بهذه الكلمات، التي شكلت معادلة ذهبية، ردّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع الحرب على لبنان، وتطرّق إلى إنجازات المقاومة الميدانية دعماً لقطاع غزة، وإلى ما تحضّره من مفاجآت للاحتلال.
سيكون الرد "مزلزلاً" على أي حسابات إسرائيلية خاطئة أو مغامرة ناتجة عن سوء تقديرات قيادة الاحتلال وجنونها الذي استفحل في غزة، يؤكد الأمين العام لحزب الله أن المقاومة لا تريد الحرب ولا تسعى إليها لكنها جاهزة لها إذا فُرضت عليها وبدأ الاحتلال الإسرائيلي عدواناً على لبنان.
جاهزية المقاومة، تأكدت من خلال الأداء في الميدان الذي حسم الجدل حول قدرة حزب الله على إصابة الأهداف التي يريدها وبدقة، كما على امتلاكه أسلحة متطورة ودقيقة.
وفي رسائله الأخيرة عبر فيديو "الهدهد" وأيضاً فيديو " لمن يهمه الأمر"، بعثت المقاومة الإسلامية في لبنان رسائل هامة حول قدرتها على استهداف مواقع استراتيجية وحساسة في كيان الاحتلال، وأيضاً إشارة إلى امتلاكها "الصواريخ النقطوية"، في فيديو "لمن يهمه الأمر"، الذي لم يسمي المواقع إنما اكتفى بتحديدها وفقاً لخطوط الطول والعرض.
وفيما تمّ نشره يؤكد حزب الله امتلاكه قدرات جوية جعلت للمقاومة عيوناً في سماء فلسطين المحتلة ستمكّنها من خوض الحرب ببسالة، وثانياً أن لدى المقاومة قدرات استخبارية وأمنية مكنتها من تحديد الأماكن العسكرية المخفية مع إحداثياتها.
"الهدهد" و"لمن يهمه الأمر" .. رسائلهما
بين "الهدهد" ومشاهده وبين إلى "من يهمه الأمر" وبعض الإحداثيات التي حددها وألغازها، ثمة رسائل أتقن حزب الله تمريرها في الوقت المناسب في ظل زوبعة التهديد الإسرائيلي والرسائل الأميركية التحذيرية إلى لبنان.
عرض الفيديوين والذي جاء في سياق الحرب النفسية التي ينجح به حزب الله لا بل ويبدع باعتراف الإعلام الإسرائيلي، تزامن مع مواقف ردعية عالية النبرة من قبل الأمين العام لحزب الله، أطلق خلالها معادلة ذهبية ثلاثية "لا ضوابط فيها ولا قواعد ولا أسقف"، في حال أقدم الاحتلال على ارتكاب أي حماقة بشن هجوم موسع على لبنان.
لا شك أن مشاهد "الهدهد" التي نشرها الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان كان لها الوقع الكبير على المجتمع الإسرائيلي بأكمله نتيجة حجم الاختراق النوعي الذي لم يكن متوقعاً لدى أغلبية قاطني الكيان نتيجة حجب الحقائق الميدانية عن المجتمع الإسرائيلي من قبل القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، خصوصاً وأنها أظهرت صوراً تمس حياة كل إسرائيلي وتفاصيل عسكرية و"مدنية" مختلفة.
لكن رسائل المشاهد الأخيرة التي نشرتها المقاومة كانت مختلفة التوجيه، بسبب تضمينها أهدافاً محتملة معظمها لمواقع استراتيجية أمنية وعسكرية (مجمع "هكريا" الذي يضم وزارة أمن الاحتلال" الدفاع" وموقع رئاسة الأركان وغيرها)، وهي رسائل سرعان ما تلقفها الإسرائيلي الذي عكف منذ اللحظات الأولى على تفكيك ألغاز ما خفي مما أراد حزب الله إيصاله لهم بطريقة احترافية تتماهى مع طبيعة وحجم المواجهة المتصاعدة.
مخاوف إسرائيلية
باهتمام، تناولت وسائل إعلام إسرائيلية المشاهد التي نشرها الإعلام الحربي في كلا الفيديوين، وأثار فيديو "لمن يهمه الأمر" والذي ترافق مع كلام السيد نصر الله إرباك الاحتلال وإعلامه الذي شدد على أن نصر الله "حدد قواعد الحرب على طول الجبهة الجنوبية للبنان"، خصوصاً أن المقاومة اعتمدت الغموض البنّاء في إصدارها الأخير الموجز "إلى من يهمّه الأمر".
وتوالت التصريحات الإسرائيلية التي عكست المخاوف الداخلية من تعاظم قدرات حزب الله، والتي وصلت لمرحلة متقدمة من الرصد والتتبع وجمع معلومات دقيقة، إضافة إلى الحرب النفسية التي أصابت الجبهة الداخلية الإسرائيلية بالصدمة، واعتماد الاحتلال وصف "الخرق" لأجواء حيفا ومناطق حساسة في وصفه للحدث.
السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن، مايكل أورين، أكد أنّ حزب الله يشكّل تهديداً استراتيجياً حقيقاً لـ"إسرائيل"، واصفاً ما يمكن أن يفعله الحزب بـ"إسرائيل" خلال 3 أيام فقط بـ"المروّع".
تداعيات أي حرب موسّعة على الاحتلال
وعلى الرغم من تهديداته، يخشى الاحتلال الإسرائيلي من أي مواجهة موسّعة مع حزب الله، لأنه يعلم ضمنياً القدرات التي تمتلكها المقاومة، مقابل عدم استعداده للحرب، باعتراف مسؤوليه وإعلامه.
في هذا الصدد، قال المحلل العسكري شارل أبي نادر إنه انطلاقاً من كلام الأمين العام لحزب الله فإن الأمور سوف تذهب نحو النهاية في استعمال كافة القدرات والأسلحة وفي استهداف كل الأهداف التي يمكن لهذه القدرات أن تطالها.
وأردف معقبّاً أن المقاومة سترد على أي عدوان إسرائيلي داخل لبنان، وهذا سيكون مشروعاً انطلاقاً من المعادلات التي طرحتها المقاومة.
في المقابل، أكد أبي نادر أن هذا الموضوع يؤثر على الداخل الإسرائيلي نفسياً واجتماعياً، فالمجتمع الإسرائيلي كان دائماً الأضعف نفسياً ولكنه الأكثر تأثيراً على قرار السلطة السياسية. خاصة أنّ الحديث عن مستوطنين مهاجرين، كلهم من جذور غربية وأوروبية، وهم بالتالي ومع هذه الضغوط والمخاطر لن يكون لديهم القدرة على البقاء في الأراضي المحتلة وعندما تنتهي هذه المعادلة بعدم رغبة المستوطنين بالبقاء يفقد الكيان نواة نشأته.
بتوقيت المقاومة
من هنا تأتي أهمية المشاهد التي نشرها الإعلام الحربي، وقال المحلل العسكري، إنّ "هذه الأهداف كانت معروفة لدى المقاومة، ولكن الإضاءة عليها اليوم تعطي أهمية استثنائية في التوقيت وفي المضمون".
وشرح ذلك بقوله: "لناحية التوقيت فإنها خرجت لكي تكون رداً مباشراً على التهديدات الإسرائيلية، ولتحذّر: "إذا كان نتنياهو يفكر بتنفيذ اعتداء على لبنان فإن هذا هو السقف الذي سننطلق منه، السقف الذي حددته بداية مسيّرة "هُدهُد" لأهداف قريبة من لبنان إلى حدود 30 كلم بين طبريا وحيفا، وهي أهداف حيوية عسكرية استراتيجية مهمة، تتضمن قواعد عسكرية ومصانع "رافاييل" للصناعات العسكرية".
ولاحقاً، أضاف أبي نادر، "أتت مشاهد فيلم "لمن يهمه الأمر"، الخاطفة لتسلط الضوء على مروحة الأهداف الاستراتيجية التي هي أساسية في بنك أهداف حزب الله ولتؤكد عليها، وهنا نشير إلى أن الغموض في الفيلم الأخير، شكّل المستوى المرتفع من الحرب النفسية ضد الكيان سياسياً وعسكرياً واجتماعياً"ً.
وفي المنطق العسكري، قال أبي نادر إن وجود منطقة أهداف في رسائل المقاومة يشكّل خطراً على الاحتلال، وسيكون هناك أسلحة دقيقة وسوف يتم ضرب الهدف العسكري، وعندما يكون هناك إشارة بالصور الجوية لكل منطقة الهدف، فإن هذا يشكل ضغطاً نفسياً داخلياً.
وأيضاً، كأنها "رسالة أن هذه المنطقة كلها ومحيطها ستكون عرضة للاستهداف المباشر، وربما هذه الرسالة الأخطر". وفقاً لأبي نادر.
مروحة واسعة من الأهداف وضعها حزب الله في حال إقدام الاحتلال على أي حماقة وتوسعة الحرب على لبنان والتي ستكون جميعها تحت النار.
وما يسمى بـ"المجتمع" الإسرائيلي الغارق في مستنقع غزة فهو غير جاهز للحرب، بحسب أبي نادر، وهو يخشى المواجهة مع حزب الله انطلاقاً من قدرات الردع، وهي أمست حيّة ومباشرة في الاشتباك الذي يحصل على جبهة الاسناد اللبنانية، عن طريق استهداف القواعد وإظهار قدرات حزب الله النوعية في المسّيرات الانقضاضية وفي الصواريخ الموجّهة على كاميرا أو غيرها من القدرات، التي "ربما بقيت متوسطة في فعاليتها انطلاقً من أن الاشتباك هو اشتباك مقيد وغرضه الإسناد، وليس على شكل مواجهة واسعة"، يشدد أبي نادر.
الميادين: فاطمة فتوني