وعقباه جناح للنجاح
به يلقى الضريع الصرف شهداً
جناح المجد من زاكي اللقاح
تسامت فيه آل الله قدماً
بسوق النفس في سوق الرباح
ولولاه ما فازت كرام
بحسن الذكر في يوم الكفاح
قد اختاره فاشتاروه لما
صت عنه زائم بالجماح
بناة المجد في السبع البطاح
إذا ضاق الخناق لدى زحام
تراءوا جده مرأى مزاح
وإن نادتهم الهيجا أجابوا
نداء الداع بالغرر الصباح
به امتاز المراض من الصحاح
به نال المعلى من قداح
كما أدى له حقاً عظيماً
نبت عنه سماة أولى السماح
كزين العابدين فتى الصلاح
له صوم الهجير أجل عيد
وجنح الليل مصباح الصباح
له الشرف الأثيل بكل جيل
وعنه المدنسات بمنتزاح
له الأذكار والدعوات أهنى
ورود في غبوق واصطباح
له الصبر الجميل بكر رزؤ
تطيش به الحلوم لدى الكلاح
حلا من جوده جيد العالي
كما تحلو الغواني بالوشاح
وليس لغيره رزؤ كجزؤ
اصاب علاه في كل النواحي
على أن ليس عدل من أبيه
بمقتله الشنيع المستباح
على أن ليس عدل من أخيه
على ذي الكرامات الصراح
على أن ليس عدل من عموم
سموا مجداً إلى شرف الضراح
ولا سيما أبو الفضل المفدى
أبي الضيم ذو المجد الصحاح
على أن ليس عدل من ذويه
تكفنهم أعاصير الرياح
على أن ليس عدل من ذويه
تغسلها الدما عوض القراح
على أن ليس عدل من حريم
له تسبى بأكوار الرزاح
يشاهد ما تكابد من وثاق
يطاف برأس والده عليه
على هون بأطراف الرماح
وبقرع بالعصى طوراً وطوراً
عليه تستدار كؤوس راح
وريان الحشا بدم الجراح
ومكبول دموع العين اشرب
ولا زاد سوى طول المناح
فهل أحداً أصيب ببعض هذا
رضى ما كان في القدر المتاح
يضيق بعضها رحب البطاح
ولم تكف ابن مروان قيود
بيوم الطف تؤذن باجتياح
فأشخصه بأقياد ثقال
لأرض الشام محفوظ برئ ساح
ألم تقرع مسامعه عظاة
وما فيه من الآي الوضاح
نعم خبث الأصول تجر طبعاً
لخبث الفعل والشيم القباح
وليس مصدقاً صدقاً لئيم
إذا ما كان أكذب من سجاح
فأعقب للوليد الرجس ظلماً
أضاق به الرحاب عن افتتاح
فدس لقتله سماً نقيعاً
نياط القلب قطع بالشراح
تبوّأ جسمه منه نحول
يجدد بالغدو وبالرواح
فوا لهفاه للسجاد مضنى
برته سمومه بري القداح
تذكره السموم لظى سموم
يكابده أبوه لدى الكفاح
فيسلوا سمه بلظى أبيه
وما ذكر السموم بمستراح
ويذكر إذ تجرحه سموم
أباه حين أثخن بالجراح
إلى أن سمه استوفى قواه
فأطفأ منه مصباح الفلاح
فما طيب الكرى لي من مباح
تقيم عليه مأدبة النياح
دموعاً منه تهمي بالمناح
قضى عين الحياة في عين
عقيب العين تبخل بانسفاح
قضى قطب الوجود فكيف تبقى
بنا الأفلاك دائمة السباح
قضى فالحق منه في مضيق
وضيق الكفر منه في انفساح
وصدر العلم في حرج اكتئاب
وصدر الجهل منه في انشراح
وباب الرشد يبكي بانفلاق
وباب الغي يفرح بانفتاح
بكته الجامدات فلا عجيب
بأن يبكي بألسنة الفصاح
وتبكيه الوفود وما عليها
وقد فقد المرجى من جناح
ويبكيه السماح وغير بدع
إذا يبكي السماح على السماح
*******
الشاعر: السيد ناصر الأحسائي.