نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، الخاص بقراءته بعد زيارته (عليه السلام)، حيث حدثناك عن مقاطع منه سابقاً، ونحدثك الآن عن مقطعه الآخير، حيث ورد فيه عن الامام (عليه السلام): (واملأً به الارض عدلاً، وأظهر به دين نبيك صلى الله عليه وآله، واجعلني اللهم من انصاره واعوانه واتباعه وشيعته، وأرني في آل محمد عليهم السلام ما يأملون، وفي عدوهم ما يحذرون اله الحق آمين، يا ذا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ، يا ارحم الراحمين). بهذا المقطع يختم دعاء الامام (عليه السلام)، حيث يتضمن جملة ظواهر ترتبط بحركته الاصلاحية، حيث يتوسل الدعاء بأن يملأ به الارض عدلاً، وان يظهر به الدين، وان يجعل قارئ الدعاء: (من انصاره واعوانه واتباعه وشيعته)، وان يتحقق ما يأمله آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، (وفي عدوهم ما يحذرون ….)، هذه الموضوعات تظل حافلة ببعض النكات منها: ما نلاحظه من الفوارق بين مصطلحات متجانسه مثل: الانصار، الاعوان، الشيعة، ومنها: ما يتصل بتحقيق ما يتطلع إليه آل محمد (عليهم السلام) انفسهم من وراثة الارض ودحر العدو، اذن لنتحدث عن هذه الظواهر.
ان قاريء الدعاء يعنيه ان يعرف ما هو الفارق بين ما يتطلع إليه من المشاركة في جيش الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، اي: كونه ان يكون من انصاره واعوانه واتباعه وشيعته، لذا قد يتساءل القارئ للدعاء: ما هو الفارق بين هذه المصطلحات؟
الجواب: بالنسبة الى كلمة (انصاره) ، فأن الدلالة اللغوية لهذا المصطلح تعني: ان يكون هذا القارئ للدعاء ممن يتحقق به النصر في جيش الامام (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، بمعنى: مساهمته في رد العدّو وتحقيق النصر. اما كلمة (أعوانه) فتعني مساعدة الامام في مطلق حركته عسكرياً، بمعنى ان يكون ممن يعينه في الزحف على العدو واما كلمة (اتباعه) فتعني مطلق حركته الاصلاحية، اعّم من الحركة عسكرياً، او ادارياً واخيراً يبقى ان نتساءل عن المقصود من كلمة (شيعته)، فماذا نستلهم؟
اذا كانت عبارة (الانصار) او (الاعوان) او (الاتباع) - على تفاوت دلالاتها تختص بالحركة الاصلاحية في جناحها العسكري، فان عبارة (شيعته) تعني: مطلق المنتسبين الى الامام (عليه السلام)، سواءاً كان ذلك في ميدان العمل العسكري زمن ظهوره (عليه السلام)، او حتى بعد النصر والاسهام في إدارة الدولة المهدوية.
يبقى ان نحدثك اخيراً عن العبارة الآتية: (وأرني في آل محمد عليهم السلام ما يأملون، وفي عدوّهم ما يحذرون)، فماذا نستلهم منها؟
الجواب: مما لا ترديد فيه ان ما وعد به الله من تحقيق الظهور ونتائجه، ثم من: دحر العدو. هذا الوعد الالهي يظل اهم ما يتطلع إليه قارئ الدعاء عبر طلبه بان يكون من انصار الامام (عليه السلام) واعوانه واتباعه وشيعته.
ان رؤية قارئ الدعاء لما يأمله المعصومون (عليهم السلام) من النصر وهزيمة العدّو تظل الأمل الكبير الذي يتطلع إليه قارئ الدعاء بحين تتحقق الرؤية العظيمة لهذا الواقع، ويشاهد قارئ الدعاء حكومة الامام (عليه السلام) ومن ثم - وهذا هو اهم نكات العبارة المتقدمة - يدرك قارئ الدعاء زمن الظهور، بحيث يكون فعالاً ومن المساهمين في حركته.
اذن امكننا أن نتبين جانباً من النكات الكامنة في العبارات الختامية للدعاء، سائلين الله ان يجعلنا من انصار الامام (عليه السلام)واعوانه واتباعه وشيعته، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.