً واحداً هو التوجه الى الله تعالى بانجاز الحاجات لصاحب الدعاء وذلك بجعل الائمة عليهم السلام وسائط في ذلك.
غير ان ما نتوقعه منك ان تتساءل قائلاً الموضوع هو وساطة الائمة عليهم السلام في تحقيق اهداف قارئ الدعاء لذلك فان ورود العبارتين المتماثلتين وهما ان الائمة عليهم السلام هم الوسيلة الى رحمة الله تعالى، وهم الذريعة الى رضوانه.
ترى ما هي النكات الكامنة وراء هذه الظاهرة؟
العبارة الاولى: تقول بان الائمة عليهم السلام هم الوسيلة.
والعبارة الثانية: تقول هم الذريعة فما الفارق بينهما؟ هذا سؤال ...
وسؤال آخر العبارة الاولى تقول ان الائمة وسيلة الى الرحمة بينما تقول الثانية انهم الذريعة الى مرضاته تعالى فما هو الفارق بينهما؟
اننا دأبنا على امثلة هذه الاسئلة ونطلب منك الا تمل منها لانها الصيغة الاكثر كمالاً في قضية الدعاء فما دمت لم تفقه اسرار العبارة التي تنطق بها فان الله تعالى لا يحقق لك هدفك ما دمت غافلاً عن ذلك.
اذن لنتحدث عن هذا الجانب ونقول اولاً ما هو الفارق بين ان تقول الائمة وسيلة والائمة عليهم السلام ذريعة؟
الجواب هو: ان الوسيلة هي الواسطة التي تتوسط بينك وبين الله تعالى في تحقيق هدفك.
واما الذريعة فهي السبب في ذلك هنا قد تسأل فتقول ما الفارق بين الواسطة وبين السبب؟
اي ما هو الفارق بين ان تقول ان الامام(ع) هو الواسطة بين الله تعالى وعبده او انه هو السبب في ذلك!! الجواب ان الفرق لدقيق جداً ونجو منك الانتباه على ذلك.
الوسيلة هي ان تخاطب الامام(ع) مثلاً انك واسطتي الى الله تعالى، واما الذريعة فتقول ان الله تعالى جعل الامام(ع) سبباً في قضاء الحاجات فالفارق هنا هو انك ستدرك بان الامام ما دام سبباً قد جعله الله تعالى لاستجابة الدعاء، حينئذ فان جعله وسيلة الى الله تعالى يحقق الاستجابة المذكورة.
ولذلك تجد ان العبارة الاولى القائلة بان الله تعالى هو وسيلة قد جعلت ذلك وساطة الى رحمته تعالى، بصفة ان المتوسل بالله تعالى بان يشفع ويتوسط لك الامام في ذلك، فهذا يعني ان الرحمة ستنزل عليك ما دام الشفيع هو الامام(ع).
اما الذريعة فمعناها السبب ولذلك تقول العبارة بان الامام(ع) هو ذريعة الى مرضاته تعالى فالرضى من الله تعالى غير الرحمة لان الرضى هو عدم ترتيب الاثر على سلوك العبد، ورد في النص القرآني الكريم بان المؤمنين رضى الله تعالى عنهم ورضوا عنه، بينما الرحمة هي ان يرحم تعالى عبده، ويشفق عليه حتى لو لم يكن جديراً بذلك لان الرحمة تشمل المؤمن وغيره، كما هو واضح.
اذن اتضح لنا مدى الفارق بين العبارة القائلة في الدعاء بان الله تعالى جعل الامام(ع) وسيلة الى رحمته وبين العبارة القائلة بان الله تعالى جعل الامام(ع) ذريعة الى مرضاته.
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً هو (اللهم واول حاجتي اليك ان تغفر لي ما سلف من ذنوبي على كثرتها وان تعصمني فيما بقي من عمري)، هذه الفقرات على صلة ـ كما نلاحظ ـ بما سبق ان شرحناه والمهم هو بعد ذلك ان نحلل ونوضح ما تنطوي عليه العبارات المتقدمة وهذا ما سنؤجله الى لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى طاعته والتصاعد باعمالنا العبادية جميعاً الى النحو المطلوب.
*******