البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم ان ذنوبي تؤيسني ان ارجوك،..."

الإثنين 29 يوليو 2019 - 08:53 بتوقيت طهران

لانزال نحدثك عن الأدعية المباركة ومنها: دعاء الامام المهدي الخاص بقراءته يوم عاشوراء حيث حدثناك عن مقاطع متنوعة منه ونحدثك الآن عن مقطع ورد فيه: (اللهم إنّ ذنوبي تؤيسني أن ارجوك، وان علمي بسعة رحمتك يمنعني ان اخشاك، فصلّ على محمد وآل محمد وصدّق رجائي لك وكذب خوفي منك، وكن لي عند أحسن ظني بك، يا أكرم الأكرمين).
انّ هذا النص يحفل بنكات مهّمة يتعين على كلّ واحد منا ان يعيها ويرتب الأثر عليها من الزاوية النفسية، ولعل قارئ الدعاء يتذكر (عبر لقاء سابق) ان مقطع الدعاء قد المح الى تأرجح الشخصية بين الرجاء والخوف وضرورة ان يتوازنا ولا يطغى احدهما على الآخر حيث ان الرجاء اذا غلب توانى الشخص عن استمراريته وتصاعد عمله الإيجابي، وان اليأس اذا غلب تخلى عن العمل الإيجابي ايضاً: ليأسه من المغفرة وفي ضوء هذه الحقيقة يتقدم مقطع الدعاء الحالي الى صياغة توسلّ هو: ان الذنوب التي تصدر عن الشخص: تيئسه من الرجاء المفضي الى حصول المغفرة، وان العلم بسعة رحمته تعالى: يمنعه من خشية الله تعالى، اي يجعله يتراخى من الخشية، اي: لايبالي بتصعيد عمله الإيجابي، وحينئذ مع هذا التصارع بين اليأس من المغفرة والمنع من الخوف: يتقدم الدعاء بصياغة توسلّ هو العبارة القائلة: (صدِّق رجائي لك، وكذب خوفي منك)، اي: اجعل رجائي بحصول المغفرة صادقاً ومتحققاً واجعل عدم خوفي او خشيتي منك: كاذباً، اي: اجعلني خائفاً من عقابك، وبهذا التعادل بين طرفي الرجاء و الخوف: يتحقق التوازن النفسي لقارئ الدعاء، وهذا ما عبّرت الفقرة الاخيرة من المقطع عنه بعبارة: (كن لي عند احسن ظني بك)، اي حقق ظني:رجاء المغفرة والخوف من العقاب.
بعد ذلك نتجه الى مقطع جديد من الدعاء يبدأ على النحو الآتي: (اللهم صلّ على محمد وآل محمد وأيدني بالعصمة، وأنطق لساني بالحكمة، واجعلني ممن يندم على ما ضيعه في أمسه، ولا يغبن حظه في يومه، ولا يهم لرزق غَدِهِ). هذه الفقرات الجديدة تتناول جانباً آخر من العلاج النفسي للصراع بين الخوف والرجاء وهو ما يرتبط بحقيقة عبادية هي ما ورد في النص الشرعي القائل بانّ الشخص ينبغي ان يتصاعد بسلوكه الايجابي يوماً بعد يوم، فمن تساوى يوماه فهو مغبونٌ، بمعنى الا يقف الانسان عند حدّ محدود من العمل العبادي، فإذا كان يومه الحالي مثل امسه الغابر فهو مغبونٌ، لذلك جاءت فقرة الدعاء التي نتحدث عنها الآن نقول: (ولايغبن حظه في يومه)، اي: ان يكون اليوم احسن من أمسه وهو جواب على عبارة سابقة هي: واجعلني ممن يندم على ما ضيعه في أمسه، اي: انّ ما فاته في أمسه من الطاعة: ينبغي ان يندم عليه العبد فيسارع الى الخيرات، وإذا سارع اليها في أمسه حنئيذ يتعين عليه ان يتصاعد بها في يومه الحالي حتى لا يغبن بالنحو الذي اوضحنا.
يبقى ان نشير الى اول المقطع والى آخره، فاوّله يتوسل بالله تعالى بأن يعصم العبد من الذنب وان ينطق لسانه بالحكمة، اما العصمة من الذنب: فجوابها الفقرة التي لاحظناها الآن وهي: عدم تضييع الأمس وعدم غبن اليوم، واما الحكمة فهي: ان يمارس العبد وظيفته الذاتية والاجتماعية.
واما ختام المقطع بعبارة: (لايهمُّ لرزق غده) فتعني من خلال ربطنا بين عبارات الدعاء وموضوعاتها، ان المطلوب هو العمل الذي يسأل عنه واما الرزق فهو مضمون من الله تعالى بعكس العمل الذي لا ضمان فيه الا في حالة تحققه بممارسة الوظيفة العبادية كما هو واضح.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا فعلاً الى ممارسة وظيفتنا العبادية والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة