البث المباشر

شرح فقرة: "فاقبضنا على احسن ما يكون لك طاعة،..."

الإثنين 29 يوليو 2019 - 08:39 بتوقيت طهران

لانزال نحدثك عن الأدعية المباركة ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) الخاص بقراءته يوم عاشوراء حيث حدثناك عن مقاطع متنوعة منه وانتهينا الى مقطع ختم بالفقرات الآتية: (واذا جاء الموت فاقبضنا على احسن ما يكون لك طاعة، على ما امرتنا محافظين، حتى تؤدِّينا الى جَنَّاتِ النَّعِيمِ، برحمتك يا ارحم الراحمين). هذا النص يتضمن توسلاً له اهميته الكبيرة، حيث يرتبط بالحياة الابدية للانسان، وحيث يغمرها رضوان الله تعالى وحيث تكون مجسدة للعبادة الحقيقته للانسان، بصفة انه تعالى يقرر بأنه ما خلق الانس والجانَّ الاّ ليعبدوه، حيث يتم العمل العبادي (وهو التعامل مع الله تعالى: المترتب على التعامل الدنيوي)، اي أنَّ العمل العبادي الدنيوي هو المفضي الى العبادي الاخروي حيث لا امتحان بل النتائج المترتبة على الامتحان، اذن لنتحدث عن ختام المقطع.
يقول النص: (فاذا جاء الموت فأقبضنا على أحسن ما يكون لك طاعة). ترى ماذا تعني هذه الفقرة من الدعاء؟
الجواب: انها تتوسل بالله تعالى بأن تكون لحظات الموت عبر ممارسة طاعة هي الاحسن لله تعالى: وهذا التوسل له اهميته الفائقة، بصفة ان الانسان من جانب يستحضر اثناء اختضاره ما كان يعنى به في دنياه، لذلك فان مجيء الموت في حالة ممارسة الطاعة، تعني: حسن عاقبة الانسان كما هو واضح، ثم ماذا بعد هذا النمط من الموت؟
يقول النص: (على ما امرتنا محافظين) وهي فقرة لها نكاتها المهمة، كيف ذلك؟
الجواب: ثمه فارق بين ان يحافظ الانسان على ممارسة الطاعة وبين تأرجحها بين الطاعة وغيرها، ومما لاشك فيه ان استمرارية الطاعة اشد أهمية من الطاعة المقترنة حيناً بالانقطاع عنها، وهكذا نجد حرص الدعاء على أن يجعلنا محافظين على الطاعة حتى اذا جاء الموت: كانت الطاعة على احسن ما يريدها الله تعالى.
بعد ذلك يقول المقطع مرتباً على ما تقدم هذه العبارة: (حتى تؤدينا الى جَنَّاتِ النَّعِيمِ برحمتك يا ارحم الراحمين). هذه الفقرة الختامية لها نشأتها التي يتعين علينا تدقيق النظر فيها، انها تفترض ان يكون الموت الذي يفاجيء الشخصية مقترناً بأحسن مستويات الطاعة لله تعالى، وهذا يعني: ان الله تعالى يقبل الطاعة المتقدمة ويتجاوز عن سيئات قارئ الدعاء، والدليل على ذلك هو: العبارة القائلة: (حتى تؤدينا الى جَنَّاتِ النَّعِيمِ) وهذا من حيث الاستجابة النفسيه، يعني: ان الشخصية تتداعى بذهنها بشكل غير مباشر، الى ان الله تعالى سوف يغفر ذنوبها، وانّ بداية الموت مرتبطة بعد ذلك ببداية دخول الجنة، مما يعني: مدى رحمته في تعامله مع عباده، التعامل المقترن برحمة لاحدود لها.
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً من الدعاء الذي نحدثك عنه حيث يبدأ على النحو الآتي: (اللهم صلّ على محمد وآل محمد واوحشني من الدنيا وآنسني بالآخرة). هنا نواجه عبارتين تفضيان الى عاقبة الدخول فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ التى تمت الاشارة اليها، وهل ثمة افضل من (الوحشة) من الدنيا والانس بالآخرة. طبيعياً لا يدرك هذه الفقرة من الدعاء الاّ من آتاه الله تعالى نعمة البصيرة بطبيعة الحياة الدنيا و مقابلها: الأنس بالحياة الآخرة. كيف ذلك؟
الجواب: الاستيحاش من الدنيا لا يتوفر الا للصفوة من البشر وكذلك مقابلها: الانس بالآخرة.
ولعلَّ قارئ الدعاء قد اختبر الادعية التي تدعوا الى التواصل بالله تعالى والانقطاع إليه وما يترتب على ذلك من المعطيات المتمثلة في الانس بمناجاة الله تعالى حيث وردت النصوص المكرَّرة بأن المتعامل مع الله تعالى يستوحش من الناس او الدنيا بنحو عام اي يستوحش زخارفها ومغرياتها ومن ثم تتعمق علاقته بالله تعالى بقدر حجم تعامله مع الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يوحشنا من الدنيا ويؤنسنا بمناجاته ويوفقنا الى ممارسة طاعته والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة