البث المباشر

شرح فقرة: "أشهد أنك الله الواحد الاحد المتفرد الصمد..."

الثلاثاء 26 مارس 2019 - 09:53 بتوقيت طهران

الحلقة 50

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء يستشير وهو دعاء علمه رسول الله(ص) الامام علياً(ع) وامره بتلاوته يومياً طوال حياته، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا الى مقاطعه الاخيرة حيث ورد فيها (اشهد بانك انت الله الواحد الاحد المتفرد الصمد الفرد) وهذا المقطع من الدعاء يتسم باهمية كبيرة حيث يتضمن مفردات توحيدية متماثلة في عرضها لاسمائه وصفاته تعالى ولكنها متفاوتة في دلالاتها من جانب آخر فمثلاً يبدأ المقطع بكلمة الله تعالى وهي مفردة تعني الاسم العام له عز وجل اما الاسماء التي تليها فهي خاصة بدلالة محددة تفترق عن الاخرى مع ملاحظة الدلالة المشتركة ايضاً والمهم ان نحدثك الان عن الاسماء او الصفات المذكورة وفي مقدمتها مفردة الاحد ومفردة الواحد حيث وردتا متجاورتين عبر هذه الفقرة (انت الله الواحد الاحد)، والسؤال المهم هو ما الفارق بين الواحد وبين الاحد؟ هنا نكرر بان قارئ الدعاء ينبغي الا يمل من حرصنا على بيان امثلة هذه الفوارق بين الكلمات لان المطلوب من قارئ الدعاء ان يعي ما يقرأ حتى يعطي الدعاء ثمره بالنسبة الى قارئه والا اصبحت قراءته مجرد نشاط لساني.
اذن لنتحدث اولاً عن الفارق بين عبارة الواحد وبين عبارة او كلمة الاحد.
من الافضل ان نحيل قارئ الدعاء الى المصادر اللغوية التي تعنى بفوارق اللغة حتى يطمئن الى ما يقرأ من الادعية تقول المصادر اللغوية بان الفوارق بين كلمة الواحد وبين الاحد كثيرة منها مثلاً ان الواحد هو من لا يزال وحده ولم يكن معه آخر واما الاحدفهو الذي لا يتجزأ ولا يقبل الانقسام.
هذا فارق وهناك فوارق منها كما مثل بطبيعة الحال المراد بالواحد نعني التركيب عنه تعالى واما الاحد فنفي الشريك عنه أي صفاته وذاته، وايضاً ورد من الفوارق ان الواحد يعني نفي المشاركة في الصفات بينما الاحد يعني التفرد في الذات ومنها فوارق متنوعة اخرى تتصل بالاستخدام حيث ان الواحد يستخدم مطلقاً بينما الاحد لا يستخدم الا في الحديث عن الله تعالى.
وما يعنينا الان هو ان اياً من المقولات المتقدمة يرشدنا الى دقائق دلالية مثل تثري معرفتنا بالله تعالى مثل نفي التركيب والاجزاء الخارجية والذهنية عنه تعالى حيث يختلف عن معنى نفي الشريك عنه والاول هو ما تعنيه كلمة الواحد والاخر هو ما تعنيه كلمة الاحد واذن عندما ننفي عنه الشريك في الخلق وفي أي شيء آخر نكون قد حددنا دلالة خاصة تختلف عن دلالة اخرى هي نفينا لما هو تركيب او اجزاء خارجية وذهنية عنه تعالى.
وهكذا بالنسبة الاسماء او الصفات الاخرى الواردة في المقطع ومنها الفارق بين كلمة المتفرد وبين كلمة الفرد وهذا ما نوضحه الان.
كلمة الفرد عندما تطلق على الله تعالى انما تعني كما تقول المصادر اللغوية هو من لا نظير له، هنا قد تسأل قائلاً اذن ما الفارق بين عبارة الاحد التي تعني نفي الشريك لله تعالى؟ والجواب هو ثمة فارق بين نفي الشريك وبين نفي النظير فالشريك يعني المشارك للغير في ذاته وقدراته بينما النظير هو المماثل أي المشابه والفرق واضح بين ان تقول هذا مشارك وهذا مماثل لان الشريك يتساوى مع الاخر بينما النظير يتشابه مع الاخر.
وهذا فيما يتصل بكلمة ان الله تعالى فرد ولكن ماذا بالنسبة الى الله تعالى متفرد.
المتفرد كما تقول اللغة هو البليغ في الفردانية بمعنى تفرده ازلاً وابداً هنا قد تتساءل ايضاً كيف نفرق اذن بين الفرد والمتفردوالجواب هو ان الفرد يتداعى منه الذهن الى عدم مشابه له كما قلنا واما المتفرد فكذلك ولكن مع تداعي الذهن الى ما هو اكثر بلاغاً امعاناً في جعل ذهننا يتداعى الى تغلغل في عظمة هذا التفرد من حيث جوانبه جميعاً ومنها الازلية والابدية وهذا يستاقنا الى كلمة الصمد التي وردت في المقطع حيث لم نعرض لها ولكنها ترتبط كما نرى انشاء الله تعالى بالازلية من جانب وبدلالات اخرى ذكرها المعصومون عليهم السلام حيث نحدثك عن ذلك في لقاء لاحق انشاء الله تعالى.
اخيراً نسأله تعالى ان يوفقنا لادراك معاني التوحيد وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة