نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) الخاص بقراءته يوم عاشوراء، حيث حدثناك عن قسم منه ونحدثك الان عن قسم آخر بدأ بهذا النحو: (فصل على محمد رسولك الى الثقلين، وسيد الانبياء المصطفين، وعلى اخيه وابن عمه اللذين لم يشركا بك طرفة عين أبداً، وعلى فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وعلى سيدي شباب اهل الجنة: الحسن والحسين صلاة خالدة الدوام، عدد قطر الرهام، وزنة الجبال والاكام، ماورق السلام، واختلف الضياء والظلام، وعلى آله الطاهرين: الائمة المهتدين الذائدين عن الدين: علي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة: القوام بالقسط وسلالة السبط، …). هذا النص حدثناك عن بعض خصائصه في لقاء سابق، اما الان فنحدثك عن نكات تنتظمه، يتعين علينا لفت نظرك اليها وهذا مانبدأ به الان.
هذا النص يتضمن الصلاة على الاربعة عشر معصوماً، ويتضمن تقسيماً او تبويباً الى شطرين أحدهما: الصلاة على اهل الكساء وهم: النبي وعلي وفاطمة والحسنان، ثم الصلاة على الائمة التسعة في الشطر الاخر من الدعاء، كما يتضمن فواصل بين فقرات خاصة منه فضلاً عن تضمنه أوصافاً او تعقيباً على الفقرات المشار اليها حيث يمكننا الان لفت نظرك الى اقتران الصلاة عليهم وما يتخلل ذلك من فواصل وتعقيبات المحنا اليها.
اذن لنتحدث عن النكات المرتبطة بالظواهر المذكورة.
يلاحظ اولاً: ان المقطع من الدعاء خص محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحديث، فوسمه برسول الله تعالى الى العالمين، وسيد الانبياء المصطفين، من حيث رسالته الى الثقلين ومن حيث انه (صلى الله عليه وآله وسلم) سيد الانبياء جميعاً. بعد ذلك ربط النص بينه وبين الامام علي (عليه السلام) ووسمهما بالقول: (وعلى اخيه وابن عمه اللذين لم يشركا بك طرفة عين ابداً). هنا نلفت نظرك الى هذا الربط بين الشخصيتين: النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) فما هو سر ذلك؟ السر يكمن في ان الامام (عليه السلام) هو (وصي) رسول الله تعالى في تبليغه للرسالة مضافاً الى اشتراكهما في فضيلة عدم الشرك وهي فضيلة لم يوفق اليها الاّ من اصطفاه تعالى من خلقه، مما يعني لفت النظر الى خصوصية المرسل ووصيه.
ونتجه الى القسم الثالث من النص وهو: الخاص بالصلاة على فاطمة الزهراء (عليها السلام) بصفتها تحمل خصوصيات متنوعة منها: انها احد اصحاب الكساء، ووالدة الائمة (عليهم السلام) وسيدة نساء العالمين مما يتلائم هذا مع سياق الموضوع الذي يخصص لكل واحداً أو اثنين او اكثر، ما يتطابق في مهمته العبادية.
بعد ذلك نواجه القسم الرابع من النص وهو: تحديد عدد الصلاة واتساقه مع ما يتطلبه الموقف من الثناء والتقدير لاصحاب الكساء ثم يتجه النص في قسمه الاخير الى الائمة التسعة كما سنلاحظ بعد قليل. اما الان فنحدثك عن خصوصية التعقيب في الصلاة عليهم حيث قرن ذلك بصلاة خالدة الدوام بعدد قطر الرهام اي المطر الدائم وزنة الجبال والاكام اي التحول قبالة الجبال واختلاف الضياء والظلام. ومن الواضح ان عدد الامطار الثقيلة والخفيفة الدائمة و عدد الجبال والتلال واختلاف الضياء والظلام اي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ تظل رمزاً لانهاية له من الصلوات.
ثم نواجه القسم الذي ينتهي به المقطع وهو: الصلاة على الائمة التسعة: كما لاحظنا حتى يتبين للقارئ بأن المعصومين (عليهم السلام) (اصحاب الكساءوالائمة التسعة) هم: المضطلعون بتبليغ واستكمال مهمة الرسالة.
ويلاحظ ان الدعاء رسم بعض السمات لشخوص الائمة (عليهم السلام) حيث وصفهم (ب المهتدين) و (الذائدين عن الدين)وهاتان صفتان لهما دلالتهما من حيث السمة التبليغية والوصائية لهم ومن حيث ضرورة الاطاعة لهم: تبعاً للآية المباركة التي تطالبنا باطاعة الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وَأُولِي الأَمْرِ الذين هم اهل البيت (عليهم السلام).
اذن امكننا ان نتبين الاسرار الكامنة وراء الاسلوب الذي رسم به الامام (عليه السلام) موضوعات المقطع من الدعاء، سائلين الله تعالى ان يجعلنا من المتمسكين به وبالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبسائر اهل بيته فاطمة (عليها السلام) والائمة (عليهم السلام) كما نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.