لصلب عقيل تسعة يوم كربلا
بنوهم ثمان ٍ وزعوا بالصوارم
بكتهم عيون المؤمنين كما بكى
لهم سبط طه بالدموع السواجم
وتاسعهم من قبل لاقى حمامه
بكوفان.. أعني مسلماً ذا المكارم
لعقيل بن أبي طالب ثمانية عشر ولداً، أحدهم أبو سعيد بن عقيل، الذي انضم الى آل ابي طالب في خروجهم مع ابن عمهم أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه، فكانوا في كربلاء ثمانية منهم، اسعهم مسلم بن عقيل الذي سبقهم شهيداً في الكوفة، ومن هنا يقول الشاعر:
عين جودي بعبرةٍ وعويل
واندبي إن ندبت آل الرسول
تسعة كلهم لصلب علي
قد أبيدوا ... وتسعة لعقيل
وهم جعفر وعبد الرحمان وعبد الله ومحمد أولاد عقيل، ومحمد وعبد الله ولداً مسلم بن عقيل، جعفر بن محمد بن عقيل، ثم محمد بن ابي سعيد بن عقيل.
قيل امه فاطمة بنت الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) كما ذكر السيد العميدي النجفي في كتابه (بحر الانساب) لدى تعداده لبنات أمير المؤمنين، فذكر أن فاطمة بنت الامام علي كانت زوجة لأبي سعيد بن عقيل، فهو ابن عمها، والى ذلك ذهب الشيخ المجلسي في (بحار الانوار)، والشيخ الطبرسي في (إعلام الورى بأعلام الهدى).
أما ابوه (أبو سعيد بن عقيل) فأمه الخوصاء الكلابية، اسمه هو كنيته، وأبو سعيد هذا كان متكلماً مشهوراً بسرعة الاجابة، ومفوهاً يشبه اباه عقيلاً في حسن البديهة، وكان من الاشراف، كما اشار الى ذلك النسابة ابن حبيب في مؤلفه (المحبّر). أما الجاحظ، فقد روى عنه بعض محاوراته مع معاوية بن ابي سفيان، وقد عبر عن كلامه بالصواعق النازلة على خصومه، من ذلك ما نقله ابن ابي الحديد المعتزليّ في الجزء السبع من كتابه الشهير (شرح نهج البلاغة لامير المؤمنين علي (عليه السلام)).
*******
كما استشهد يوم عاشوراء الى جانب ابي سعيد بن عقيل وفي موقف مفجع ولده محمد وهو غلام صغير وهو سبط أمير المؤمنين (عليه السلام) من ابنته فاطمة سلام الله عليها، وسننقل لكم قصة استشهاده كما رواه ارباب المقاتل ولكن بعد ان يحدثنا خبير البرنامج خطيب المنبر الحسيني سماحة الشيخ باقر الصادقي عن ظاهرة الغيرة الايمانية في اطفال الهاشميين التي تجلت في ملحمة عاشوراء:
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين.
بلا شك ولاريب ان ابناء الهاشميين لهم مواقف ينبغي ان تسطر بأحرف من نور واذكر من هذه المواقف التي تكشف عن الغيرة التي يمتلكها ابناء هذا النسل المبارك، من جملة هذه المواقف وهذه الشواهد موقف عبد الله الاصغر بن الامام الحسن الذي اقبل مسرعاً الى عمه الحسين حينما نظر اليه وقد سقط من على ظهر جواده نتيجة ذلك السهم المشؤوم، السهم المثلث الذي وقع في جسده ووجد عنده احد الاعداء وانما اراد ان يضرب الامام الحسين او ان يقطع عضواً من اعضاءه فقال ويحك يا فلان اتضرب عمي الحسين فغضب ذلك اللعين وحمل سيفه ورفعه واراد ان يضرب الحسين فألتقاها هذا الغلام مع انه ابن الحادية عشرة وهذا يكشف عن شجاعته وعن تضحيته لعمه ونصرته لعمه الامام الحسين (عليه السلام) فقال ياعم قد قطعوا يدي فقال اصبر يابني ما اسرع ما تلقى جدك الرسول ثم دعا في تلك الحالة الامام الحسين قال: "اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصروننا" ثم عدو علينا يقاتلوننا، الى آخر دعاء الامام، فضربه ورماه احدهم بسهم فوقع في بعض الروايات في نحره وفي بعض الروايات في حلقه ومضى شهيداً.
محمد بن ابي سعيد ايضاً له موقف مشرف فهي مواقف في الحقيقة لأبناء الهاشميين تكشف عن هذه الغيرة وعن هذه الشجاعة وعن حبهم للامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه فجزاهم الله عن الاسلام وعن اهله وعن المسلمين خير الجزاء والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين.
*******
شكراً لسماحة الشيخ باقر الصادقي على هذه الايضاحات بشأن ظاهرة الغيرة الايمانية لدى اطفال الهاشميين التي تجلت فيهم يوم عاشوراء وبضمنهم في الشهيد السعيد محمد بن ابي سعيد بن عقيل الذي خرج بعامود لكي يدافع عن حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد استشهاد الحسين (عليه السلام)، وها نحن نتابع اعزاءنا مستمعي اذاعة طهران تقديم هذه الحلقة من برنامج آل هاشم في طف كربلاء بنقل قصة استشهاد هذا الغلام الهاشمي الغيور. فنقول:
أما محمد بن ابي سعيد، حفيد عقيل بن ابي طالب، فقال فيه الشيخ عبد الله المامقاني في تحقيق حوله في (تنقيح المقال): كان لهذا الغلام سبع سنين، ولم يراهق، أي لم يبلغ سنّ المراهقة بعد.
فهل يا ترى يرحمه القوم إذا ظفروا به؟!
قال أصحاب السير، نقلاً عن المؤرخ حميد بن مسلم الازدي، الذي حضر ساحة كربلاء يوم اشوراء بأقلامه وقراطيسه، ينظر الى وقائع الحادثة العظمى ويدون ما يرة ويسمع.
فكان ان كتب: إنه لما صُرع الحسين. خرج غلام مذعور يلتفت يميناً وشمالاً، فشدّ عليه فارس فضربه.
قال حميد: فسألت عن الغلام، فقيل: هو محمد بن ابي سعيد، وسألت عن الفارس، فقيل: هو لقيط بن إياس الجهنيّ.
ذكر هذا حميد بم مسلم الازدي، كلّ من: الطبريّ في (تاريخه)، والشيخ المفيد في (الارشاد)، وابي الفرج الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين)، والسيد ابن طاووس في (إقبال الاعمال)، وغيرهم، وفصل في التعريف بذلك: الشيخ محمد بن طاهر السماويّ في كتابه (إبصار العين، في أنصار الحسين).
أما النسابة هشام الكلبي، فينقل شهادة محمد بن ابي سعيد بن عقيل من طريق آخر، فهو يقول: حدث هاني بن ثبيت الحضرميّ قال: كنت ممن شهد قتل الحسين. فو الله إني لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل الا على فرس، وقد جالت الخيل وتضعضعت فلما صُرع الحسين، خرج غلام من آل الحسين، عليه إزار وقميص، وبيده عمود من تلك الابنية (أي الخيام)، والغلام مذعور يلتفت يميناً وشمالاً، فأقبل رجل يركض. حتى إذا دنا من الغلام مال عن فرسه وعلاه بالسيف فقتله.
وفي نقل آخر قال: ثم اقتصد الرجل الغلام فقطعه بالسيف.
قال النسابة الكلبيّ: إن هاني بن ثبيت الحضرميّ هو صاحب الغلام (أي قاتله)، فلما عيب عليه قتله للغلام كنى عن نفسه استحياء! أي حينما عُيّر بإقدامه على قتل غلام عمره سبع سنين وهو أعزل، لم يصرح هذا القاتل بأنه هو الذي قتله، فلم يقل: ثم اقتصدت الغلام فقتلته أو قطعته بالسيف، بل قال: اقتصده رجل فقطعه بالسيف!
روى ذل عن النسابة هشام الكلبيّ: الطبري في الجزء السادس من تاريخه المشهور بـ (تاريخ الطبريّ ـ او تاريخ الامم والملوك)، وكذا ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية ـ الجزء الثامن منه)، وقد عرّفا بالغلام، هما والاصفهاني في (مقتل الطالبيين) بأنه: محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن ابي طالب رضوان الله عليهم جميعاً.
قال بعض المحققين والمتتبعين، منهم الشيخ جعفر التستري في مؤلفه القيّم (الخصائص الحسينية) بعد نقله لمقتل الغلام محمد بن ابي سعيد: وكانت أمه تنظر اليه وهي مدهوشة!
فلم ترعيني كالصغار مصابهم
يقلب اكباد الكبار على الجمر!
أما قاتله، فيذكر الاصفهانيّ ان لقيط بن ياسر الجهنيّ هو الذي قتله، حين رماه بسهم، راوياً عن المدائنيّ عن ابي مخنف، عن سليمان بن راشد، عن حميد بن مسلم. بينما يرى غيره أن السهم لم يكن قاتله، وإنما قتله سيف هاني بن ثبيت الحضرميّ، وهو قول ابن شهر آشوب في (مناقب آل ابي طالب). لكن كلمة الفصل تبقى لنصّ الزيارة العاشورائية التي زار بها الامام المهدي صلوات الله عليه شهداء طف كربلاء، وفيها: "السلام على محمد بن ابي سعيد بن عقيل، ولعن الله قاتله لقيط بن ياسر الجهنيّ".
*******