نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها أدعية الامام المهدي (عليه السلام) حيث حدثناك عن أحد أدعيته في التعقيب، وانتهينا من ذلك الى التوجه الى الله تعالى بالمعصومين (عليهم السلام) (محمد وعلي وفاطمة والأئمة (عليهم السلام)): (لا أجد احداً اقرب اليك) اي: الى الله تعالى) منهم، فهم أئمتي، فآمن بهم خوفي من عقابك وسخطك، وادخلني الجنة برحمتك في عبادك الصالحين)، هذه الفقرات من الدعاء امتداد كما اشرنا الى فقرات سابقة تتوجه الى الله تعالى بالمعصومين (عليهم السلام) بأن يولي تعالى رعايته لقارئ الدعاء، حيث يقرر بانه لا يجد احداً أقرب الى الله تعالى من المعصومين في التوسل بهم لموضوعين، أحدهما: ان يزيل الله تعالى الخوف من العقاب ومن سخط الله تعالى، وثانياً ان يدخله الجنة مع عباده الصالحين، اذن التوسل هو: الامن من العقاب والغضب، ثم الدخول الى الجنة مع العباد الصالحين، ولكن ماذا بعد في الدعاء؟
يقول الدعاء على لسان الداعي: (اصبحت بالله مؤمناً موقناً مخلصاً على دين محمد وسنته، وعلى دين علي وسنته، وعلى دين الاوصياء وسنتهم، ... الخ)، هنا نلفت نظر قارئ الدعاء الى البناء الجمالي لهذا الدعاء، حيث بدأ (كما حدثناك في لقاء سابق) بالاشارة الى محمد وعلي وفاطمة والائمة (عليهم السلام) وها هو الدعاء في فقرته الجديدة يتحدث عن المعصومين (عليهم السلام) ولكن من خلال الاشارة الى الايمان بمحمد وعلي والاوصياء الائمة (عليهم السلام)، اي: ان الدعاء حينما نجده قد استهل بالتوجه الى الله تعالى بالمعصومين حينما قال: (محمد امامي، وعلي خلفي، وفاطمة عن يميني، والائمة عن يساري)، انما نطق بهذا الشكل او عبر عن ذلك بأن الاسماء المذكورة تحيط به من اربعة جوانب: ترعاه بحفظ من الله تعالى، وها هو الدعاء يوضح لنا السر الكامن وراء الاعتقاد برعايتهم (عليهم السلام) لقارئ الدعاء، وذلك لإيمانهم ويقينهم واخلاصهم على دين محمد وسنته، ودين علي وسنته، ودين الاوصياء وسنتهم، هنا نعتزم لفت النظر الى هذا التأكيد والترتيب او التسلسل البادئ بالله، تعالى، وبمحمد، وعلي، والائمة، لماذا؟ هذا ما نبدأ بتوضيحه.
ان الانشقاق المذهبي لطوائف المسلمين، يلقي بأذاه على المجتمع الاسلامي نتيجة عدم الالتزام بما اوصى الله تعالى، عباده من التمسك بالله تعالى، وبمحمد (صلى الله عليه واله وسلم)، وبأهل البيت (عليهم السلام) تبعاً للأية القائلة: «أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ»، ومن البين ان الله تعالى اوصى لنبيه (صلى الله عليه واله وسلم) بأن يوصل المبادئ العبادية لأهل البيت (عليهم السلام)، حيث يصرح أهل هذا البيت بانهم يتلقون المبادئ عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) والرسول من الله تعالى، وبذلك تكتمل سلسلة المعرفة العبادية المطلوبة.
من هنا يواصل الدعاء المذكور: تمسك قارئ الدعاء بالمعصومين (عليهم السلام) قائلاً: (آمنت بسرهم وعلانيتهم، وارغب الى الله تعالى فيما رغب فيه اليه محمد وعلي والاوصياء)، وسنحدثك لاحقاً (ان شاء الله تعالى) بما يعقب هذه الفقرات من الموضوعات مما يفسر لنا مدى حرص الدعاء على التمسك بالله تعالى وبمحمد وعلي والاوصياء (عليهم السلام).
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى التمسك بهم وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******