البث المباشر

شرح فقرة: "أسألك خير العاجلة وثواب الآجلة، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 08:44 بتوقيت طهران

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: أدعية الامام المهدي (عليه السلام) حيث حدثناك عن احد ادعيته الخاص بقراءته في مشهد الامام الحسين(عليه السلام) وانتهينا من ذلك الى مقطع جديد من الدعاء يبدأ على النحو الاتي: (اللهم اني اسألك خير العاجلة وثواب الآجلة، اللهم اغنني بحلالك عن الحرام، وبفضلك عن جميع الانام، ... الخ)، هاتان العبارتان تتحدثان عن الدنيا والاخرة، وعن الرزق، وكلاهما موضع عناية الشخصية الاسلامية في غمرة اضطلاعها بممارسة المهمة العبادية او الخلافية للانسان. ولنقف مع العبارة الاولى: فماذا نستلهم؟
تقول العبارة (اللهم اني اسألك خير العاجلة وثواب الاخرة)، والسؤال هو: لماذا تحدث الدعاء عن العاجلة وقرنها بالخير، بينما قرن الآجلة بالثواب؟
الجواب: من الواضح ان الدنيا دار عمل والاخرة دار المجازاة عقاباً وثواباً، وبكلمة بديلة: ان عمل الدنيا يتمثل في اداء المهمة العبادية (تماماً كالدارس في مؤسسة تعليمية)، (يعمل) طيلة السنة، و(يتسلم) وثيقة نجاح أو اخفاقة اخر السنة، والمهم هو: ان دار الدنيا او دار العمل تقترن غالباً بشدائد الحياة وقد تقترن لدى البعض بتوفر الراحة نسبياً، ولكن في الحالتين ثمة (خير) في السلوك الاختباري حيث يتعين على الشخصية الاسلامية ان تتوفر على ممارسة (الخير) في سلوكها، سواء اكان هذا الخير يتمثل في اداء الشعائر والممارسات المتنوعة في ميدان الاقتصاد والسياسة والادارة، ... الخ، أو في مجالات الاشباع المباح لحاجات الشخصية، والسؤال من جديد هو بما ان: (الخير) يتمثل كما اشرنا في ممارسة مبادئ الشريعة ثم اقترانها بنجاح السلوك، كل ما في الامر ان السلوك قد يقترن بالشدائد وقد لايقترن بها: حينئذ ما هي علاقته بثواب الآجلة؟
ان الآجلة هي الاخرة، وعمل الانسان في الدنيا، ينعكس على نمط الجزاءات المترتبة على ذلك، والدعاء يتوسل بالله تعالى بان ننجح في اداء الامتحان دنيوياً حتى نحصل على (الثواب) الاخروي وليس (العقاب) بدليل ان فقرة الدعاء طلبت (الثواب) وهو: المجازاة الايجابية.
والسؤال الجديد هو: هل ان المطلوب هو الممارسة بغض النظر عن درجة الثواب؟
الجواب: مما لاترديد فيه ان المطلوب هو الاحسن من العمل تبعاً لقوله تعالى: «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا» حيث يشير النص الى (الافضل) او (الاحسن) مما يعني: ان الزهد بدرجة الثواب لا مشروعية له بل المطلوب هو: الافضل من العمل، مضافاً الى ان الشخصيات الملتزمة بوعي تام: تتجه الى كسب رضاه تعالى وليس الى درجة الثواب: كما هو واضح، ما دمنا نعرف ان الله تعالى يستحق العبادة بلا حدود، بغض النظر عن الثواب ودرجته.
بعد ذلك نواجه عبارة (اللهم اغنني بحلالك عن الحرام وبفضلك عن جميع الانام) ، فماذا نستلهم منها؟
في تصورنا ان هذه العبارة لها اهمية كبيرة في ميدان السلوك العبادي المرتبط بالفقرة السابقة خير العاجلة، بصفة ان (الرزق) هو: المادة التي يتوكأ عليها الانسان في استمرارية حياته التي يستطيع من خلالها أن ينجح او يخفق في الحصول على ثواب الاجلة، وكلنا على معرفة تامة بان الحصول على الرزق يقترن حيناً بما هو محرم وحيناً بما هو شبهة وحيناً بما هو (حلال) لذلك فان المطلوب هو الحلال، وهو مما يقترن بصعوبة، مما يفسر لنا توسل الامام (عليه السلام) بان يجعل الله تعالى رزق الانسان حلالاً كما ان حصول الرزق من جانب آخر يقترن بمنة الاخرين، لذلك توسل (عليه السلام) بان يجعل رزقه بفضل الله تعالى لا بمنة الاخرين.
ختاماً نسأله تعالى ان يرزقنا خير الدنيا، وثواب الاخرة وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة