نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة ومنها:دعاء الامام المهدي (عليه السلام) الخاص بقراءته يوم عاشوراء حيث حدثناك عن مقاطع منه وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد على هذا النحو: (اللهم إني أسألك بحق هذا الامام: فرجاً قريباً، وصَبْرًا جَمِيلاً، ونصراً عزيزاً، وغنى عن الخلق، وثباتاً في الدعاء، والتوفيق لما تحب وترضى، ...).
هذا المقطع يتضمن التوسل بالله تعالى بأن يتفضل على قارئ الدعاء بقضاء حاجاته المتنوعة حيث نبدأ فنتحدث عنها بحسب تسلسلها، وهي:
اولاً: الفرج القريب، فماذا نستخلص من العبارة؟
العبارة من حيث عبارة المقطع تعد موضوعاً عاماً، تندرج ضمنه موضوعات متنوعة، او حاجات متنوعة، حيث ان السؤال من الله تعالى بأن يتفضل على قارئ الدعاء بالفرج القريب، يعني: ان لقارئ الدعاء حاجات متنوعة لم تتحدد بقدر ما ترد مجملاً وهو: الخلاص قريباً من الشدائد التي يعانيها قارئ الدعاء، بعد ذلك تأتي قائمة الحاجات، فما هي!
قبل ان تسرد القائمة جاء التوسل بان يمنح الله تعالى قارئ الدعاء (صَبْرًا جَمِيلاً)، وهذه الحاجة بدورها من حيث عمارة المقطع تجئ متجانسة مع الموقف حيث ان الشدائد التي يريد القارئ للدعاء فرجاً لها تتطلب بلا شك - الصبر عليها وهذا ما طلبه قارئ الدعاء، بعد ذلك تجئ العبارة الثالثة متوسلة بان يمنح قارئ الدعاء او يحقق له النصر العزيز، اي: تجاوز الازمة او الشدة التي يعانيها بحيث ينتصر عليها من خلال الصبر اولاً ثم من خلال تجاوزها.
ثانياً: والآن الى قائمة الحاجات، فما هي؟
الحاجة الاولى هي (الغنى عن الخلق) وهي حاجة ذات اهمية كبيرة لانها تتصل بكرامة الانسان وعزّه، هنا نلفت نظرك الى عمارة المقطع من جديد حيث ان قارئ الدعاء طلب من الله تعالى نصراً عزيزاً، و النصر العزيز يعني: تحقق العزة وتحقق الكرامة لدى الشخص وها هو الشخص يتوسل بالله تعالى بأن يغنيه عن الخلق حيث ان الحاجة الى الخلق تقترن بالذل، والشخص يريد ان يصبح عزيزاً وهذا يتحقق - اي العزّ - بعدم الحاجة الى الآخرين بل ان الحاجات بيده تعالي.
هنا نلفت نظر القارئ للدعاء بان النصوص الشرعية طالما تشير الى هذه النكتة وهي: ان يغني الله تعالى صاحب الحاجة عن اللجوء الى الناس لأن الناس ما بين لئيم لا توفيق لديه بقضاء الحوائج، أو بين من لا يمكنه تحقيق ذلك، ولذلك فان من لديه القدرة المطلقة لقضاء الحاجة هو الله تعالى وحده، وهذا ما ورد في الدعاء الذي تحدث عنه، لكن لكل قاعدة استثناء، ولذلك ورد في النصوص الشرعية ما يشير الى ان الأجدر بالانسان ان يسأل الله تعالى بان يجعل قضاء حاجته بيد كرام خلقه وليس لئام خلقه، وهذا لايتنافى مع التوكل على الله تعالى واليقين بأن الحاجة هي بيد الله تعالى وان الآخر هو: الوسيلة التي يتيحها الله بواسطة هذا الشخص او ذاك.
بعد ذلك تأتي الحاجة الآتية وهي: حاجة ترتبط بالايمان متمثلة في عبارة: (الثبات في الهدى)، ان هذه الحاجة هي المطلوبة أساساً من الشخصية لان الهدف من خلق الله تعالى الانسان وغيره هو: ممارسة العمل العبادي او الخلافي حينئذ فان الثبات على ممارسة هذا العمل يظل هو المطلوب ولذلك قدّمه قارئ الدعاء على سائر حاجاته التي سنعرض لها لاحقاً ان شاء الله تعالى.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من النكات المرتبطة بموضوعات هذا المقطع، من الدعاء سائلين الله تعالى فرجاً قريباً وصَبْرًا جَمِيلاًونصراً عزيزاً وغنى عن الخلق وثباتاً في الهدى، وأن يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.