البث المباشر

شرح فقرة: " أنت يا رب، الذي تكشف الضر، ..."

السبت 3 أغسطس 2019 - 11:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " أنت يا رب، الذي تكشف الضر " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

 

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ والصلاة والسلام علي أبواب الرحمة ومعادن الحكمة سيد المرسلين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين ورحمة الله وبركاته؛ معكم أيها الأحبة في لقاء جديد علي مائدة أدعية أهل بيت الرحمة (عليهم السلام) وهي كما وصفها أهل المعرفة مناهل العرفان وكنوز أهل الإيمان. نتابع في هذا اللقاء استلهام دروس الحياة الطيبة من دعاء مولانا الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في عصر الغيبة الموسوم بدعاء المعرفة، وقد انتهينا إلي مقطع يتوجه فيه المؤمن إلي ربه الكريم قائلاً: (أنت يا رب، الذي تكشف الضُّرّ، وتجيب المضطر إذا دعاك، وتنجي مِنَ الْكَرْبِ، فاكشف الضُّرّ عن وليك، واجعله خليفتك في أرضك، كما ضمنت له، ... يا أرحم الراحمين).
مستمعينا الأفاضل، في الفقرة الأولي من هذا المقطع إشارة ضمنية إلي قصة النبي أيوب – علي نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام –، فهو الذي حكي القرآن الكريم عنه طلبه من الله عزوجل أن يكشف عنه الضُّرّ فكشفه الله عنه، كما يشير لذلك قوله عزوجل في الآيتين ۸۳ و۸٤ من سورة الأنبياء: «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ».
كما أن الآيات الكريمة تحصر كشف الضُّرّ بالله وبإرادته تبارك وتعالي، قال في الآية ٥٦ من سورة الإسراء: «قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً».
وقال عزوجل في الآية ۱۷ من سورة الأنعام: «وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». 
أيها الإخوة والأخوات، كما أن الفقرة الثانية أيضاً مستلهمة من القرآن الكريم، قال عزوجل في الآية ٦۲ من سورة يونس: «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ». 
وقد روي في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) تطبيق هذه الآية علي المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) وتخبر عن أنه هوالْمُضْطَرَّ الذي إذا دعا الله عزوجل بالفرج فرج عنه وأظهر أمره، وفي ذلك إشارة إلي كونه أوضح مصاديق (الْمُضْطَرَّ) الذي يدعو الله عزوجل لكشف الضُّرُّ عند الإضطرار.
مستمعينا الأكارم، أما فقرة: (وتنجي مِنَ الْكَرْبِ)، فهي أيضاً أعزائنا مقتبسة من القرآن الكريم، ففي سورة الأنبياء الآيتين ۷٦ و۷۷ قال عز من قائل: «وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ، وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ». 
واستخدم التعبير نفسه بشأن نوح (عليه السلام) في سورة الصافات الآية ۷٦ و۷۷ حيث قال: «وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ، وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ». 
والمورد الآخر الذي استخدم القرآن الكريم هذا التعبير هو ما جاء في حكاية قصة كليم الله موسي – عليه السلام-، فقال تبارك وتعالي في الآيات ۱۱۳ إلي ۱۱٦ من سورة الصافات: «وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ، وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ، وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ».
أيها الإخوة والأخوات، كما لاحظتم فإن الدعاء يعلمنا أن نتوجه إلي الله عزوجل بثلاثة من أسمائه المستلهمة من القرآن الكريم هي: كاشف الضُّرّ ومجيب المضطر والمنجي مِنَ الْكَرْبِ، وقد لاحظنا أن هذه الأسماء قد ذكرها القرآن الكريم في قصص ثلاث من الأنبياء (عليهم السلام) فهو الله الذي كشف من أيوب ضر البلاء الطويل الذي أصابه ودفعه عنه، وهو عزوجل الذي أنجي عبده نوحاً وكليمه موسي وأخاه مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم وأغرق أعدائهم ونصرهم عليهم فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ.
والداعي هنا يسأل الله بهذه الأسماء لكي يطلب منه إجراء مثل هذه السنن في تعامله مع وليه وخليفته المهدي فيكشف عنه ضر البلاء الطويل المستمر طوال الغيبة وينجيه مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم المتمثل بتحمل حاكمية الطواغيت والظالمين الذين أمهلهم الله فملأوا الأرض ظلماً وجوراً وأفسدوا في البلاد وسفكوا الدماء، إذن فالضُّرّ والْكَرْبِ المشار إليهما هنا يرتبطان بحالة الظلم والجور العامة، فطلب كشفها عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) إنما هو دعاء للبشرية جمعاء بكشف الضُّرّ عنها وإنقاذها مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم.
إنتهي أحبائنا مستمعي إذاعة طهران لقاء اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة) شكراً لحسن الإصغاءكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة