ضيف البرنامج: الدكتور الاستاذ سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم أخواتنا المستمعين الكرام ورحمة الله وبركاته ها هو اللقاء يجمعنا معكم من جديد عبر حلقة أخرى من برنامجكم الأسبوعي المتجدد ذخائر العبر آملين أن تقضوا معنا اطيب الأوقات وأجملها عند بساتين الحكمة والموعظة الحسنة. ندعوكم الى متابعتنا
المحاورة: مستمعينا الأفاضل يسرنا ان نلتقي من جديد ضيف البرنامج الكريم الأستاذ الدكتور سعد الشحمان حيث أننا في إنتظار إكماله لحديثه الذي بدأه في الحلقة السابقة حول شخصية الشاعر مسعود سعد سلمان ولكن عن آثاره في هذه المرة وخاصة قصائده الخالدة والرائعة التي عرفت بالحبسيات، نرجو من ضيفنا الكريم أن يتفضل بتسليط الضوء في هذا المجال وإفادتنا وإفادة المستمعين الكرام بتقديم المزيد من المعلومات حول هذا النوع من الأشعار. أولاً أهلاً بكم الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، تفضل
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: وعليكم السلام
الشحمان: وعلى المستمعين الكرام، أنا ايضاً يسرني كثيراً أن ألتقيكم وألتقي المستمعين الكرام من جديد عبر حديثنا او تكملة حديثنا حول الشاعر مسعود سعد سلمان. كنا قد تحدثنا في الحلقة الماضية عن شخصية الشاعر مسعود وعن محطات من حياته وفي هذا القسم سنحاول ضمن الوقت المخصص أن نركز حديثنا كما تفضلتم حول آثاره وحول الجانب الشعري من شخصيته، كنا قد قلنا في الحلقة الماضية إن مسعود سعد سلمان بالنسبة الى فنه الشعري قلنا إن قصائده الحبسية التي نظمها في السجن تعتبر أفضل أنواع أشعاره في ديوانه وكذلك إشتهر بنوع آخر من الشعر وهو شعر الألغاز والأحاجي خاصة في غزلياته ويعتبر مسعود سعد سلمان مبدع ومبتكر وواضع نوع جديد من الشعر في الأدب الفارسي وهو الشعر الذي يعرف في الفن الشعري والمصطلح الفارسي "شهرآشوب" او"شهرأنكيز" وهذا شعر طريف بحد ذاته وينظمه الشاعر حول السوق وحول أصحاب الحرف والصناعات الذين يعملون في السوق وعن طبيعة عملهم، وكذلك له نوع آخر من الشعر ايضاً عرف به من حيث الشكل والقالب وهومايعرف بالمستزاد حيث يضيف جملة معينة الى البيت، الى كل بيت من قصائده تكون من نفس الوزن ومن نفس القافية. إستخدم مسعود سعد سلمان صناعات اخرى من الصناعات الفنية التي تزيّن الشعر منها رد العجزعلى الصدر يعني رد عجز البيت الى صدره وكذلك إستخدم انواع الجناس والتضاد ومراعات النظير وإرسال المثل؛ ومن ضمن أشعاره الطريفة التي في الحقيقة بيت لم يستخدم فيه الحروف الشفوية فعندما نقرأ هذا البيت نستطيع أن نقرأه دون أن نحرك شفاهنا، يقول:
أي آذر تو يافته از قالي جادر
أندر دل عشاق زدست آذرت آذر
يخلو هذا البيت من الحروف الشفوية يعني يقرأ دون أن تطبق الشفتان على بعضهما البعض وطبعاً له الكثير من الصناعات التي إستخدمها في شعره وإن دل ذلك على شيء إنما يدل على موهبته ومقدرته الفائقة من الناحيتين، من الناحية الشكلية والفنية ومن الناحية المضمونية وإستخدام الصور الشعرية الخيالية في أشعاره. لاأدري هل لدينا من الوقت؟
المحاورة: تفضلوا لو سمحتم بإختصار
الشحمان: نلقي نظرة عامة الى حبسياته، هذه الحبسيات التي عرف بها جاءت في أربع مقالات ونجح الشاعر كثيراً في هذه الأشعار في الإيحاء بعواطفه وأحاسيسه الى القارئ الى حد كبير وهذه الحبسيات معروفة في الأدب الفارسي وتشكل غرضاً وفناً كان موجوداً سابقاً قبل مسعود سعد سلمان وسبق أن قلنا إن له نظيراً في الأدب العربي ولكن بالنسبة الى الشاعر سعد سلمان كاد أن يتخصص في هذا اللون من الشعر بالإضافة الى الغزل وأبدع فيه حقاً وترك آثاراً خالدة في هذا المجال.
