نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"يستشير" حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه من صفاته تعالى: (اسمع السامعين ابصر الناظرين، احكم الحاكمين، اسرع الحاسبين)، ثم يقول: (ارحم الراحمين، خير الغافرين)، هاتان العبارتان الاخيرتان وتعني بهما ارحم الراحمين، خير الغافرين، من حيث دلالتهما من الوضوح بمكان فيما يتحدثان عن انه تعالى ارحم الراحمين لعبده وخير الغافرين لذنوب عبده وبعد ذلك نواجه عبارتين يختم بهما المقطع من الدعاء وهما: (قاضي حوائج المؤمنين مغيث الصالحين)، هنا نعتقد ان هاتين العبارتين هما تتويج او تلخيص لمقطع الدعاء الذي بدأ بقوله(ص) حيث ان النبي(ص) علم الامام علياً(ع) هذا الدعاء نقول: لقد بدأ مقطع الدعاء بعبارة انت يا رب موضع كل شكوى، واستمر المقطع بعبارات متنوعة تصب جميعاً في هذا الميدان مثل صريخ المستصرخين، منفس عن المكروبين، حيث يختم مقطع الدعاء بالعبارتين اللتين ذكرناهما وهما: قاضي حوائج المؤمنين، مغيث الصالحين، وقلنا ان هاتين العبارتين هما لتتويج او الخلاصة او الحصيلة الاشد اهمية بحيث يفسران لنا معنى العبارات المتقدمة جميعاً وهذا يحتاج الى توضيح فنقول: ان الكثير من قراء الادعية يتساءلون احياناً عن عدم اجابة الدعاء، وهو سؤال في غاية الاهمية، ولعلك تتذكر اذا كنت متابعاً لاحاديثنا ما ورد من التوضيح لمسألة الدعاء من حيث الاجابة حيث ذكرت النصوص الواردة عن المعصومين عليهم السلام ان العبد اذا توسل الله تعالى فان الدعاء اما ان يعجل بالاستجابة؟ او يؤجل الى اليوم الآخر من حيث ثوابه او يدفع به الشر ولكن في الآن ذاته، طالما تشير النصوص الى ان من اسباب عدم اجابة الدعاء ما يمارسه الانسان من الذنوب.
من هنا نستطيع ان نوضح لك معنى العبارتين الاخيرتين اللتين ختم بهما مقطع الدعاء وهما قاضي حوائج المؤمنين، مغيث الصالحين، فهنا نلفت نظرك الى ان هاتين العبارتين تشير الاولى منهما الى ان قضاء الحوائج أي استجابة الدعاء تنسحب علىالمؤمنين وليس الغير أي الاشخاص المتسمين بسمة الايمان وهذا بالنسبة الى العبارة الاولى واما العبارة الثانية فتقول: (مغيث الصالحين) ايضاً انها تحصر اجابة الدعاء للاشخاص الذين يتسمون بالصلاح وليس بغير ذلك، وحينئذ ماذا نستخلص؟
نستخلص بان المؤمن والصالح هما اللذان يقضي الله تعالى حوائجهما ويغيثهما من الشدائد.
والسؤال الجديد هو ما هي النكات الكامنة وراء هذين النمطين من الناس أي المؤمن والصالح حيث قصر الدعاء الاستجابة لهما؟ أي من هو المؤمن ومن هو الصالح، وما الفارق بينهما؟
لا نتأمل طويلاً حتى نعرف بان المؤمن هو الشخصية التي تتسم بسمات الايمان بعامة أي المؤمنة بالله تعالى وبرسوله(ص) وبالائمة عليهم السلام بغض النظر عن درجة ايمانها وهذاعلى العكس من المقصود من الشخصية الصالحة حيث ينصرف ذهن قارئ الدعاء الى الشخصية التي تتسم بسمات التقوى بحيث تجتنب كبائر الاثم الا اللمم لذلك فانها افضل من المؤمن بعامة أي ان الشخصية التي يطلق عليها المؤمن هي اقل درجة من الشخصية التي يطلق عليها الصالح لذلك فان مقطع الدعاء ربط قضاء الحوائجبالشخصية المؤمنة أي انه تعالى يحقق اشباعاً للمؤمنين بعامة ولكنه بالنسبة الى الصالحين فانه يغنيهم أي ينقذهم من الشدائد وهناك فارق بين من تقضى حوائجه العادية وبين من يغيثه تعالى من الكرب والشدائد فهذا الاخير هو الشخصية الصالحة التي تغلب عليها سمة التقوى بينهما المؤمن هو اقل درجة من ذلك.
اذن امكننا ان نتبين جملة من الاسرار الكامنة وراء العبارتين اللتين ختم بهما مقطع الدعاء وهما عبارتا قاضي حوائج المؤمنين ومغيث الصالحين.
اخيراً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ان نصبح صالحين وان نمارس الطاعة ونتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******