ولد بن سينا في قرية فارسية قرب بخارى من أب من مدينة بلخ اسمه عبدالله وأم قروية تدعى "ستارة"، سنة 370هـ (359ش).
حوى بن سينا جميع علوم عصره وأبدع فيها، مؤلفاته ليس لها عدد معروف لأن الذي وصل إلينا منها قليل وكتبه ما زالت من المراجع العالمية الموثوقة، تلقى علومه على يد والده الذي كان أحد المشايخ آنذاك، إذ كان يحضر ابن سينا مجالس والده مع العلماء وهو في العاشرة من عمره.
كان ابن سينا عالما وفيلسوفا وطبيبا وشاعرا، ولُقِّب بالشيخ الرئيس والمعلم الثالث بعد أرسطو والفارابي، كما عرف بأمير الأطباء وأرسطو الإسلام، وكان سابقا لعصره في مجالات فكرية عديدة، ولم يصرفه اشتغاله بالعلم عن المشاركة في الحياة العامة في عصره؛ فقد تعايش مع مشكلات مجتمعه، وتفاعل مع ما يموج به من اتجاهات فكرية، وشارك في صنع نهضته العلمية والحضارية.
وكان هذا الفيلسوف حاد الذكاء، متوقد الذهن، يلتهم العلم التهاما، فقد تعلم القرآن وهو لا يزال فتى يافعا، ثم تعلم حساب الهند، واشتغل في الفقه والمنطق والعلوم الأخرى، حتى قال هو عن نفسه: "وصارت أبواب العلوم تتفتح علي، ثم رغبت في علم الطب، وصرت أقرأ الكتب المصنفة فيه، وعلم الطب ليس من الأمور الصعبة، فلا جرم أني برزت فيه في أقل مدة، وتعهدت المرضى، فانفتح علي من أبواب المعالجات من التجربة ما لا يوصف".
بعض ما توصل إليه بن سينا:
ـ يعتبر بن سينا الطبيب الأول الذي أكتشف أن الهواء الفاسد ينقل الأمراض، فقال: "إن فيه مواد تؤدي الى نقل الأمراض"، والتي عُرفت بالجراثيم في العصر الحديث.
ـ تعمق في دراسة بعض الأمراض مثل السل الرئوي، والشلل الدماغي، والتهاب السحايا، والسكتة الدماغية.
ـ استطاع التمييز بين مغص المثانة والمغص الكلوي، وطرق استخراج الحصاة لكل منهما.
ـ شرح عمل العضلات الخاصة بالعين بشكل يشبه ما توصل اليه الطب في العصر الحديث.
ـ أول من وصف التهاب غشاء الجنب، وميزه عن الخراج الذي يصيب الكبد، كما ميزه عن التهاب الرئة.
ـ أول من وصف التهاب السحايا الحاد، وميزه عن التهابات السحايا الأخرى.
ـ أول من استطاع التمييز بين اليرقان الناتج عن انسداد القناة الصفراء، واليرقان الذي يصيب الكريات الدموية.
ـ يعد من الذين اهتموا بالعلاج النفسي لمرضاه، وأثره في شفائهم من آلام الأعصاب.
وكشف بن سينا لأول مرة؛ طرق العدوى لبعض الأمراض المعدية كالجدري والحصبة، وقال إنها تنتقل عن طريق بعض الكائنات الحية في الماء والهواء، وقال: "إن الماء يحتوي على حيوانات صغيرة جدا لا ترى بالعين المجردة" ـ فهو إذن أول من اكتشف الجراثيم ـ وهي التي تسبب بعض الأمراض، وهذا ما أكده فان ليفنهوك في القرن الثامن عشر بعد اختراعه المجهر ورؤيته للأحياء المجهرية".
وهاجم ابن سينا المنجمين ودحض الأساطير والخرافات وكتب بتصحيح كثيرٍ من الأفكار التي كانت سائدةً في عصره كل هذا النبوغ لابن سينا وهو شابٌ يافعٌ لم يتجاوز الثلاثين عاماً من عمره، إذ إنه قاد ثورة علمية بمختلف نواحي الحياة مما خلق له أعداء كثر واستغلوا بعض أفكاره الفلسفية الخلاقّة واتهموه بالكفر والزندقة والإلحاد، وكان يرد عليهم بالقول ( إيماني بالله لا يتزعزع ولو كنت كافراً فليس ثمة مسلم حقيقي واحد على سطح الأرض ) وكان الحاقدين والحاسدين يوقعون بينه وبين الحكّام حتى أنه حبس وعذّب، وأخيراً هرب إلى أحد أصدقائه وأصابه المرض وتوفي بسبب هذا المرض وهو ما زال في ريعان الشباب اذ لم يتجاوزه عمره الخمسون عاماً ودفن في مدينة همدان الإيرانية.