المحاورة: طيب، نشكر الأستاذ سعد الشحمان على هذه المعلومات القيمة ونستودعك الله على أمل اللقاء في حلقة أخرى إن شاء الله
الشحمان: حياكم الله، إن شاء الله سنلتقيكم
المحاورة: أما الآن نكمل المشوار مع مستمعينا الأعزة عبر جولة في حبسيات الشاعر مسعود سعد سلمان ولكن بعد الفاصل
المحاورة: أيها الأحبة وفي جانب آخر من حبسياته نرى شاعرنا مسعود سعد سلمان يفتخر ويزهو حتى بدموعه التي يببها باللؤلؤ والدر لأنها تحولت بصدقها وواقعيتها الى كلمات خالدة وترجمت أشعاراً خالدة عبقة التأثير في النفوس وتحولت الى أبيات بالغة الروعة سيخلدها الدهر وقد خلدها بالفعل لأنها تعبر عن تجربة مريرة صادقة صدرت من حس مرهف ونفس شفافة لايمتلكها سوى الشاعر الذي يحسن التعبير عن هذه التجربة كأصدق مايكون التعبير كما يؤكد ذلك في قوله:
أنثر الدر واللئالئ حيناً
وبزهو أختال حيناً وحيناً
من كنوز الدموع اُهدي اليها
لؤلؤات تُسَر منها العيونا
على إن الشاعر السجين الإنسان لايمكنه أن ينكر وهو يعيش بكل وجوده غمرات المحنة والمعاناة والآلام التي لاتطاق المتمثلة في فقدانه للحرية التي تمثل أعز ما يمتلكه الإنسان. إن الهموم والأحزان هدت كيانه وجعلته في بعض الأحيان خائر العزيمة مستسلماً منقاداً لضعفه البشري إلا أن عزاءه الوحيد في ذلك هو أنه إنما اُبتلي بالذل بعد عز وأنه لم يكن قبل ذلك مستحقاً لهذه الحالة التي آلَ اليها وهذا هو شأن الأناس الأحرار دائماً كما يحدثنا بذلك الشاعر قائلاً بلهجة يعلوها الإباء وعزة النفس:
إن يك الحزن أساء لطبعي
وإعتراني منه الهزال قليلاً
لم أكن قبل بالهموم جديراً
لا ولاكنت للدموع خليلاً
المحاورة: مستمعينا العزة إلا أن تلك الحالة مالبثت أن إنقلبت فإذا بالمصائب والمحن تعصف بكيان الشاعر فتهد كيانه وتتركه هزيلاً ضعيفاً أمامها وتخرس لسانه فيحير لمن يبث شكواه وهمومه، أيبثها للجدران الصماء والحجارة القاسية الكأداء؟ وهي حالة طبيعية كثيراً ما تعتري الإنسان مهما كان من قوة إرادته ورباطة جأشه خاصة إذا ما اُبتلي بها مظلوماً ونتيجة لكيد الحاسدين والوشاة. فلنستمع الى شاعرنا مسعود سعد سلمان وهو يطلق قريحته بالشكوى والأنين في لحظات ضعفه ووهنه البشريين:
وأنا الآن هدني ماأعاني
فتراني كأنما لاتراني
كاد مافي جوانحي من عناء
ومن الحزن أن يُكل لساني
لحظة لا اُطيق حتى نشيداً
حينما لاأرى لقولي سميعاً
إن يكن ما سوى الجدار
امامي فلمن اُرسل النشيد البديعا
المحاورة: أخوتنا المستمعين إنتظرونا في حلقة الأسبوع المقبل عبر دروس اخرى من ذخائر تراثنا الإسلامي، حتى ذلك الحين نستودعكم الرعاية الألهية فكونوا في إنتظارنا راجين أن تتواصلوا معنا بإقتراحاتكم وملاحظاتكم عبر بريدنا الألكتروني adabfan۹۱@yahoo.com ، الى اللقاء.