البث المباشر

شرح فقرة: "وأقم به الحدود المعطلة والأحكام المهملة، ..."

السبت 3 أغسطس 2019 - 10:09 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وأقم به الحدود المعطلة والأحكام المهملة " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

 

بسم الله ولله الحمد غياث المستغيثين وموضع حاجات الطالبين، والصلاة والسلام على الوسيلة الى رحمته ورضوانه كنوز رحمته للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أحبتنا ورحمة الله وبركاته تحية مباركة طيبة نهديها لكم وندعوكم بها لمرافقتنا في لقاء اليوم من هذا البرنامج نستلهم فيه دروس الحياة الكريمة الطيبة من عبارات أخرى من المقطع الذي إنتهينا إليه من دعاء المعرفة الجليل الذي أمرنا إمام زماننا المهدي بتلاوته في عصر غيبته (عجل الله فرجه)، وهذا المقطع هو الذي نتوجه فيه الى الله عزوجل قائلين: (اللهم وأحي بوليك القرآن، وأرنا نوره سَرْمَداً لا ظلمة فيه، وأحي به القلوب الميتة، وإشف به الصدور الوغرة، واجمع به الأهواء المختلفة على الحق، وأقم به الحدود المعطلة والأحكام المهملة، حتى لا يبقى حق إلا ظهر، ولا عدلٌ إلا زهر، يا أرحم الراحمين).
أعزاءنا المستمعين، تحدثنا في حلقاتٍ سابقة عن الدروس المستفادة من العبارات الخمس الأولى من المقطع المتقدم، ونتأمل في هذا اللقاء، بالعبارة السادسة وهي: (وأقم به الحدود المعطلة)، فما الذي نستفيده منها؟
ما نطلبه من الله عزوجل في هذه العبارة هو أن يقيم بيد وليه وخليفته المهدي الموعود (عجل الله فرجه) الحدود الشرعية المعطلة، وهذا الطلب يتضمن الدعاء بتعجيل ظهور المهدي المنتظر لأن إقامة الحدود الشرعية على وفق الصورة التي أرادها الله عزوجل لا يتحقق إلا في ظل حكومة الإمام المعصوم (عليه السلام).
روى ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام) حديثاً طويلاً ذكر فيه بعض مظاهر عدالة جده الإمام علي (عليه السلام) في حكومته ثم قال (عليه السلام) في نهاية الحديث: ( ...لا والله ما بقيت لله حرمة إلا إنتهكت، ولا عمل بكِتَابِ اللَّهِ ولا سنة نبيه في هذا العالم، ولا أقيم في هذا الخلق حدٌّ منذ قبض الله أميرالمؤمنين (عليه السلام) ولا عمل بشيءٍ من الحق الى يوم الناس هذا...).
ثم بشر الإمام الصادق (عليه السلام) بأقامة الله للحدود في عهد دولة المهدي الموعود (عجل الله فرجه) حيث قال: (أما والله، لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيى الله الموتى ويميت الأحياء ويرد الله الحق الى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه وبنبيه (صلى الله عليه وآله)).
مستمعينا الأفاضل، نجد في كلام إمامنا الصادق (عليه السلام) توضيحاً للعبارة المتقدمة من دعاء عصر الغيبة وكذلك العبارة التالية التي تتضمن إقامة الأحكام المهملة أيضاً.
فمولانا الإمام الصادق (عليه السلام) يبين لنا أن تعطيل حدود الله المشار إليه في الدعاء ليس المقصود منه التعطيل الظاهري، لأنّ كثيراً من الحدود الشرعية أقيمت في ظل حكومات بني أمية وبني العباس ونظائرها، بل المراد هو التعطيل الحقيقي لحدود الله، فحدود الله معطلة في الواقع منذ إستشهاد الإمام أميرالمؤمنين (سلام الله عليه)، لأن الحدود التي أقيمت ظاهرياً كانت في ظل حكومات غاصبة للحق أولاً، وبالتالي فالمقيم لها ليس الله عزوجل لأن إقامة الحد تنسب الى الله عزوجل عندما يكون المنافذ لها هو ولي الله الإمام المعصوم لكونه (عليه السلام) هو خليفة الله المأذون من قبله عزوجل بأقامة الحدود، هذا أولاً، وثانياً لأن تلك الحدود الشرعية المقامة في ظل الحكومات الظالمة وغير الشرعية لا تتوفر فيها الشروط الشرعية التي يريدها الله عزوجل، لأن الإمام المعصوم هو وحده القادر على إقامة الحدود الشرعية على وفق ما يرتضيه الله عزوجل، لكونه (عليه السلام) العارف بجميع ملابسات هذه الحدود وشروطها.
مستمعينا الأكارم، اذن، فالذي نطلبه من الله عزوجل في العبارة المتقدمة من دعاء المعرفة هو أن يعجل في ظهور خليفته المهدي الموعود (سلام الله عليه) لكي يقيم حدود الله بالصورة التي ارتضاها لعباده بحيث لا يبقى حق إلا ظهر ولا عدلٌ إلا زهر كما ورد في نهاية المقطع الذي يشتمل على هذه العبارة.
وهذا يعني إقامة الحدود الإلهية بصورة شاملة تشمل جميع الحدود وتراعي إعادة جميع الحقوق لأصحابها، وهذا ما نستفيده من الدعاء عندما يقرن طلب إقامة الحدود المعطلة بأقامة الأحكام المهملة، أي ما غيبّه أئمة الظلم والجور والضلالة من الأحكام الإلهية لكونها تضرب مصالحهم لأن فيها نصرة للمظلومين ومعاقبة للظالمين سواء كانوا من الحكام أو أصحاب النفوذ والثروة ونظائرهم.
وبأقامة الحدود المعطلة مع الأحكام المهملة هذه تتحقق النتيجة المذكورة في تتمة الفقرة وهي: (حتى لا يبقى حقٌ إلا ظهر ولا عدل إلا زهر).
نسأل الله تبارك وتعالى أن يعجل في ظهور مولانا المهدي الموعود لكي ينتصف للمظلومين من ظالميهم ويقود البشرية جمعاء الى ساحل الأمن والعدل والحياة الكريمة إنه سميع مجيب وبهذا ننهي اعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران لقاء اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة)، دمتم في رعايته سالمين وآخر دعوانا عن الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة