البث المباشر

الشهداء من آل عقيل وجعفر شقيق مسلم

الثلاثاء 21 مايو 2019 - 14:37 بتوقيت طهران

وتحوطه من آل هاشم فتية

للأفق منهم بدره وهلاله

من كل أروع ذي مضاء في الورى

قد قلّ مشبهه وعزّ مثاله

فكأنه ما بينهم ليث الشرى

وكأنهم من حوله أشباله

عقيل بن ابي طالب، الذي أحبه النبي (صلى الله عليه وآله) حبيّن: حباً له، وحباً لحب أبي طالب به، كان له ـ بعد أخيه أمير المؤمين (عليه السلام) ـ نصيب وافر من الشهداء تقدموا بين يدي إمامهم وابن عمهم أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه)، فقد كان عقيل (رضوان الله عليه) من علياء قريش، ومن سادة العرب وبيت الحنيفية الابراهيمية. وانحدر أبناؤه على هذا النهج المبارك الشريف، فكان أسماهم مسلم بن عقيل شهيد الكوفة، سفير أبي عبد الله الحسين الى اهلها، فغُدر به، وقتل هنالك، ثم القي بدنه من أعلى القصر تنكيلاً به، ثم ازدادوا بسحبه مع هانئ بن عروة في الاسواق. وكان لعقيل شهيد آخر، هو ولده جعفر بن عقيل رضوان الله تعالى عليه.
أما امه، فتكنى بـ (ام الثغر) وتنسب هكذا: بنت عامر بن الهضاب العامريّ.
قيل وتسمى الخوصاء بنت الثغر، والثغرهو عمرو بن عامر بن الهضاب العامريّ أمها أردة بنت حنظلة بن خالد الكلابيّ. هكذا يذكر أبو الفرج الاصفهانيّ في مؤلفه (مقاتل الطالبيين)، بينما يرى الطبريّ في (تاريخه) أن اسمها هو: أم البنين ابنة الشقر ابن الهضاب العامريّ، تلك هي زوجة عقيل بن ابي طالب (رضوان الله عليه) وعليها،التي انجبت اولئك الابطال الغيارى الذبن شهد لهم التاريخ بالبصيرة والشهامة والشموخ ومنهم جعفر بن عقيل بن ابي طالب.

والشبل من ذاك الهزبر، وإنما

تلد الاسود ضراغماً وأسودا

أما اخوة جعفر بن عقيل، فقد عدهم المحقق الشيخ عبد الواحد المظفر رحمه الله الى ستة عشر، وعدّ أخواته الى ثمان وهم: علي بن عقيل (الاكبر)، وعلي بن عقيل (الصغير)، وعيسى وعثمان، وعبد الرحمان الاكبر(الشهيد بكربلاء)، وعبد الرحمان الاصغر، وجعفر الاصغر، وسعيد، وأبو سعيد (وامه الخوصاء، وولده محمد الشهيد بكربلاء)، وموسى (الشهيد بكربلاء أيضاً)، وعبد الله الاكبر (شهيد كربلاء، وولده محمد)، وعبد الله الاصغر (شهيد طف كربلاء)، ويزيد وحمزة، وعون بن عقيل (الشهيد السعيد بكربلاء)، ومحمد بن عقيل (الشهيد الآخر بكربلاء)، وحمد (الشهيد هو وولداه جعفر وأحمد بكربلاء)، ومسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) شهيد كوفان العراق.
نعم، وقد قيل: كان ممن استشهد مع الامام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء سبعة عشر عقيلياً تسعة من صلب عقيل (رضوان الله عليه)، تاسعهم مسلم بن عقيل سفير سيد شباب اهل الجنة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وثمانية من أحفاد عقيل بن ابي طالب: أربعة هم أولاد مسلم بن عقيل، واثنان ولداً محمد بن عقيل، وولد لابي سعيد بن عقيل، وواحد لعبد الله الاكبر بن عقيل ايضاً.
هكذا فصل الشيخ عبد الواحد المظفر عائلة عقيل، في كتابه (سفير الحسين مسلم بن عقيل). أما الحافظ المقريزيّ الشافعيّ، فقد كتب في مؤلفه (النزاع والتخاصم): وقتل لصلب علي بن ابي طالب تسعة، ولصلب عقيل بن ابي طالب تسعة؛ ولذلك قالت نائحتهم:

عين جودي بعبرةٍ وعويل

واندبي إن ندبت آل الرسول

تسعة كلهم لصلب علي ٍ

قد أبيدوا... وتسعة لعقيل

وكان من شهداء آل عقيل: جعفر بن عقيل، رضوان الله عليهم.
وقبل ان نتحدث عن هذا الشهيد الهاشمي الباسل، نشير الى ظاهرة الشجاعة الفائقة التي عرف بها الهاشميون وسجلتها المصادر التأريخية، فما هي أسرار هذه الشجاعة وما هو نمطها؟

*******

نتلمس الاجابة عن هذا التساؤل في الحديث الهاتفي التالي لخبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي:
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، الشجاعة الايمانية عند بني هاشم لا يمكن ان نصفها في حلقة او دقائق يحتاج ان نتحدث عن هذا المحور بمحاضرات وليست بمحاضرة واحدة، وموقفهم وشجاعتهم واضحة للعيان ارباب السير والتأريخ، انا لا ادري أي صورة انقلها من هذه الصور المشرقة هل صورة علي الاكبر الذي ذهب الى الميدان وظن القوم ان امير المؤمنين بعث من قبره لما اكثر من القتل في القوم لشجاعته في بأس حمزة وشجاعة حيدر، بأبى الحسين ومهابة احمد، ابا القاسم بن الامام الحسن الذي انقطع شسع نعله فأبى الا ان يصلحه ولم يأبى بالقوم وهم ينظرون اليه، لم يعبأ بكثرتهم ولم يعبأ بجموعهم، تمثلت فيه الشجاعة الحسنية بكل معناها وهو لم يبلغ الحلم وانطلق الى الميدان وهو يقول: "ان تنكروني فانا نجل الحسن سبط النبي المصطفى والمؤتمن هذا حسين كالاسير المرتهن". اولاد مسلم بن عقيل احمد بن مسلم ومحمد بن مسلم او الذين ولدهم امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، في الحقيقة عندما نذكر هذه النماذج تتصور لنا في الذهن تلك الشجاعة وتلك الغيرة وتلك الحمية، وان دلت على شيء انما تدل على الايمان الذي يمتلكه هؤلاء الابطال، الايمان بالله وباليوم الاخر وبما هم سائرون اليه من النعيم والشهادة في سبيل الله وفي سبيل الاسلام، فجزاهم الله خير جزاء، حيث قال في حقهم الامام الحسين (عليه السلام) حينما نظر الى صبرهم وثباتهم وابتسالهم قال لهم: "صبراً يا بني عمومتي على الموت لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم"، هذا في الحقيقة انما يدل على ثباتهم وعلى وقوفهم مقابل الاعداء، وسطر لهم التأريخ هذه الملحمة، فجزاهم الله خير الجزاء، وسلام عليهم يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون احياء، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

*******

بعد شهادة علي الاكبر ابن الامام الحسين وفلذة كبده. خرج عبد الله بن مسلم بن عقيل، فقتل جماعة وقاتل حتى استشهد. بعدها حمل آل أبي طالب حملة واحدة، منضمين الى بعضهم صفاً كأنهم بنيان مرصوص، اصطفت خيولهم، وتعاضدت قلوبهم وأرواحهم،واتفقت نياتهم على الشهادة بين يدي إمامهم وسيدهم، سيد شباب اهل الجنة.. فنادى بهم أبو عبد الله الحسين (عليه السلام): "صبراً يا بني عمومتي صبراً يا اهل بيتي! فو الله لا رأيتم هوانا ً بعد هذا اليوم ابداً". هكذا روى السيد ابن طاووس رحمه الله في مقتله (الملهوف، على قتلى الطفوف)، مما يستشعر أن آل أبي طالب طلبوا الشهادة مرة واحدة بأجمعهم، فلم يطيقوا ان يروا الحسين بتلك الحال، وقد ضاق بهم الامر أن يروا أعداءهم هكذا يتحدون ويصرون على قتل إمام الحق وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ثم بعد ذلك أخذوا يتقدمون الواحد بعد الآخر، يستأذنون، ثم يرتجزون، بعدها يقاتلون، ويُقتلون، الى ان استشهد عون بن عبد الله بن الشهيد جعفر الطيار، وامه العقيلة المكرمة زينب الكبرى (سلام الله عليها)، واستشهد بعده اخوه محمد بن عبد الله بن جعفر، ثم عبد الرحمان بن عقيل، ومحمد بن مسلم بن عقيل وهكذا، حتى تقدم جعفر بن عقيل، أخو مسلم، وعمه بطل الابطال أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام، وابن عمه الامام الحسين بن عليّ، ابن ابي طالب سلام الله على آل ابي طالب، فقد كان منه نسل كلهم شجعان، أبطال ذوو شهامةٍ وبأس ونخوة وإباء، كان منهم: جعفر بن عقيل، الذي تقدم مرتجزاً:

أنا الغلام الابطحي الطالبي

من معشر في هاشم وغالب

ونحن حقاً سادة الذوائب

هذا حسين أطيب الاطائب

هذا ما ذكره ابن شهر آشوب في (مناقب آل أبي طالب) معقباً بقوله: فقتل رجلين، وقيل خمسة عشر فارساً. فيما ذكر الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين) أن قاتله هو عروة بن عبد الله الخثعميّ، وإن أكد المؤرخون أن القاتل الحقيقي هو: بشر بن حوط الهمدانيّ ويوثق من ذلك بالزيارة العاشورائية التي زار بها الامام المهديّ (ارواحنا فداه) شهداء كربلاء، فقال فيها: "السلام على جعفر بن عقيل، لعن الله قاتله وراميه بشر بن حوط الهمداني".

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة