بسم الله وله كامل الحمد وخالص الثناء أرحم الراحمين، ودوام صلواته وتحياته وبركاته على أمنائه الرحماء سيد الأنبياء وآله الأصفياء.
السلام عليكم مستمعينا الأعزاء،على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من برنامجكم هذا نتابع فيه الإستنارة بدعاء المعرفة أو دعاء عصر الغيبة، المندوب لتلاوته عصر أيام الجمعة.
وقد انتهينا إلى مقطع يدعو فيه المؤمن أن يعجل ظهور خليفته المهدي (أرواحنا فداه) ويطهر به الأرض من رجس حاكمية الظمة والجبابرة والْمُفْسِدِينَ، ثم يقول: (اللهم وجدد به ما امتحي من دينك، وأصلح به ما بُدِّلُ من حكمك وغير من سنتك حتى يعود دينك به وعلى يديه غضّاً جديداً لاعوج فيه ولا بدعة معه، حتى تطفئ بعدله نيران الْكَافِرِينَ فإنه عبدك الذي استخلصته لنفسك وأرتضيته لنصرة دينك واصطفيته بعلمك وعصمته من الذنوب وبرأته من العيوب وأطلعته على الغيوب وأنعمت عليه، وطهَّرته من الرجس ونفيته من الدنس يا أرحم الراحمين).
كانت لنا مستمعينا الأفاضل في الحلقة السابقة وقفة تأملية عند العبارتين الأولى والثانية من المقطع المتقدم من دعاء عصر الغيبة، اتـَّضح منها أنّ الدعاء يعلمنا أن نطلب من الله عزوجل أن يجدد ما أندرست وزالت آثاره من دينه الْحَقِّ ويعيدها واضحة بينة للناس لكي يتمكنوا من العمل بها والتقرب إليه عزوجل بذلك؛ وكذلك أن يزيل الله عزوجل بخليفته المهدي الموعود (عجل الله فرجه) ما حُرّفَ وغُيّر من حقائق وأحكام هذا الدين الْحَقِّ الذي يحقق السعادة البشرية.
مستمعينا الأعزاء، وهذا يعني في الواقع أولاً إحياء فاعلية العقائد والأحكام الدينية النقية في حياة الناس لكي تتحقق لهم السعادة الدنيوية والأخروية وكذلك الرفاه والرقي والتقدم المادي والمعنوي.
هذا أولاً وثانياً فإن هذا المطلب يعني تطهير الدين الْحَقِّ من التحريفات والتغييرات التي أوجدها الطواغيت وأذيالهم من الأئمة المضلين، فهذه التحريفات والبدع هي التي حوَّلت الدين إلى وسيلة لجعل الناس أشياعاً وعبيداً للطواغيت وبالتالي هي التي تبعدهم عن الله وعن أوليائه الصادقين وبالتالي عن السعادة الحقيقية والعدالة والحياة الكريمة.
مستمعينا الأفاضل، وفي العبارة اللاحقة يدعو المؤمن ربه الكريم قائلاً: (حتي يعود دينك به وعلى يديه غضّاً جديداً صحيحاً لا عوج فيه ولا بدعة معه)؛ فما الذي نستفيده من هذه العبارة؟
أول ما نستفيده هو من قول الداعي (حتى يعود دينك به وعلى يديه) ففيه إشارة جميلة إلى أن إظهار حقيقة الدين الإلهي النقي يتحقق من أصل ظهور الإمام المهدي وتعرف الناس إليه (عليه السلام) ورؤيتهم لسيرته وأخلاقياته فهي بحدِّ ذاتها تحكي حقائق وسُمُوَّ الدين الإلهي الْحَقِّ، وبهذا تتحقق الدعوة الصامتة العملية لله عزوجل.
وهذا مستمعينا الأفاضل هو المشار إليه بتعبير (يعود دينك به) (عليه السلام)، أما العبارة (على يديه) فهي تشير إلى الدعوة الناطقة إن صحَّ التعبير أي قيامه (سلام الله عليه) ببيان حقائق الدين وأحاديثه وكذلك ببيان بطلان التحريفات التي طرأت على الدين الْحَقِّ وغيَّرت صورته الإلهية النقية أي البيضاء السمحاء المفعمة بكل ما فيه خير وصلاح الإنسان.
أعزائنا المستمعين، أما وصف الدين الإلهي الْحَقِّ الذي يعرضه الإمام المهدي (أرواحنا فداه) للعالمين بأنه (غض جديد)، فيعني الدين المليء بالطراوة والحياة الحقة أي الباعث للحياة المفعمة بالنشاط والسعي الدؤوب للحصول على مختلف أشكال الكمالات المادية والمعنوية، وهذا هو المستفاد من معنى (الغض)، أما معنى (الجديد) فهو الواضح البين الذي لا يرى الناس فيه أيَّ لبس أيْ شبهة الأمر الذي يشير إلى إزالة الشبهات عنه؛ أي إزالة ما يعيق حركة الإنسان للالتزام والعمل بأحكام الدين الإلهي.
والصحيح مستمعينا الأفاضل هو ما سلم من الباطل والنقض والمرض وأشباهها ممّا يكره، وعليه يكون المطلوب أن يعيد تبارك وتعالى بوليِّه المهدي (عليه السلام) الدين سالماً نقياً من كل ما يكره وما ليس منه أصلاً؛ وهذا ما تفسره العبارة اللاحقة من الدعاء نفسه، إذ تقول: (لا عوج فيه ولا بدعة معه) فالعوج هو الإنحراف الذي يبعد عن الْحَقِّ الأصيل الذي يهدي له الدين الإلهي، أما البدعة فهي العقائد والسلوكيات المخترعة التي أضافها أئمة الضلال للدين وهي ليست منه، أي التي لا أصل لها في الدين نفسه فهي أيضاً بعيدة عن الْحَقِّ ومبعدة عنه أعاذنا الله وإياكم منها.
وها نحن نصل أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران إلى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (ينابيع الرحمة) تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.