البث المباشر

قاسم إبن الإمام الحسن المجتبى عليهم السلام

الثلاثاء 21 مايو 2019 - 11:33 بتوقيت طهران

ناهيك بالقاسم بن المجتبى حسنً

مزاول الحرب لم يعبأ بما فيها

كأن بيض مواضيها تكلمه

غيد تغازله منها غوانيها

كأن سمر عواليها كؤوس طلىً

تزفها راح ساقيها لحاسيها

لو كان يحذر بأساً، أو يخاف وغىً

ما انصاع يصلح نعلاً وهو صاليها

أمامه من أعاديه رمال ثرىً

من فوق أسفلها ينهال عاليها

ما عممت بارقات البيض هامته

فاحمر بالابيض الهنديّ هاميها

غلا غداة رأته وهو في سنةٍ

عن الكفاح، غفول النفس ساهيها

وتلك غفوة ليثٍ غير مكترثٍ

ما ناله السيف إلا وهو غافيها

فخرّ يدعو .. فلبى السبط دعوته

فكان ما كان منه عند داعيها

جنى .. ولكن رؤوس الشوس يانعة ً

وما سوى سيفه البتار جانيها

حتى إذا غصّ بالبتار أرحبها

وفاض من علق البتّار واديها

تقشعت ظلمات الخيل ناكصة ً

فرسانها عنه.. وانجابت غواشيها

وإذ به حاضن في صدره قمراً

يزين طلعته الغرّاء داميها

وافى به حاملاً نحو المخيّم

والآماق في وجهه حُمر مجانيها

تخط رجلاه في لوح الثرى صحفاً

الدمع منقطها، والقلب تاليها

آه على ذلك البدر المنير محا

بالخسف غرته الغرّاء ما حيها

نحن معكم في خامسة حلقات برنامج آل هاشم في طف كربلاء وحديثنا فيها عن فتى الحسينين مولانا القاسم بن الامام المجتبى عليهما السلام وقد أجاد أديب الولاء في الابيات المتقدمة تصوير جوانب من الروح المحمدية التي تجلت في هذا الفتى الكريم يوم عاشوراء وقد عبّر القاسم وإخوته في طف كربلاء عن قوة حضور مولانا الامام المجتبى (عليه السلام) في ملحمة أخيه سيد الشهداء الحسين عليه السلام من خلال وصيته الكريمة لولده القاسم.

*******

لنستمع لقصتها من خطيب المنبر الحسيني سماحة الشيخ باقر الصادقي في الحديث الهاتفي التالي:
المحاور: القاسم واخوته قد عبروا في طف كربلاء عن قوة حضور مولانا الامام المجتبى عليه السلام في ملحمة اخيه سيد الشهداء الحسين عليه السلام، من خلال وصيته الكريمة لولده القاسم لنستمع لخطيب المنبر الحسيني سماحة الشيخ باقر الصادقي.
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، القاسم بن الامام الحسن المجتبى هو واخوته من ابناء الامام الحسن اشتركوا جميعاً في واقعة الطف، جاء بهم الامام الحسين وشاركوا يوم عاشوراء ولم يسلم منهم الا اثنان استمر بواسطتهما عقد الامام الحسن، ولكن اثنان جرحا ولما انتهت المعركة تشفعا في احدهما اسماء بن خارجة وهو من اخواله واخذه الى الكوفة وبعد ستة اشهر لما عوفي رجع الى المدينة وهكذا الثاني تشفع فيه احد اقربائه واستمر النسل المبارك للامام الحسن، والا احمد بن القاسم عبد الله الاصغر الذي كان عمره ۱۱ سنة ومن جملته هذه الحلقة التي اتصفت باسمه الا وهو القاسم بن الامام الحسن المجتبى، حينما اراد البراز ارتجز وقال ان تنكروني فانا نجل الحسن سبط النبي المصطفى والمؤتمن هذا حسين كالاثير المرتهن بين اناس لاصقو صوب المزن، حقيقة حينما نسمع هذه الارجوزة وهذا الشعر من هذا الشاب الذي لم يبلغ الحلم نعرف ان هذا البيت بيت شأنه الطهارة والحكمة والشجاعة هذا جانب، الجانب الاخر نلاحظ ان الامام الحسين كان يظن به عن ان يقدمه الى المعركة ولكن اصرار القاسم على الشهادة يجعله يرجع الى امه ويبكي فلما سمعت بكائه قالت ولدي قاسم ما الذي يبكيك؟ قال يا اماه لقد استأذنت عمي الحسين ولم يأذن لي بالبراز وقال انت السلوة من اخي انت العلامة، تذكرت ام القاسم بان الامام الحسن قبل ان يرحل من الدنيا اوصى بوصية خاصة الى ولده القاسم على شكل عوذة وقال اذا دخله هم وغم فليعمل بهذه الوصية سوف يذهب عنه الهم والغم ولم يدخل قلبه هم وغم كالذي دخله في يوم عاشوراء، خصوصاً حينما نظر الى مجموعة من اقرانه قد تقدموا وعانقوا الموت والشهادة وحازوا وظفروا بالشهادة، فلذلك دفعت اليه امه هذه الوصية واذا بها مكتوب "ولدي قاسم اذا رأيت وحدت عمك الحسين يوم عاشوراء فلا تبخل بنفسك عن نفسه واذا منعك من البراز فعاوده الاذن لتحظى بالسعادة الابدية"، فلما قرأ ذلك الكتاب اقبل مسرعاً الى عمه وقال يا عم احب ان اعمل بهذه الوصية، وفعلاً اذن له الامام الحسين بعد اصراره، وهذا ان دل على شيء انما يدل على عشق بني هاشم للشهادة، وكما وصفهم الاديب خضبوا وما شابوا وكان شظابهم بدم من الاوداج للحناء، حتى قتل مجموعة الى ان ضرب على رأسه وخرَّ سريعاً، وقال يا عم عليك مني السلام ادركني، فأقبل اليه الحسين مسرعاً قتل قاتله ما انجلت الغبرة الا والحسين قائم على الغلام وجده يفحص برجليه وهو يقول بني قاسم يعز والله على عمك ان تدعوه ولا يجيب، او يجيبك فلا ينفعك، او ينفعك فلا يغني عنك شيئاً، هذا يوم قلَّ ناصره وكثر واتره، سلام على القاسم يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين.

*******

حديثنا فيها عن فتى الحسنيين ذلك هو القاسم بن الامام الحسن المجتبى سيد شباب اهل الجنة، فهو من طلائع آل هاشم، وسليل الامامة، والنبل والشهامة، والشرف والكرامة.
أبى ـ وهو الغيور ـ أن يرى إمامه وعمه الحسين يحيط به اعداء الله في ساحة كربلاء من كل جانب، فتقدم للدفاع وللشهادة، هذا وهو صبي أو غلام لم يبلغ الحلم بعد! كتب الشيخ المجلسي أعلى الله مقامه في (بحار الانوار):
قال أبو الفرج الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين)، ومحمد بن أبي طالب الموسوي: ثم خرج من بعد شهادة عون بن عبد الله بن جعفر الطيار، عبد الله بن الحسن، وفي أكثر الروايات القاسم بن الحسن عليه السلام، وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم، فلما نظر الحسين اليه وقد برز اعتنقه، وجعلا يبكيان حتى غشي عليهما. ثم استأذن الحسين في المبارزة، فأبى الحسين أن ياذن له، فلم يزل الغلام يقبّل يدي عمه ورجليه حتى أذن له، فخرج القاسم وهو يقول:

إن تنكروني فأنا إبن الحسن

سبط النبي المصطفى والمؤتمن

هذا حسين كالاسير المرتهن

بين أناس لاسقوا صوب المُزن

وكان وجهه كفلقة قمر، فقاتل قتالاً شديداً حتى قتل على صغره خمسة وثلاثين رجلاً.
قال حميد بن مسلم ـ وهو مؤرخ حضر المعركة ليدوّن وقائعها ـ: كنت في عسكر ابن سعد، فكنت أنظر الى هذا الغلام عليه قميص وإزرار، وفي رجليه نعلان قد انقطع شسع أحدهما، ما انسى أنه كانت اليسرى، فقال عمرو بن سعد الازدي: والله لأشدن عليه، فقلت: سبحان الله! وما تريد بذلك؟! والله لو ضربني ما بسطت اليه يدي، يكفيك هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه.
قال: والله لأفعلنّ! فشدّ عليه، فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف، ووقع الغلام لوجهه منادياً: يا عماه!
قال حميد: فجاء الحسين كالصقر المنقض، فتخلل الصفوف، وشدّ شدة الليث الحرب، فضرب عمراً قاتله بالسيف، فاتقاه عمرو بيده فأطنها من المرفق، فصاح ثم تنحى عنه، وحملت خيل اهل الكوفة ليستنقذوه، فاستقبلته بصدورها، وجرحته بحوافرها، ووطئته حتى مات. فانجلت الغبرة فإذا بالحسين قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه.
فقال له الحسين: يعزّ ـ والله ـ على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا يعينك، أو يعينك فلا يُغني عنك، بعداً لقوم قتلوك!
قال حميد بن مسلم: ثم احتمله (أي حاول حمله بشئ من الصعوبة لما أثر مصابه فيه).
قال: فكأني انظر الى رجلي الغلام تخطان في الارض، وقد وضع الحسين صدره على صدر الغلام، فقلت في نفسي: ما يصنع؟! فجاء به حتى ألقاه بين القتلى من اهل بيته، ثم قال (داعياً على أعدائه وقتلته): "اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم احدا، ولا تغفر لهم ابداً".
وفي تاريخ المؤرخ المعروف (أبي مخنف) في فصله الخاص بعنوان (مقتل الحسين عليه السلام) جاءت هذه العبارات: فبرز القاسم وله أربع عشرة سنة، وحمل على القوم ولم يزل يقاتل حتى قتل سبعين فارساً، وكمن له ملعون فضربه على أمّ رأسه، ففجرها منه وخرّ صريعاً يخور بدمه، فانكب على وجهه وهو ينادي: يا عماه، أدركني. فوثب الحسين ففرقهم عنه.
اما السيد عبد الرزاق الموسوي المقرّم، فقد جاء في المقتل الذي كتبه على طريقيته التحقيقية ـ الادبية قوله: وانقطع شسع نعله اليسرى، فأنف ابن النبي أن يحتفي في الميدان، فوقف يشد شسع نعله وهو لا يزن الحرب الا بمثل ذلك الشسع، غير مكترث ٍ بالجمع، ولا مبال بالالوف وبينا هو كذلك إذ شد عليه عمر بن سعد بن نفيل الازدي وفي آخر مصرع القاسم سلام الله عليه، ذكر السيد المقرم قول الامام الحسين عليه السلام: "صبراً يا بني عمومتي، صبراً يا أهل بيتي، لا أريتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً".
ورثي القاسم وسلم عليه، وكان اشرف ما قيل فيه زيارة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه، حيث قال فيها: "السلام على القاسم بن الحسن بن عليّ، المضروب هامته، المسلوب لامته، حين نادى الحسين عمه، فجلى عليه عمه الصقر. جعلني الله معكما يوم جمعكما، وبوأني مبوأ كما، ولعن الله قاتلك عُمر بن سعد بن نفيل الازدي، وأصلاه جحيما ـ وأعدّ له عذاباً اليماً".

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة