الحمدلله جميل الصنع حسن التدبير غافر الذنب وقابل التوب الغفور الشكور، والصلاة والسلام على سادات الحامدين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم مستمعينا الاكارم ورحمة الله وبركاته نفتتحها بذكر عناوين فقراتها:
حياة ولقاءات الأرواح في البرزخ
الاستثناء من الخلود في الجنة والنار
المؤمن والرفقة الطيبة في منازل الآخرة
*******
ايها الاخوة والاخوات، هل تدبرتم في المقطع التالي من الآية ۱۷۰ من سورة آل عمران التي تتحدث عنه الحياة البرزخية للذين يقتلون في سبيل الله؟
نعني قوله تعالى «ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم».
بعض المستفاد من هذه الآية الكريمة تبينه لنا الاحاديث الشريفة وهذا محور حديثنا في الفقرة الاولى وعنوانها هو:
حياة ولقاءات الارواح في البرزخ
من المعروف - مستمعينا الاعزاء- ان المألوف هو ان يفرد جسد الانسان في قبره وحيداً، فهل ان هذا الحكم ينطبق على روحه ايضاً في عالم البرزخ؟
يستفاد من الاحاديث الشريفة ان هذا الحكم ينطبق على الروح ايضاً في منزل المساءلة وهو من اوائل عالم البرزخ، فقد روى الشيخ الكليني رحمه الله في كتاب (الكافي) مسنداً عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يثير لذلك ضمن حديث طويل عن كيفية موت الانسان وما يجري عليه.
جاء في الحديث الشريف قوله (صلى الله عليه وآله) في نهايته: «فاذا ادخل حفرته ردت الروح في جسده، وجاء ملكا القبر فامتحناه...».
ولكن الامر لا يستمر على هذه الحال مستمعينا الاكارم، كما اخبرنا بذلك ائمة العترة النبوية (عليهم السلام)، فقد روى الشيخ البرقي (رضوان الله عليه) في كتاب (المحاسن) عدة احاديث تصرح بذلك...
منها ما اسنده الى حماد بن عثمان ان الامام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) ذكر الارواح ارواح المؤمنين فقال: يلتقون [يعني في عالم البرزخ].
وهنا سأله حماد باستغراب - على ما يبدو- قائلاً: يلتقون؟!
فقال (عليه السلام): نعم ويتساءلون ويتعارفون حتى اذا رأيته قلت: فلان...
وثمة حديث اكثر تفصيلاً يبين ان هذا الحكم لا يختص ايضاً بأرواح المؤمنين ويبين ان هذا التلاقي والتزاور يبدأ مع دخول الانسان منزله البرزخي الدائم اي روضة من رياض الجنة - رزقنا الله واياكم واياها- او حفرةً من حفر النيران اعاذنا الله واياكم منها، استمعوا لهذا الحديث احباءنا بعد قليل:
روى الشيخ البرقي وهو من اجلاء علماء عصر الغيبة الصغرى بسنده عن ابراهيم بن اسحاق الجازي انه سأل الامام الصادق عنه منزل ارواح المؤمنين في عالم البرزخ.
اجاب (عليه السلام): ارواح المؤمنين في حجرات الجنة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها و يتزاورون فيها ويقولون: ربنا اقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا.
ودعاؤهم يبين - احباءنا- ان المراد هو حجرات الجنة في عالم البرزخ فهم في دعائهم يستعجلون قيام الساعة لكي ينجز الله لهم ما وعدهم من الاقامة في الجنان الأبدية.
ولكن هل ان هذا الحكم يختص بأرواح المؤمنين؟ هذا ما سأل عنه راوي الحديث ابراهيم بن اسحاق حيث قال للامام الصادق: فأين ارواح الكفار؟
اجاب (عليه السلام): في حجرات النار يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويتزاورون فيها ويقولون: «ربنا لا تقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا».
*******
مستمعينا الاكارم، حان الآن موعدكم مع خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وهو يجيب مشكوراً عن بعض اسئلتكم في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا.
المحاور: سماحة الشيخ من الاخ المستمع قاسم الحائري ورد سؤال يرتبط بأحدى الايات الكريمة قال اكثر من آية تتحدث عن ربط الخلود في النار والجنة بما دامت السموات والارض الا ما شاء الله يسأل عن هذا الاستثناء يقول هل يفهم منه انه يعفو الله عن الكافر فيخرجه وينهي حالة الخلود ثم ما معنى هذا الاستثناء بالنسبة للمؤمن؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم وصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، ربط نشأة الجنة ونشأة النار بدوام السموات بأعتبار انه ورد في جملة من الروايات عند الفريقين ان الجنة على اية حال لها تيمية في عالم السموات وكل سماء برحاب مادونها تسع مادونها وزيادة بلا حدود وبلا مقايسة كما ورد ان السماء الاولى بجنب سعة السماء الثانية كحلقة حديدية صغيرة ملقاة لا يدرك منتهي افقها للتعبير عن ان هناك تضاعف في المساحة والحجم والمقدار وهذا في الحلقة بين كل سماء واخرى وربما يعبر بعض اصحاب المعرفة ان المراد من كل سماء وسماء اخرى في حين العلو، العلو هو يعني النشأة والنشاءات تعتبر تلك النشأة الطف واوسع واشد قوه وطاقة وكثير ما يعبر عنها علماء الروح الجدد المحدثين بأن هناك نوع من العوالم الاثيرية الالطف والالطف والاشد قوة والاشد مساحة والاشد سعة اذن هذه عوالم سبعة السموات السبع والارضين السبع في حين نسبتها لبعضها هناك نسبة معينة قد تكون تعلقية جغرافية ايضاً ولكن هي عوالم سبعة متلطفة في بعضها او قل في اعماق الوجود.
المحاور: هل بعضها يكون باطناً للبعض الآخر في حالة الظاهر والباطن يعني.
الشيخ محمد السند: اذا اردنا ان نخفف كلمة الباطن في اللغة العصرية نقول اثيري نافذ في الموجود الاغلظ ونفوذه ذوسعة ومساحة ولايمكن عدها في الحسبان المقايس بالوجود الغليظ الاصغر اذن السموات السبع ايضاً هي عوالم اثيرية الطف فألطف داخله في بعضها البعض تزداد سعة، والآن الابحاث الفينزياوية الناعمة الظريفة في الاجسام الناعمة الظريفة يمكن ان تصغر مئات المرات او ان تبرز ان المواد مختلفة والطاقات مختلفة واحكامها الفيزيائية مختلفة عن بعضها البعض، اياً ما كان فيشاهد من دلالة الايات ان الجنة كائن على اية حال في السموات فوق السماء السابعة او برحاب اختلاف جنات عن وجنة الفردوس والجنان مختلفة طبقات وعوالم اذن فهي مرتبطة بنشأة السموات من هذه الجهة، كما ان في جملة من الروايات ان نشأة جهنم مرتبطة بالسموات والارضين الدونية بأعتبارها عوالم النزول وان كان نشأة جهنم ايضاً من حيث الطاقة واشتدادها اشد المراتب للكائن الارضي كما ورد انه قدرة النار في البرزخ لا يتحملها دار نشأة الارض فكيف بنار الآخرة علي اية حال الربط بين الجنة والنار ونشأة السموات والارض هذا ربط واضح بأعتبار البيئة والارتباط البيئي اما الاستثناء في الا ما شاء الله فالحقيقة ان كل تقدير وقضاء قد جف القلم بتقديره وامضاءه هذا لا يعني سلب قدرة الهل عزوجل هذا هو فلسفة البداء عن اهل البيت عليهم السلام انه لا يحكم على الله شيء ففي حين هو قضى وقدر ودبر وابرم الا ان ذلك لا يعني سلب قدرة الله فيما قد قضاه ودبره لانه هو قادر فيما يقدره بأقدر مما تكون في القدر والقضاء بالتالي لم تظل الارادة الالهية فوق كل شأن وكل قضاء ابرم وقدر حتم فهتا تأني اذن المشيئة، المشيئة في الحقيقة عالم من عوالم الخلفة الالهية تحيط بأبرام القضاء وحتم القدر وما شابه ذلك من ثم المشيئة تحيط الا ما شاء الله لذلك شاء وعلم وقضى وارد وقدر تأني العوالم القضاء والقدر والتقدير فيما بعد هيمنة عالم المشيئة، عالم المشيئة الالهية عالم مهيمن محيط بالعوالم الاخرى وبالتالي هو يمثل مدى القدرة الالهية والمشيئة الالهية التي تحيط بكل شيء وهي قاهرة لكل شيء.
المحاور: تبارك وتعالى سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً.
*******
نواصل ايها الاخوة والأخوات تقديم هذه الحلقة منه برنامج عوالم ومنازل، بوقفة نتعرف فيها على بعض حماة وحراس المؤمن في عالم البرزخ، وذلك في الفقرة التالية وعنوانها هو:
المؤمن والرفقة الطيبة في منازل الآخرة
المستفاد من جملة من الأحاديث الشريفة المروية في المصادر المعتبرة عند مختلف المذاهب الاسلامية مستمعينا الاكارم هو ان الله جلت حكمته شاء ان تكون لأعما لالانسان صور او تمثلات بهيئات خاصة ترافقه في عالم البرزخ.
اجل، هذا ما صرح به النبي الاكرم )صلى الله عليه وآله) في عدة احاديث نقلناها في حلقات سابقة، وفي هذه الحلقة ننقل حديثاً آخر يعرفنا بأمهات الاعمال الصالحة التي تجعل حياة الانسان طيبة هانئة في عالم البرزخ، نقرأ لكم نص هذا الحديث بعد قليل:
روي في كتاب (المحاسن) مسنداً عن ابي بصير (رضوان الله عليه) عن احدهما اي الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) قال:
اذا مات العبد المؤمن دخل معه في قبره ستة صور، فيهن صورة أحسنهن وجهاً وأبهاهن هيئة واطيبهن ريحاً وانظفهن صورة.
ولا يخفى أحباءنا ان المراد من القبر هنا هو القبر البرزخي وليس القبر المادي والحفره الصغيرة التي يوضع فيها جسد المتوفى، وفي استخدام الامام (عليه السلام) تعبير «ستة صور» وليس تعبير «ست صور» نكتة لطيفة دقيقة فما هي يا ترى؟
لعل المراد بهذا التعبير اعزاءنا الاشارة الى ان هذه الصور الملكوتية الجميله تعبر عن جزء من حقيقة هذه الأعمال وآثارها وليس عن كل هذه الحقيقة اذ ان لها آثاراً وتمثلات وصوراً اخرى في عوالم القيامة وما بعد عالم البرزخ.
نرجع الى الحديث الشريف وبين اثر هذه الصور في حفظ المؤمن في عالم البرزخ، قال (عليه السلام): فيقف صورة عن يمينه واخرى عن يساره واخرى بين يديه واخرى خلفه واخرى عند رجله وتقف التي احسنهن فوق رأسه، فان اتي عن يمينه منعته التي عن يمينه ثم كذلك الى ان يؤتى من الجهات الست.
اي ان هذه الصور الملكوتية تحفظ المؤمن من جميع الأخطار وفي جميع شؤونه.
ثم قال (عليه السلام):
فتقول احسنهن صورة: ومن انتم جزاكم الله عني خيراً؟
فتقول التي عن يمين العبد: أنا الصلاة.
وتقول التي عن يساره: انا الزكاة.
وتقول التي بين يديه: انا الصيام.
وتقول التي خلفه: انا الحج والعمرة.
وتقول التي عند رجليه: انا بر من وصلت من اخوانك.
ثم يقلن: من انت؟ فأنت احسننا وجهاً واطيبنا ريحاً وايهانا هيئة.
فتقول: انا الولاية لآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين.
ايها الأخوة والاخوات، وثمة حقيقة دقيقة اخرى يشتمل عليها هذا الحديث الشريف هي ان الولاية الحق لأولياء الله عزوجل هي في واقعها امر اعتقادي ذو مظهر عملي يتمثل بصورة ملكوتية هي ابهى واسمى صور الأعمال الصالحة قاطبة ولذلك وقفت صورتها فوق رأس المؤمن.
هذا اولاً وثانياً فان التمسك بالولاية الحقة لأولياء الله عزوجل وهو الذي يجعل سائر اعماله الصالحة واهمها - كما يذكر الحديث الشريف- الصلاة والصوم والزكاة والحج وصلة الاخوان، يجعلها بالمستوى المطلوب الذي يرتضيه الله عزوجل ويجعل له هذه الصور الملكوتية الجميلة التي تحسن صحبة صاحبها في سفره في منازل الآخرة.
وثمة كرامة اخرى للمؤمنين يكرمهم بها في عالم البرزخ هي اللقاء بآل محمد (صلى الله عليه وآله) نحدثكم عنها ان شاء الله في الحلقة المقبلة، فكونوا معنا. وختاماً نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******