البث المباشر

شرح فقرة: "اسألك باسمك الذي كونت به طعم الماء، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 11:03 بتوقيت طهران

لانزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها: ادعية الامام المهدي (عليه السلام)، حيث حدثناك عن أحد أدعيته الخاص بقراءته في القنوت، وانتهينا الى مقطع ورد فيه: (اسألك باسمك الذي كونت به طعم المياه، واسألك باسمك الذي اجريت به الماء في عروق النبات بين اطباق الثرى، وسقت الماء الى عروق الاشجار بين الصخرة الصماء، وأسألك باسمك الذي كونت به طعم الثمار والوانها)، هذا المقطع من الدعاء يتضمن جملة من المعطيات المرتبطة بطبيعة الأدعية ومساهمتها الكبيرة في التعبير عن حقائق الحياة العبادية للانسان وما يواكب ذلك من الاشارة الى المظاهر الكونية المتنوعة ومنها: الطبيعة بما تتضمنه من ثروات، وما تتضمنه من الجمال الخارجي (والداخلي) ايضاً بالنحو الذي سنحدثك عنه الآن في هذا المقطع من الدعاء.
يتضمن مقطع الدعاء الذي لاحظناه الآن، جملة خصائص جديرة بالاعتبار منها: ان المقطع خاص بالطبيعة في نطاق نمو النبات فيها، واقتران الماء بذلك بصفته المادة التي ينبت واسطتها النبات، ومنها: ان مقطع الدعاء لا يختص بالحديث عن النبات بصفته معطي تذوقياً أو مجرد طعام يحقق اشباعاً لغريزة الجوع، بل ايضاً: بصفته احد مظاهر الطبيعة الجميلة التي تحقق اشباعاً للحاسة الجمالية عند الانسان، ومما تجدر ملاحظته في هذا الميدان ان النص القرآني الكريم طالما يحدثنا بالنسبة الى الطبيعة وغيرها من خلال ثنائية الفائدة والمتعة، اي ليس مجرد اشباع الغرائز كالجوع والعطش بل كما قلنا اشباع الحاجة الجمالية، ففي سورة النحل مثلاً يشير الى ثروة البحر (السمك) ويضيف اليه قوله تعالى: «وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا»، وفي نطاق الحيوانات يقول: «لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً» وهكذا يجمع بين الفائدة والمتعة، والسؤال: ماهي المعطيات التي تترتب على امثلة هذا الجمع بين الفائدة والمتعة؟
من الواضح ان التركيبة البشرية للانسان تقوم على جملة دوافع او حاجات منها: مايتصل بالطعام والشراب والنوم الخ، مما لامناص من اشباعها والا يفقد الكائن حياته، ومنها: ما يرتبط بالحس الجمالي: كالطبيعة وجمالها، وكالايقاع وانتظامه وما الى ذلك، وهذا ما نجده مثلاً في النص القرآني الكريم الذي يجمع بين طرح المبادئ، وبين صياغتها في عبارات تتسم بالجمال الفني: كالايقاع في تواصل الآيات والتجانس الصوتي بين المفردات وهكذا، وفي ضوء هذه الحقائق نتجه الى مقطع الدعاء الذي لاحظناه، فماذا نستخلص؟
المقطع كما قلنا يتضمن الحديث عن ابداع الله تعالى للطبيعة من حيث الماء والنبات وسنرى مفصلاً ان شاء الله تعالى مفردات ذلك لاحقاً، بيد ان ما نعتزم توضيحه هو: ان الدعاء (مثل سائر النصوص الشرعية) لا يقتصر على المناجاة بين الله تعالى وعبده فحسب، بل يتضمن حقائق عبادية، يتناول خلالها ما يرتبط بالافراد والمجتمعات وما يرتبط بحاجاتهم الخاصة بما هو ضروري (كالطعام) والظواهر الكونية المختلفة وبما هو امتاع وجمال وفن، على نحو ما نحدثك عنه لاحقاً ان شاء الله تعالى، بالنسبة لهذا المقطع من الدعاء وسواه، سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى الافادة من ذلك، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة