وجشمها نجد العراق تحفه
مصاليت حرب من ذؤابة هاشم
قساوة يوم القراع رماحهم
تكلفن أرزاق النسور القواشم
مقلدة من عزمها بصوارم
لدى الروع أمضى من حدود الصوارم
أشد نزالا ً من ليوث ضراغم
وأجرى نوالا ً من بحور خضارم
وأزهى وجوها ً من بدور كوامل
وأمضى جنانا ً من ليوث ضراغم
لقد صبروا صبر الكرام .. وقد قضوا
على رغبة منهم حقوق المكارم
الى أن غدت أشلاؤهم في عراصها
كأشلاء قيس بين تبنى وجاسم
كتب المحقق المعروف، السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم: لقد كان بيت ابي طالب موطد الاساس بالنبوات، مرفوعاً معالمه بخلافة الله الكبرى. وكانت آصرة النبوة ضاربة فيه وكانت له الوصاية في المحافظة على نواميس الانبياء وانك لا تجد أحداً من عمود النسب الوضاح الذي يقف عنده الحديث النبويّ: "إذا بلغ نسبي الى عدنان فامسكوا" إلا آخذاً بأعضاد الشرف والسؤدد، حاملاً للحنيفية البيضاء، دين الاسلام والوئام، وشرعة الخليل ابراهيم (عليه السلام).
وفي مرآة العقول كتب الشيخ المجلسي: كان ابو طالب، كأبيه (شيبة الحمد) عبد المطلب، عالماً بما جاء به الانبياء وأخبروا به اممهم من حوادث وملاحم؛ لأنه وصي من الاوصياء، وأمين على وصايا الانبياء، حتى سلمها الى النبي (صلى الله عليه وآله).
أما في كتابه (بحار الانوار)، فقد كتب المجلسي: أجمعت الشيعة على أن أبا طالب لم يعبد صنماً قط، وانه كان من اوصياء ابراهيم الخليل (عليه السلام).
وحكى الطبرسي إجملع اهل العلم على ذلك، ووافقه ابن بطريق في كتاب (الاستدراك). أما الشيخ الصدوق،فقد ثبت في كتابه (إكمال الدين وإتمام النعمة)
هذه العبارات كان عبد المطلب وأبو طالب، من أعرف العلماء وأعلمهم بشأن النبي، وكانا يكتمان ذلك عن الجهال والكفرة.
نعم وكان لابي طالب (عليه السلام) اربعة اولاد: الامام علي (عليه السلام)، وجعفر الطيار الشهيد، وعقيل، وطالب. وكان لعقيل ثمانية عشر ولدا ً، قدم عدة منهم شهداء في طف كربلاء، وبعضاً كانوا من احفاده، كمحمد بن ابي سعيد بن عقيل، وأولاد ابنه مسلم بن عقيل، وهم اربعة: طفلان منهم فرّا، ثم اسراً، ثم ذبحا! واثنان آخران كانا شابين يافعين.
تقدم الاول وهو عبد الله بن مسلم بن عقيل، فقاتل منفرداً وقتل جماعة كثيرة حتى غدر به فقتل. ثم برز بعده أخوه محمد بن مسلم بن عقيل. لينال ذلك الشرف السامق مع بقية الشهداء.
وقبل ان نسترسل في عرض قصة استشهاد محمد بن مسلم بن عقيل، نقف قليلاً عند شجاعة من نمط آخر هي شجاعة الهاشميات الفاطميات من أسرى عيالات رسول الله (صلى الله عليه وآله) في اكمال مسيرة الشهداء (عليهم السلام) وذلك من خلال مواقفهن الجليلة في مسيرة السبي الى الطاغية يزيد.
*******
خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي حدثنا في الحلقة السابقة عن موقف عقيلة الهاشميين زينب الكبرى (سلام الله عليها) في اكمال الملحمة الحسينية ويحدثنا إجمالاً في هذا اللقاء عن مواقف باقي الهاشميات للحديث الهاتفي التالي:
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين حبيب الله العالمين ابا القاسم محمد وآله الطاهرين، سئل الامام الحسين عن سبب اخذه لعياله فقال الامام (سلام الله عليه) شاء الله ان يراني قتيلا وشاء الله ان يراهن سبايا، وفي هذا الحديث اطلالة من عالم الغيب الذي كان يستشفه الامام الحسين ما للعلويات وما للفاطميات من دور بارز في نشر مظلومية الامام الحسين، لان الطغاة يحاولون على كل الادوار والعصور ان يطمسوا المظلومية وان يعتموا على ظلمهم بشكل او بآخر، فكان الامام الحسين حينما جاء بثقله وبعياله الى ارض كربلاء وما بعد كربلاء كان يعلم ان بنات الرسالة سوف يقعن في السبي والاسر، وقد قال لهن يوم عاشوراء عند وداعه لهن اعلموا ان الله سينجيكم من شر الاعداء وسيجعل عاقبة امركم الى خير فلا تشكوا ولا تقولوا بالسنتكم ما ينقص من قدركم، الى آخر كلام الامام، الامام عالم بان بنات الرسالة سوف يقمن بها، وفعلاً في الكوفة اضافة الى خطبة عقيلة الطالبيين هناك خطبة لام كلثوم وهناك خطبة لفاطمة بنت الامام الحسين روحي فداها، وهذه الخطبة في الحقيقة القت بظلالها حتى جعلت مجموعة من اهل الكوفة يبكون وقالوا لها يا بنت الطيبين لقد اقرحتي قلوبنا، فهذا في الحقيقة ان دل انما يدل على الدور البارز الذي قامت به العلويات الفاطميات امام الملأ، وهكذا بالنسبة الى الشام ونفس المظلومية التي وقعت خلال السبي والاسر، الراوي يقول حينما ادخلوهم الى مجلس يزيد فكان الحبل في عنق الامام زين العابدين الى كتف عمته زينب الى باقي النسوة هذه هي نفس المظلومية حينما يراها الملأ بهذه الحالة وبهذا الشكل بلا شك يبين ظلم الطغاة وخصوصاً بعدما اطلعوا على ان هؤلاء هم من ابناء الرسالة بنات رسول الله فبالتالي انقلب السحر على الساحر وسارت العاقبة والمصير مع اهل البيت، لذلك سارع يزيد باخراج بنات الرسالة من الشام لان الوضع قد انقلب عليه، وحتى بعض النصارى نتيجة هذا الاعلام وهذه الخطب دخلوا في الدين الاسلامي لما اطلعوا على الواقع وعلى الحقيقة، فهذه المواقف في الحقيقة قلدت بنات الرسالة وكان من جملة الاهداف التي جعلت الامام الحسين (عليه السلام) ان يأتي بهن، ويريد ان يبين في جانب آخر للملأ ان الدين والمعتقد قليل وغالي ويستحق ان يقدم له الغالي والرخيص حتى لو كان يقدم الاطفال والنساء وكل ما يملك من اجل الله وفي سبيل الله ومن اجل الاسلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******
ها نحن نستكمل الحديث عن شهيد هذه الحلقة البطل الحسيني الغيور محمد بن مسلم بن عقيل وقصة استشهاده: عرّف الاصفهاني أبو الفرج في (مقاتل الطالبيين) بمحمد بن مسلم بن عقيل بأن امه أم ولد.أما ابوه فهو العلم الشامخ،ثقة الامام الحسين وسفيره الى اهل الكوفة، والشجاع الابيّ الذي ذكرت الناس بطولته ببطولة عمه أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، يوم جابه جموع ابن زياد لوحده، حتى غُدر به بالامان الكاذب والحفيرة الخيانية، فكان الشهيد السعيد الذي سبق أصحاب الحسين الى الشهادة، لكنه خلف أربعة أولاد له وبنتاً عند خالهم أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه)، إذ زوجته هي رقية أخت الحسين، ابنة أمير المؤمنين (عليه السلام).
هكذا لم يكتف مسلم بن عقيل بتضحيته بنفسه وشهادته، فقد قدّم كل أولاده في طريق الاسلام بين يدي الامامة الحقة يوم عاشوراء.. فكان منهم محمد بن مسلم ولده، وله يومذاك من العمر ـ على ما نُقل ـ اثنتا عشر سنة، او ثلاث عشرة سنة.
هكذا روى السيد ابراهيم الميانجيّ في مقتله الموسوم بـ (العيون العبرى في مقتل سيد الشهداء). وذكره اللخوارزمي الحنفي في كتابه (مقتل الحسين (عليه السلام)) وأبو فرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين، والشيخ السماويّ في (ابصار العين في أنصار الحسين) وغيرهم. كتبوا بأن محمد بن مسلم خرج الى القتال بعد شهادة اخيه عبد الله بن مسلم الذي قتله عمرو بن صبيح الصيداويّ. كما كتبوا أيضاً بأن محمد بن مسلم هذا (رضوان الله عليه) قد استشهد في حملة آل ابي طالب. فكيف كانت يا ترى حملة آل ابي طالب؟!
لما استشهد عبد الله بن مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) حمل آل ابي طالب في طف كربلاء حملة رجل واحد، فنادى بهم الامام الحسين (عليه السلام): "صبراً على الموت بني عمومتي، والله لا رأيتهم هواناً بعد هذا اليوم".
فوقع منهم على ارض الشهادة: عون بن عبد الله بن جعفر الطيار وأمه زينب بنت أمير المؤمنين (عليها السلام). وأخوه محمد بن عبد الله بن جعفر وأمه الخوصاء، وعبد الرحمان بن عقيل بن ابي طالب، وأخوه جعفر بن عقيل، محمد بن مسلم بن عقيل.
هكذا يؤكد السيد المقرم في (مقتل الحسين أو: حديث كربلاء)، وكذلك الشيخ السماويّ في (ابصار العين). إلا أن الميانجيّ يكتب هكذا في (العيون العبرى): في بعض الكتب: ثم خرج ـ بعد شهادة عبد الله بن مسلم ـ أخوه محمد بن مسلم، فحمل عليه القوم فقتلوه.
أما قاتله، فيذكر أنه مرهم الازديّ وآخر اسمه لقيط بن اياس الجهنيّ ـ كما يروي ابو الفرج الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين).
من شيبة الحمد شبان مشت مرحاً
لنصرة الدين .. لا كبراً ولا تيها
ليست تبالي وللأسياف صلصلة
مطبق سعة الغبراء داويها
وللرماح اصطكاك في أسنتها
وللسهام اختلاف في مراميها
وللرؤس انتثار في كواهلها
وللصدور انتظام في مجانيها
لو لم يكن همها نيل السعادة ما
أبقت على الارض شخصاً من أعاديها
*******