البث المباشر

شرح فقرة: "هب لي منك عتق رقبتي من النار، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 12:12 بتوقيت طهران

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها ادعية الامام المهدي (عليه السلام)، حيث حدثناك عن احدها الخاص بالتعقيب لبعض الصلوات حيث انتهينا من ذلك الى مقطع يتحدث عن رمضان المبارك وصيامه الى ان يقول: (هب لي منك عتق رقبتي من النار، ومنّ علي بالفوز بالجنة والامن يوم الخوف عن كل فزع، ومن كل هول اعددته ليوم القيامة)، ان هذا المقطع يحفل بأسرار متنوعة يجدر بنا ان نسلط الاضاءة عليها، انه على سبيل المثال يتحدث عن (الخوف) و(الفزع) و(الهول)، وهي عبارات متجانسة بل يرى البعض انها مترادفة كالخوف والفزع مثلاً، ولكن الامر ليس كذلك، بل يظل كلام المعصوم (عليه السلام) متسماً بالكمال دون ادنى شك، والان الى تحليل العبارات المتقدمة.
العبارة الاولى تقول: (هب لي منك عتق رقبتي من النار) وهي عبارة متسمة بالوضوح التام الا ان النكتة الكامنة وراء هذا التعبير المألوف تداوله لها اهميتها الدلالية، كيف ذلك؟
الجواب: ان العتق في تجربة الحياة الدنيا تعني: تحرير العبد من عبوديته لمولاه السيد، اي: بعد ان كان مقيداً بخدمة سيده، أصبح متحرراً منه، وهذه الظاهرة حينما ننقلها على كلام فني حينئذ نكون قد استخدمنا استعارة او رمزاً هو: ان العبد نتيجة ذنوبه يستحق النار اي هو قيد نفسه بالذنب ومن ثم قيد نفسه بالنار، ولكن النار يتعوذ منها المؤمن: حينئذ يحتاج الى ان يتحرر منها ويفك قيوده منها ويصبح حراً وهذا يتحقق من خلال الرحمة الالهية حيث ندعوه تعالى بان يعتق رقابنا من النار ان شاء الله تعالى.
العبارة الثانية هي: (ومن علي بالفوز بالجنة)، وهذه العبارة بدورها تنطوي على نكتة دلالية حيث يمكن التعبير بعبارة:(وادخلني الجنة) كما ورد في نصوص اخرى ولكن النص هنا استخدم عبارة: (من علي بالفوز بالجنة)، فما هو السر الكامن وراء ذلك؟
في تصورنا بما ان المنّ هو: الزيادة في الرحمة اي: الانعام من غير استحقاق له وهو امر يتجانس مع عتق الرقبة من النار حيث انالعتق يأتي بعد الاستحقاق في الجزاء المذكور وبهذا يتجانس المنّ مع العتق في تخطيهما الرحمة المألوفة الى الرحمة غير المحدودة.
يضاف الى ذلك ان طلب المنّ من الله تعالى قد اقترن بعبارة: (الفوز بالجنة) وليس مجرد الدخول الطبيعي بل بعد عمليات سابقة قد يفوز بها العبد أو يخسر بحسب اعماله ولكن بما ان العبد المستحق للعقاب قد عتق الله تعالى رقبته حينئذ يكون قد ادخله الجنة بنحو يقترن (كالعتق) بالرحمة التي لا يستحقها العبد ولكن المن والعطاء من الله تعالى يظل لاحدود له.
بعد ذلك نواجه عبارة: (والامن يوم الخوف من كل فزع)، ان هذه العبارة بما انها تتضمن مصطلح (الخوف) ومصطلح (الفزع)وهما يتجانسان وليس مترادفين كما يستخدمها الكتاب غير المعصومين، بالاضافة الى العبرة التي تتعقبها وهي: (ومن كل هول)حيث ان الهول بدوره يتجانس مع الفزع لذلك فان الحديث عن ذلك يتطلب تفصيلاً نحدثك عنه ان شاء الله تعالى في لقاء لاحق.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة