البث المباشر

شرح فقرة: "فيما حتمت وانفذت، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 13:50 بتوقيت طهران

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الامام المهدي (عليه السلام)، حيث حدثناك عن دعائه الخاص بتعقيب صلاة الفطر وانتهينا من ذلك الى مورد قال: (اللهم اني أسألك ان تجعل فيما شئت واردت)، الى ان يقول: (وحتمت وانفذت ان تطيل عمري، وتنسئ في أجلي)، ان الفقرة الاخيرة تحتاج الى القاء الانارة عليها، وهي تنتظم في عبارتين:
الاولى: (حتمت وانفذت)، والثانية: (تطيل عمري وتنسئ في اجلي)، ان هاتين العبارتين مرتبطتان ببعضهما، ولكنهما مستقلتان في دلالتهما من جانب آخر، وهذا ما نبدأ بتوضيحه.
ان الظاهرة المتوسل بها لدى الله تعالى هي: حياة الانسان أو عمره، حيث يتوسل الدعاء بالله تعالى بأن يطيل العمر بالنسبة الى قارئ الدعاء حتى يستطيع ملافاة ما فاته من ممارسة الطاعة، والسؤال هو: ما هي النكات التي نلاحظها في مقطع الدعاء الخاص بظاهرة اطالة العمر، وكيفية طرحها؟
الجواب: لقد توسل الدعاء بأن يطيل العمر وينسئ في الاجل بالنسبة الى قارئ الدعاء، ولكنه قبل ذلك قال الدعاء (حتمت وانفذت) اي: فيما حتم ونفذ من اطالة العمر، ومن انساء الاجل، ترى: ما المقصود اولاً من عبارة (حتمت وانفذت) والفارق بينهما؟
الحتم هو ما قرره تعالى على نحو نهائي، واما الانفاذ او التنفيذ فهو: التطبيق لما قرر من حتمية الموت، والفارق بينهما هو: القرار والتطبيق، واما النكتة فهي: الاشارة الى عدم البدء في القرار المذكور وهذا ما يتطلع اليه قارئ الدعاء في اطالة عمره، وهنا يأتي دور العبارة الثانية القائلة: (ان تطيل عمري وتنسئ في اجلي)، حيث يثور السؤال الاتي اولاً ما الفارق بين العمر والاجل؟ ثم ما الفارق بين (تطيل) و تنسئ؟ هذا ما يحتاج الى الاجابة.
(العمر) هو: السنوات المحدودة لحياة الشخصية واما (الاجل) فهو: غاية الوقت اي: وقت الموت وبهذا تتضح الفوارق بينهما من حيث امتداد العمر وبداية الموت فحيث ينتهي العمر يبدأ الاجل، والنكتة هي: ان الدعاء المذكور يتوسل بالله تعالى بأن يطيلالعمر، (وينسئ الاجل) وهذا ما يوضح النكتة في الفارق بين العمر والاجل، كيف ذلك؟
لكي تتحدد الدلالة بوضوح ينبغي ان نتبين الفارق بين اطالة العمر وبين انساء الاجل، ان الانساء هو التأخير فحينما يقول النص:(تنسئ اجلي)، اي: تؤخر وقت الانتهاء من حياتي، ولكن السؤال الجديد هو: ما هو الفارق بين (تطيل) و (تؤخر)؟
الجواب: ان اطالة العمر تعني: الله تعالى يطيل عمر الشخصية الى (۱۰۰) سنة مثلاً، وذلك بسبب دعائها، أو صلة رحمها، ... الخ، ولكن الانساء في الاجل هو: تأخير الموت عن وقته المقرر كما لو كان المقدر هو ۸۰ سنة فتأخر الى ۱۰۰ سنة، وبهذا يكون الفارق هو: اطالة الحياة وتأخير الموت، فإطالة الحياة ترتبط بالعمر بينما الانساء يرتبط بالموت فالفارق بينهما واضح، واما النكتة فهي: قد يطول عمر الانسان الى سنوات معينة ولكن (انساء الاجل) يتسبب في تأخير الموت حتى بعد اطالته سنوات معينة.
اذن امكننا ان نتبين جملة نكات في مقطع الدعاء من حيث الفارق بين الاطالة وبين الانساء وبين العمر وبين الاجل، وهي فوارق لايلتفت اليها القارئ العابر لهذا الدعاء، بينما تنطوي على فوائد ابرزها مثلاً هو: افساح المجال لان يتلافى الانسان ما فاته أو يضاعف حسناته أو ينتبه الى حقيقة عبوديته لله تعالى وهكذا.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة