البث المباشر

مسلم بن عقيل(ع)

الثلاثاء 21 مايو 2019 - 13:27 بتوقيت طهران

يا مسلم بن عقيل لا أغب ثرى

ضريحك المُزن هطالاً وهتانا

بذلت نفسك في مرضاة خالقها

حتى قضيت بسيف البغي ظمآنا

كأنما نفسك اختارت لها عطشاً

لما درت أن سيقضي السبط عطشانا

فلم تطق أن تسيغ الماء عن ظمأ

من ضربة ساقها بكر بن حمرانا

يا فارس الحرب ان نار الوغى خمدت

ألهبت للحرب بالهنديّ نيرانا

يا ليث هاشم والفرع الذي ضربت

به الاصول الى فهر ٍ وعدنانا

إن يغدروا بك عن عمدٍ فقد غدروا

بالمرتضى وابنه سراً وإعلانا

حتى غدوت أسيراً في أكفهم

وكان من نوب الايام ما كانا

ففاض دمعك حزناً لابن فاطمة

لولاه كنت بلقيا الله فرحانا

من عرف معالي مقامات النبي وآله صلوات الله عليه وعليهم، عرف سمو مقامات خلص أصحابهم وحوارييهم، ومن رضوا عنهم كسلمان الفارسيّ، وعمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاريّ وغيرهم. ومسلم بن عقيل رضوان الله تعالى عليه، هو ممن حظي بمقام رفيع وشرف عظيم، حينما انتسب الى أهل البيت بالولاء والطاعة والتسليم والاخلاص، بعد انتسابه بالرحم والدم والمصاهرة فهو حفيد أبي طالب مؤمن قريش سلام الله عليه، وهو ابن اخ أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه، وزوج رقية بنت الامام علي، وابن عقيل الذي أحبه النبي صلى الله عليه وآله حُبيّن: حباً له، وحباً لحب أبي طالب له. ثم يكفي مسلم بن عقيل شرفاً ان رسول الله بكى عليه، وأنبأ أنه المقتول في محبة الحسين وأن عيون المؤمنين ـ لا غيرهم ـ تدمع عليه. ثم يكفيه شرفاً أنّ ولي الله أبا عبد الله، سيد شباب اهل الجنة الحسين (عليه السلام)، يجعله سفيراً عنه الى أهل الكوفة وتلك مأثرة وكرامة تشمخان بين المآثر والكرامات ولم لا، والامام الحسين بجلاله يعرّفه بأنه أخاه وابن عمه، وثقته من أهل بيته.
فرحل الى العراق، وكان في مقدمة الفتح الحسيني الموعود، والنصر الالهي المضمون، حيث انطمس الطغاة والظالمون في مستنقعات اللعن والنبذ، وشمخت قبور آل الله في البلدان تشع نوراً وهدى، ومعرفة وحباً، وذكريات.
ومن تلك القبور الشامخة قبر مسلم بن عقيل في الكوفة، حيث تحوم حوله القلوب المحبة، وتفيض عليه بدموعها العيون المؤمنة، وفيه يقول الشاعر:

تصلي على مسلم في السما

ملائكة الله حيناً فحينا

وتجري عليه دموع الدما

الى حشرها أعين المؤمنينا

فكيف تجف دموعي لـه

وقد كان أبكى النبيّ الامينا

ولقد كانت لمسلم بن عقيل سلام الله عليه من المناقب السامية ما تجعل قبره الشريف مهوى لقلوب المؤمنين يستلهمون منه اسمى دروس الايمان والحياة الكريمة.

*******

وقفة قصيرة عند بعض هذه المناقب نتلمسها في الحديث الهاتفي التالي الذي يشاركنا به خطيب المنبر الحسيني سماحة الشيخ باقر الصادقي:
المحاور: لقد كانت لمسلم بن عقيل سلام الله عليه من المنازل السامية ما تجعل قبره الشريف مأواً لقلوب المؤمنين يستلهمون منه اسمى دروس الايمان والحياة الكريمة، وبعض هذه المناقب نستلهمها في حديث خطيب المنبر الحسيني فضيلة الشيخ باقر الصادقي.
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، هناك مجموعة مقامات لسيدنا مسلم بن عقيل، وهذه المقامات تارة يمكن ان نستلهمها من خلال النصوص التي وردت وتارة من خلال المواقف التي عاشها مسلم بن عقيل، اما المواقف العملية تكشف عن هذا المقام وهذه المنزلة ومن جملة هذه المواقف العملية ان مسلم بن عقيل وقف وقفة الابطال كان شجاعاً باسلاً واجه اولئك العتاة والمردة بقلب باسل شجاع، وكان من شجاعته انه يمسك بالفارس ويرمي به الى اعلى، واستنجدوا بالطاغية لشجاعته ولبسالته ومناقب شهد العدو بفضلها والفضل ما شهدت به الاعداء، محمد بن الاشعث يشهد حينما استنجد بالطاغية مدنا بالعدد والرجال، قال ويحك كيف لو ارسلتكم الى من هو اشد مراساً منه يعني الحسين (عليه السلام) فقالوا في جوابه اتظن انك ارسلتنا الى بقال من بقالي الكوفة او جرمق من جراميق الحيرة انما ارسلتنا الى اسد ضرغام، هذه شهادة من العدو في بسالة وشجاعة سيدنا مسلم بن عقيل، اضف الى ذلك من جملة المواقف في اللحظات الاخيرة عادة الانسان بقرب الموت منه يهتم بنفسه ينسى غيره لكن سيدنا البطل لما صعدوا به الى اعلى القصر في تنفيذ ذلك الحكم في حقه قال استمهلني اصلي ركعتين لربي، وهذه جملة تشير الى الارتباط بالله تبارك وتعالى في تلك اللحظات الحرجة وبعدها يدير وجهه الى جهة الامام الحسين ويسلم على امام زمانه هذه في الحقيقة ان دل على شيء انما يدل على موقف عملي نستلهمه من حياة هذا الشهيد البطل ان الانسان يكون تفكيره في امام زمانه اهم من تفكيره بنفسه، الموقف الثالث انه بكى لما صنعوا له الحفرة وسقط فيها فقال له ان الذي يطلب مثل الذي تطلب لا يبكي، قال: ويحك لا ابكي لنفسي وانما ابكي لاهلي المقبلين، ابكي للحسين ولآل الحسين، اما من ناحية النصوص التي وردت في مدحه هناك نصوص تبين لنا غير النص الذي ذكرناه اني باعث لكم اخي وثقتي وابن عمي ثقتي من اهل بيتي نص في حق الرسول وسوف نأتي انشاء الله اليه لتدمع عليه عيون المؤمنين وتصلي عليه الملائكة المقربين بيان لمقامات مسلم بن عقيل وسوف نأتي الى بيانه ان شاء الله، من جملة ما ورد في الزيارة المنصوصة التي وردت في حقه نلاحظ هناك سلام إذن لان لهذا الشهيد منزلة لا ينبغي للانسان ان يأتي ويدخل دون استئذان، يجب ان يستأذن ويقول سلام الاذن "سلام الله العلي العظيم وسلام ملائكته المقربين وانبيائه المرسلين وعباده الصالحين والشهداء والصديقين والزاكيات الطيبات فيما تغتدي وتروح عليه يا مسلم بن عقيل، ثم يشهد له اشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء"، هذه كمالات هذه مقامات هذه شهادة في هذه الزيارة، اشهد انك مضيت على ما مضى به البدريون والمجاهدون في سبيل الله او مثلاً النص الوارد، لعن الله من قتلك لعن الله امة استحلت منك المحارم، هذه في الحقيقة العبائر تكشف عن منزلة وعن مقام سامي لسيدنا، اضف الى ذلك التوسلات من الاولياء من الصلحاء عند الحوائج عند الشدائد يتوسلون بباب الحوائج وتقضى حوائجهم ببركة باب الحوائج مسلم بن عقيل، هذا يكشف عن ان هناك مقاماً سامياً لهذا الشهيد البطل الذي بكاه الامام الحسين حينما وصله استشهاد مسلم وهاني فقال اما ان مسلماً وهانياً صار الى روح وريحان وقضى ما عليهم وبقى ما علينا، فسلام على شهيدنا البطل يوم ولد ويوم استشهد وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

*******

نشكر سماحة الشيخ باقر الصادقي على ايضاحاته القيمة ونشكر لكم اعزاءنا مستمعي إذاعة طهران جميل متابعتكم للحلقة الثالثة عشر من برنامج آل هاشم في طف كربلاء وحديثنا فيها عن ثقة الحسين وسفيره مولانا مسلم بن عقيل سلام الله عليه فلنتابع سيرته في الملحمة الحسينية.
ويذكر قبر مسلم بن عقيل (عليه السلام) بيوم قدومه الكوفة يحمل للناس بشرى قدوم سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فاستقبله أهلها يعقدون المحافل الترحيبية، ويقرأون كتاب الحسين وهم يبكون، ويخطب الخطباء مستبشرين، وتسرع الجماهير الى المبايعة حتة بلغ سجل المبايعين ثمانية عشر ألفاً وصارت الكوفة في حيازة مسلم، والكل ينتظر الحسين بلهفةٍ وشوق.
وطالما تعرض الاولياء للمحن، ومنها خذلان الناس والانقلاب على اعقابهم، خوفاً من الجهاد، أو تعلقاً بالدنيا، أو رهبة ً من الطواغيت. حين يضعف الايمان بالله واليوم الآخر، وتخالج النفوس حالات الفزع والرهبة وتبرير الهزيمة، فينصرفون عن مواقفهم، وينسحبون عن عهودهم في طاعة امام الحق والهدى، ويخضعون للظلم والظالمين. وهذا هو الذي حدث مع مسلم بن عقيل من قبل اهل الكوفة. حتى لم يبق لمسلم الا هانئ بن عروة المرادي، فألقي على هانئ القبض وسجن وعُذب، ثم قتل غيلة فلم تنهض عشيرته من آل مذحج وهو زعيمهم في أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل.
الى أن اخذت مسلم بن عقيل السكك سكك الكوفة، فأوقفته على دار (طوعة) تلك المؤمنة الموالية المخلصة، فآوته حتى وشى به ابنها عند ابن زياد طامعاً في جائزته. فكانت المحنة الاخرى. وكان لا بدّ من المواجهة والنزال، حتى بلوغ الشهادة بعز ٍ وكرامة وإباء.
وعند صباح تاسع ذي الحجة من عام ستين للهجرة، كان عبيد الله بن زياد بن أبيه قد اخبر بمكان مسلم ين عقيل، فأرسل اليه الاشعث في سبعين من قيس ولما سمع مسلم بوقع حوافر الخيل عرف أنه قد أتي، فعجل دعاءه الذي كان مشغولاً به بعد صلاة الصبح، ولبس لامته، وقال لطوعة: قد أديت ما عليك من البرّ، وأخذت نصيبك من شفاعة رسول الله، ولقد رأيت البارحة عميّ أمير المؤمنين في المنام وهو يقول لي: أنت معي غداً.
وخرج مسلم رضوان الله عليه من حجرته مصلتاً سيفه وقد اقتحموا عليه الدار، فأخرجهم منها مبارزة، ثم عادوا اليه فأخرجهم. حتى قتل منهم واحداً واربعين رجلاً، يرمي ببعضهم الى اعلى السطوح، فجعل ابن الاشعث يستمد من ابن زياد الرجال، فكان جوابه لابن الاشعث اللائمة واشتد القتال وقد اختلف مسلم وبكير بن حمران الاحمري بضربتين. ضرب بكير فم مسلم فقطع شفته العليا، حتى نصلت ثناياه، وضربه مسلم على رأسه ضربة منكرة وأخرى على حبل عاتقه، فهلك.
ثم أشرف الناس الغدرة من فوق بيوتهم يرمون مسلم بن عقيل بالحجارة، ويلعبون النار في أطنان القصب ثم يلقونها عليه، فشدّ عليهم يقاتلهم في الازقة ويرتجز بأبيات حمران بن مالك:

أقسمت لا أقتل الا حُـرا

وإن رأيت الموت شيئاً نُكراً

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة