موضوع البرنامج:
التمسك بالمودة القدسية
معنى مبايعة المهدي في الغيبة
بشرى رفع البلاء
لله فجرك إذ يبدي لنا قمراً
يجلو دجى الهم مهاجنّ أو جنحا
ما حنّ قلب الهدى إلا إليك هوىً
ولا لغيرك طرف الحق قد طمحا
أسفرت من رحمة لله شاملة
على العوالم طراً فيضها رشحا
بسم الله وله الحمد غياث المستغيثين وعصمة المعتصمين والصلاة والسلام على أبواب رحمته للعالمين الحبيب المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة من الله وبركات.. نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة جديدة من هذا البرنامج سنكون معكم فيها ضمن الفقرات التالية:
الفقرة الخاصة بوصايا أهل بيت النبوة – عليهم السلام – لمؤمني عصر الغيبة وعنوانها في لقاء اليوم هو: التمسك بالمودة القدسية
تليها إجابة عن سؤال أخينا أسامة من لندن بشأن: معنى مبايعة المهدي في الغيبة
والفقرة الختامية حكاية موثقة عنوانها: بشرى رفع البلاء
أما الأشعار الجميلة التي ننثرها بين فقرات لقاء اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) فهي مختارة من قصيدة غراء لمؤسس الرابطة الأدبية في النجف الأشرف الخطيب الحسيني العلامة الشيخ محمد علي اليعقوبي – رضوان الله عليه – تابعونا والفقرة التالية تحت عنوان:
التمسك بالمودة القدسية
روي في كتاب (كفاية الأثر) وكمال الدين مسنداً عن الإمام موسى الكاظم أنه – صلوات الله عليه – قال ضمن حديث:
”القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها... يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون... طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبنا في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا اولئك منا ونحن منهم قد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة فطوبى لهم ثم طوبى لهم، هم والله معنا في درجتنا يوم القيامة".
أيها الإخوة والأخوات، المتأمل في نصوص الأحاديث الشريفة المروية في مصادرنا الحديثية المعتبرة بشأن غيبة المهدي – عليه السلام – يلاحظ بوضوح شديد إهتمام النبي الأكرم وأئمة عترته الطاهرة – عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام – بهداية مؤمني عصر الغيبة الى الأمور التي تنجيهم من فتن هذا العصر وتحفظ حركتهم على الصراط المستقيم.
وقد جاءت هذه الهدايات الى جانب إخبارهم – عليهم السلام – مسبقاً بوقوع غيبة خاتم الأوصياء؛ وفي ذلك تعبير عن حرص نبي الرحمة وآله الطاهرين على إعانة المؤمنين في التغلب على صعاب عصر الغيبة وحفظ إيمانهم وارتباطهم بالإمام المهدي في غيبته – عجل الله فرجه -.
من هنا نلاحظ أن كثيراً من هذه الأحاديث الشريفة تشتمل في الواقع على وصايا من النبي الأكرم وأهل بيته للمؤمنين يعينهم العمل بها على جعل صعوبات عصر الغيبة وسيلة لبلوغ أعلى مراتب الإيمان من خلال التغلب عليها.
والحديث الشريف الذي إستمعتم له قبل قليل هو من هذه الطائفة من الأحاديث الشريفة التي يمكن منها إستلهام تلكم الوصايا المباركة كما سعينا لذلك في عدة من حلقات هذا البرنامج ونتابعه في هذا اللقاء من خلال الإستنارة بالحديث الكاظمي المتقدم فتابعونا مشكورين.
مستمعينا الأفاضل، الوصية المحورية التي يوصينا بها مولانا الإمام موسى الكاظم – صلوات الله عليه – هي مضاعفة الإهتمام في عصر الغيبة بالتمسك بمحبة أهل البيت النبوي – عليهم السلام – حيث يقول طوبى للمتمسكين بحبنا في غيبة قائمنا" فما معنى هذه الوصية؟ وما هي آثار الإلتزام بها؟
في الإجابة عن هذا السؤال نلاحظ أن الإمام الكاظم – عليه السلام – إستخدام تعبير التمسك بحب أهل البيت وليس مجرد حبهم – عليهم السلام – فلم يقل مثلاً:
طوبى للمحبين لنا في غيبة قائمنا، بل قال طوبى للمتمسكين بحبنا، وفي ذلك إشارة لطيفة وبليغة الى أن المطلوب هو حفظ هذا الحب القدسي الذي أمر الله به عزوجل في آية المودة وأجر الرسالة كما ورد في سورة الشورى من قرآنه المجيد، والتمسك بحبهم – سلام الله عليهم – يعني أولاً شدة الإعتزاز والإفتخار بهذا الحب والإلتزام بالأمر القرآني بشأنه، كما يعني ثانياً حفظ هذا الحب فاعلاً وحياً في القلب وترسيخه، ويعني ثالثاً العمل بمقتضيات ولوازم هذا الحب من إتباعهم وطاعتهم واقتفاء آثارهم – عليهم السلام – لأن المحب لمن أحب مطيع.
أيها الإخوة والأخوات، والعمل بهذه الوصية الكاظمية وحفظ وترسيخ حب أهل البيت المحمدي – عليهم السلام – تظهر أولى آثاره في إعانة المتمسك بهذا الحب القدسي في عصر الغيبة على العمل بالوصية الثانية التي يوصينا بها إمامنا الكاظم – صلوات الله عليه – حيث يقول في تتمة كلامه الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا".
واضح أن من أهم علامات صدق المحبة لأي شخص موالاته واتباعه والإبتعاد عن أعدائه، وهذا ما يصدق على حب أهل البيت المحمدي فمن أهم آثاره الإندفاع الى اتباعهم وطاعتهم كما أشرنا آنفاً والى البراءة والإبتعاد عن أعدائهم والتطهر من صفات وسلوكيات هؤلاء لكونهم في الواقع أعداء الله.
ولذلك فمن الطبيعي أن حفظ وترسيخ حب أهل البيت – عليهم السلام – يعين المؤمنين على أداء الواجب الثاني من واجبات عصر غيبة المهدي – عجل الله فرجه – أي الثبات على موالاتهم والبراءة من أعدائهم.
وهنا يأتي السؤال عن آثار العمل بهاتين الوصيتين، فما هي؟
مستمعينا الأفاضل، يجيب مولانا الإمام موسى الكاظم – عليه السلام – عن السؤال المتقدم حيث يصف المتمسكين بحب أهل البيت في عصر الغيبة والثابتين على موالاتهم والبراءة من أعدائهم بقوله اولئك منا ونحن منهم قد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة فطوبى لهم ثم طوبى لهم، هم والله معنا في درجتنا يوم القيامة".
إذن – أيها الأحبة – فالعمل بهذين الواجبين من واجبات عصر الغيبة لا تقتصر آثاره على النجاة من الفتن والإنحرافات التي يعج بها هذا العصر وحسب، بل يرقى بالمؤمن الى أعلى مراتب الإيمان إذن يصبح (منا) حسب تعبير الإمام أي من أهل البيت بمعنى أنه يحظى برعاية خاصة من أهل بيت النبوة – عليهم السلام – أسمى من رعاية الأب لأهل بيته ومن هو منه.
وهذه الرعاية الكريمة الخاصة حاصلة له بمختلف الصور الجلية والخفية تعينه على الثبات والإستقامة على الصراط المستقيم وتدفع عنه ما يعلمه من الشرور والأخطار وما لا يعلمه.
هذا في الدنيا وأما الآخرة فإن المتمسك بحب أهل البيت في عصر غيبة قائمهم والثابت على موالاتهم والبراءة من أعدائهم يفوز بأعلى مراتب جنان الله ورضوانه إذ يكون مع محمد – صلى الله عليه وآله – ومع أهل بيته – عليهم السلام – في درجاتهم العلى من جنان الرحمان.. رزقنا الله وإياكم ذلك إنه أكرم الأكرمين.
متى نرى الطلعة الغراء نيّرة
لو قابلت بسناها البدر لافتضحا
متى تقر عيون فيك ساهرة
شوقاً ويدمل قلب بالنوى جرحا
ساد الفساد وقد عم البلا فمتى
نرى بنورك هذا الكون قد صلحا
لازلنا معكم أيها الإخوة والأخوات في حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) نقدمه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
أيها الأكارم وصلت للبرنامج رسالة عبر البريد الإلكتروني من الأخ أسامة المقيم في لندن تضمنت سؤالاً يقول فيه: ما معنى تجديد البيعة للإمام المهدي – عليه السلام – الوارد ذكرها في دعاء العهد مع العلم أن هذا الدعاء يقرأ في عصر غيبة الإمام وليس عند ظهوره – عجل الله فرجه – أليست البيعة تكون بمعنى نصرة الإمام عند الظهور.
خلاصة أجوبة العلماء والأحاديث الشريفة عن هذا السؤال نستمع لها معاً من أخينا الحاج عباس باقري:
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات وسلام على اخينا أسامة من لندن، أخ أسامة بالنسبة لسؤالك العلماء ذكروا بأن معنى البيعة بصورة عامة أولاً هو إلتزام المبايع وتقديمه العهد المؤكد والميثاق المسدد بأن ينصر من يبايعه بنفسه وماله ولايبخل عنه بشيء من ذات يده وما يتعلق به في نصرته ويجعل نفسه وماله فداء ووقاء له. هذا المعنى الذي ذكره آية الله المجتهدي في كتابه القيم الصحيفة المهدية المباركة مستفاد من أقوال الفقهاء في هذا الباب وكذلك من معنى المبايعة هي مأخوذة من البيع وهي من المصطلح القرآني " إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ" (سورة التوبة ۱۱۱). وتعبير يبايعون ايضاً ورد في القرآن الكريم " إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ " (سورة الفتح۱۰). هذه الآية صريحة في أن مفهوم البيعة هو مفهوم قرآني أمر به الله تبارك وتعالى لخليفته الحق. هذا بالنسبة لأصل مفهوم البيعة أما قضية مبايعة الامام المهدي سلام الله عليه وهو لم يظهر بعد وتجديد هذه المبايعة من خلال دعاء العهد كل يوم واستحباب ذلك في الواقع فهو امر يشتمل على جميع ما تشتمل عليه عملية البيعة للامام الظاهر في ظهوره ايضاً، يعني الأمر في الغيبة لايختلف من هذه الجهة، نحن مأمورون بمبايعة ومعاهدة الامام الحق خليفة الله تبارك وتعالى على نصرته سواء كانت هذه النصرة في ظهوره او في غيبته. تجديد البيعة اليومي هو في الحقيقة تعبير عملي عن التمسك بمولاة الامام الحق التي أمرنا بها، هذا فيما يرتبط بالأصل العام أما آثار تجديد البيعة كل يوم للامام المهدي سلام الله عليه في غيبته فثمرة هذا الأمر يمكن أن تتضح من خلال التأمل في حديث الامام الصادق سلام الله عليه وفي مقدمة حديث الامام الصادق الذي أمرنا بأن نجدد هذه البيعة كل يوم، كل صباح في عصر غيبة الامام المهدي سلام الله عليه. قال عليه السلام في مقدمة دعاء العهد من دعا الى الله أربعين صباحاً بهذا العهد كان من انصار قائمنا وإن مات أخرجه الله اليه من قبره وأعطاه الله بكل كلمة حسنة ومحى عنه ألف سيئة وهذا هو العهد. وهذا الدعاء مروي في مصادر كثيرة مثل مصباح الزائر لإبن طاووس، البلد الأمين للشيخ الكفعمي كذلك كتاب المصباح للشيخ الطوسي وغيرها. اذن الأمر مأمور به وثمرته الأساسية يكتب الذي يلتزم به من انصار الامام المهدي سلام الله عليه. النصرة لاتقتصر على ظهوره بل ايضاً على زمان غيبته بأن يعمل الانسان عملياً بوصايا الامام، ما وصله من اوامر الامام المهدي سلام الله عليه وألفت في عدة كتب جمعت كلمات الامام المهدي سلام الله عليه ووصاياه وغير ذلك. حتى في زمان الغيبة امر ممكن اضافة الى أن الاستعداد والتهيء والعمل والتحلي بصفات المجاهدين الحقيقيين المحمديين الذين ينصرون الامام المهدي سلام الله عليه هو بحد ذاته تطبيق لهذه البيعة وتجسيد لهذه البيعة وتعجيل ظهوره بالتحلي بصفات انصاره عجل الله تعالى فرجه الشريف لأن من اهم شروط ظهوره هو توفر العدد الكافي من الأنصار. جعلنا الله واياكم منهم ببركة التمسك بموالاة محمد وآل محمد الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين.
شكراً لأخينا عباس باقري على هذه التوضيحات وقد حان الآن موعدكم أيها الأكارم مع حكاية لقاء اليوم من برنامجكم المهدوي هذا نقدمها لكم تحت عنوان:
بشرى رفع البلاء
أيها الأفاضل اللجوء الى الله تبارك وتعالى وطلب معونته خاصة عند الشدائد هي مما يوصينا به مولانا الإمام بقية الله المهدي – عجل الله فرجه – ومن وسائل هذا اللجوء التوحيدي صلاة ودعاء الفرج الذي أمر بهما الإمام العبد الصالح أبا الحسين بن أبي العلاء الكاتب للنجاة من الأزمة التي مرّ بها كما روى ذلك العلامة أبوجعفر الطبري الإمامي قدس سره في كتابه القيم (دلائل الإمامة) وقد نقلنا تلك الرواية في حلقة سابقة من هذا البرنامج.
وقد اهتم العلماء كثيراً بهذا العمل العبادي لقوة أثره في استجابة الله لدعاء المستغيث به عزوجل بواسطة هذا العمل المبارك، وتشهد لذلك كثير من الحكايات الموثقة ننقل لكم إحداها سجلها آية الله العارف الفقيه الشيخ محمد الميثمي العراقي في كتابه دارالسلام وهو من مبرزي تلامذة المجدد الميرزا الشيرازي صاحب ثورة الدستور رضوان الله عليهم أجمعين.. تابعونا مشكورين.
قال الفقيه العارف آية الله الميثمي العراقي في كتابه دارالسلام ما ملخص ترجمته:
(في إحدى سني إقامتي في النجف الأشرف إنتشر وباء الطاعون فيها ومات كثير من الناس بسببه، فلما رأيت ذلك خرجت من مدينة النجف الى باديتها وصليت في خلوة ركعتي هذا العمل ثم دعون بدعاء الفرج وطلبت بعده من الله عزوجل أن يرفع هذا الوباء عن الأهالي وينجيهم منه. ثم عدت الى النجف الأشرف ولم أطلع أحداً على ما قمت به لكنني بشرت بعض أرحامي بيقين أن الله عزوجل وببركة وليه المهدي – روحي فداه – قد رفع عن أهل النجف هذا الوباء منذ عشية اليوم فقالوا: ومن أين علمت بذلك؟ أجبت: أنا على يقين من ذلك لكنني لا أخبركم بمنبع هذا اليقين، فقالوا: لقد ابتلي فلان وفلان بهذا الوباء مساء اليوم، - أي زمان أدائي صلاة الفرج ودعائها المهدوي – فقلت لهم: تحققوا من الأمر، لقد ابتلوا قبل المساء؛ فذهبوا وحققوا في الأمر وتبين لهم صحة قولي، ولم يصب أحد بهذا الوباء بعد تلك العشية والحمد لله رب العالمين.(
متى يرف لواء العدل منتشراً
والنصر ينحوه في الآفاق أين نحى
متى تعود ظنون الشرك خائبة
متى نرى أمل التوحيد قد نجحا
بقي أن نشير مستمعينا الأكارم الى أن صلاة ودعاء الفرج اللتين أمر بهما مولانا إمام العصر – أرواحنا فداه – نقلهما الشيخ عباس القمي في بدايات كتاب مفاتيح الجنان إضافة الى مصادر أخرى معتبرة كدلائل الإمامة وتبصرة الولي والصحيفة المهدوية ومكيال المكارم وغيرها.
وبهذه الملاحظة ننهي أيها الأطائب حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) شاكرين لكم من طيب المتابعة، ولكم دوماً أصدق الدعوات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بكل خير ورحمة وبركة