البث المباشر

شرح فقرة: "يا من هو الكبير المتعال..."

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 21:36 بتوقيت طهران

( الحلقة 11 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "يا من هو الكبير المتعال..."

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن بدايات مقاطعه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه (يا من هو الكبير المتعال، يا منشىء السحاب الثقال، يا من هو شديد المحال...). 
ونقف اولاً عند الفقرة القائلة (يا من هو الكبير المتعال)، فماذا نستخلص منها؟ 
من حيث الدلالة اللغوية لعبارة (الكبير) وعبارة (المتعال) لا نجد غموضاً في الموقف، ولكنك قد تتساءل قائلاً: هل ان (الكبير) و(المتعال) يحملان نفس الدلالة اللغوية؟ 
الجواب: ان الدلالة المرتبطة بصفات الله تعالى، لا تُقارن بالدلالة العرفية بقدر ما ينبغي ان نتبين ذلك نسبياً من اجل التوضيح فحسب، فبالنسبة الى (الكبير) فان الله تعالى كبير في عظمته بنحو عام، يستوي في ذلك ان يكون (الكبير) في قدرته تعالى او علمه او ارادته، كما يستوي في ذلك في صفاته الفعلية كالرازقية وسواها...، بيد ان المهم هو: ان يستلهم قارئ الدعاء معنى (الكبير) في سياق عظمته الله تعالى، حيث لا اكبر منه في شتى الصفات التي نتصورها نسبياً، هنا ينبثق سؤال في غاية الاهمية وهو: ان العبارات المألوفة عن عظمة الله تعالى في سياق (الكبير) تقترن عادة بعبارة (اكبر) كما لو قلنا (الله اكبر)، وهكذا حينئذ ما هو السرّ الكامن وراء استخدام (كبير) حيناً او استخدام (اكبر) في غالبية الاستخدام؟ 
في تصورنا اننا عندما نطق بعبارة (الله اكبر)، حينئذ فأن الذهن يتداعى الى اننا امام عظمة لله تعالى لا تُقاس بأية عظمة سواها، انه تعالى (اكبر) من كل كبير نتصوره، وهذا التداعي الذهني هو الدلالة الاشد وضوحاً في الذهن من حيث تفرده تعالى ووحدانيته في العظمة ولكن: مالذي يتداعى الى الذهن حينما ننطق بعبارة (الكبير) وليس (الاكبر)؟ 
في تصورنا ايضاً: ان الذهن يتداعى بدوره الى ان هذه الصفة يتفرد بها الله تعالى: تبعاً لوحدانيته، كلّ ما في الامر ان السياق الذي يُستخدم فيه (الكبير) لا يحمل القارئ لعبارة الدعاء على دلالة مشتركة بل متفردة خاصة بالله تعالى لانه يتسم بسمة الكبر، فكما ننطق بكلمة السميع او العليم او البصير...، كذلك ننطق بكلمة (الكبير) لان السياق هو: إراءة ان الله تعالى كبير بالقياس الى سواه، فيكون سواه (صغيراً)، بعكس ما لو استخدمنا كلمة (اكبر) فتكون في سياق آخر.
نتجه بعد ذلك الى الكلمة التي وردت متحدة مع (الكبير) وهي (المتعال) او (المتعالي)، هنا نلفت نظرك الى الفارق بين عبارة (يا من له العزة والجمال) مثلاً (وقد حدثناك عنها في نفس المقطع من الدعاء في لقاء سابق) وبين عبارة (الكبير المتعال) حيث لا يوجد عطف (وهو الواو) بين الصفتين بل هما مندمجتان، بينما نلاحظ ان (العزة) و (الجمال) ورد معطوفاً احدهما على الآخر، فما هو سرّ ذلك؟
في تصورنا: ان صفة (المتعال) هي: تكملة لصفة (الكبير)، اي: هما كلمتان في دلالة مشتركة وهي: ان (المتعالي) تعني انه (تعالى) على الموجودات جميعاً، فأذا ادمجنا (الكبير) و (المتعال) في عبارة وصفية، حينئذ يتداعى ذهن القارئ الى ان عظمة الله تعالى ليست في انه (الكبير) فحسب بل انه (متعالٍ) في كبره، فيعطى حينئذ دلالة تتماثل مع دلالة (الله اكبر) او أية عبارة تفضيلية، وبكلمة اكثر وضوحاً: ان ذهن قارئ الدعاء يتداعى سريعاً من عبارة: (يا من هو الكبير المتعال) الى تفرده ووحدانيته التي لا سبيل الى تصور مماثل لعظمته تعالى. 
اما بالنسبة لصفة يا منشئ السحاب الثقال، ففيها من جهة اشارة الى سعة الرحمة والالهية وعظمتها من خلال نموذج السحاب الممطرة، وفيها اشارة ثانية الى ارتباط كل مصاديق الخير بالله عزوجل لانه هو مبدأ كل خير ومنشأه.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من الاسرار الكامنة وراء العبارة المذكورة سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى طاعته، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

                                          *******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة