نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) ، الخاص بقراءته بعد زيارته (عليه السلام)، حيث حدثناك عن مقاطع منه ونحدثك الآن عن أحد مقاطة الذي بدأ بهذا النحو: (اللهم اعذه من شر كلّ باغ وطاغٍ)، الى ان يقول:(واحفظ فيه رسولك وآل رسولك، واظهر به العدل، وايده بالنصر، وانصر ناصريه، ...).
هذا النص في البداية يثير تساؤلاً هو: ما المقصود بهذه العبارات: (احفظ فيه رسولك وآل رسولك)؟
ان قارئ الدعاء عندما يواجه عبارة مثل (احفظه) فهذا يعني انه يتوسل بالله تعالى بان يحفظ الامام المهدي (عليه السلام)، ولكن عندما يواجه عبارة: (احفظ فيه رسولك وآل رسولك)، حينئذ قد يتسائل قائلاً: ماذا يعني ان يحفظ تعالى في الامام المهدي (عليه السلام) رسوله وآل رسوله؟ هذا ما نجيب عليه الآن.
ان المقصود من ذلك هو: ان الحركة الاصلاحية التي يضطلع الامام المهدي (عليه السلام) بها انما هي: ازالة الانحراف، واشاعة المبادئ التي جاء بها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والمعصومون (عليهم السلام)، لذلك، فان الحفظ لهذه المبادئ انما تتجسد من خلال اضطلاع الامام المهدي (عليه السلام) بنشرها: كما هو واضح.
بعد ذلك نواجه عبارة: (و اظهر به العدل، وايده بالنصر، وانصر ناصريه)، هذه العبارات امتداد لما لاحظناه من التوسل بالله تعالى بأن يحفظ مبادئ الشريعة بواسطة الامام (عليه السلام)، حيث ان ابرز مظاهره هو:العدل مقابل الجور والظلم اللذين غمراً مجتمعات العالم، وعلى ضوء ذلك اي: اظهار العدل يتحقق النصر، وهذا ما عبرت عنه العبارة القائلة: (وايده بالنصر)، ليس هذا فحسب بل ان نصرته لا تنفصل ايضاً عن تأييد ناصريه، اي: جنوده الذين يساهمون في المعركه الاصلاحية.
طبيعياً مادام النص يتوسل بالله تعالى بان ينصر ناصري الامام (عليه السلام)، ان يتوسل بالمقابل بان يخذل الله تعالى خاذليه، وهذا ما عبّرت عنه العباره الجديده القائله: (واخذل خاذليه)، و من ثم: لعبارات اللاحقه وهي: (واقصم قاصميه، واقصم به جبابرة الكفر واقتل به الكفار والمنافقين وجميع الملحدين حيث كانوا من مشارق الارض ومغاربها وبرها وبحرها، ...).
هذه العبارات تحفل بنكات لامناص من الفات نظرك إليها، فهي تتحدث عن القصم لقاصمي الامام (عليه السلام)، وقصم جبابرة الكفر، وقتل الكفار والمنافقين والملحدين، اينما كانوا في مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وبرّها وبحرها،...) .
والسؤال هو: ماذا تعني هذا المفردات المتجانسة اولاً: ثم، التنويع المكاني (المشارق، المغارب، البر، البحر)؟
في تصورنا ان التنوع المكاني يرمز به الى جميع المنحرفين حيث صنفّهم الدعاء الى كفار ومنافقين وملحدين، حيث يشمل التصنيف المشركين والمنافقين والملحدين اي: المنكرين لله تعالى، وهم الاصناف المألوفة عصرئذ، بحيث يدخل الكتابيون وغيرهم ضمن طائفة المشركين: كما هو واضح.
يبقى ان نكرر الاشارة الى ان رموز المشارق، المغارب، البر، البحر، تظل تعبيراً عن المعمورة جميعاً حيث المجتمعات الحديثة او المعاصرة او اللاحقة (كما هو المتوقع) تظل شاملة للقارات جميعاً، وهي - اي القارات - تعبير عن عالمية الانحراف حيث يرى الامام (عليه السلام) الارض باكملها: كما هو لسان النصوص الواردة عن القرآن الكريم والمعصومين (عليهم السلام).
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.