البث المباشر

شرح فقرة: "وأنت الحليم وأنا العجول، وأنت الرحمن وأنا المرحوم"

الثلاثاء 26 مارس 2019 - 09:40 بتوقيت طهران

الحلقة 47

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ (يستشير) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى العبارة القائلة (وانت الحليم وانا العجول)، وهو ما نحدثك عنه الان فنقول: بالنسبة الى كلمة الحليم نجدها تنسحب على مجموعة سمات هي الصبر والاناة والسكون مع القدرة والقوة، هكذا تنقل لنا المصادر اللغوية لمعنى الحليم والمطالب الان هو ملاحظة هذه الصفة التي يقابل بها الدعاء بين الله تعالى وبين العبد من حيث عظمته تعالى وصغر العبد ولعل السؤال المهم هو ما هي النكات الكامنة وراء هذه الفقرة او التقابل بين الحلم وبين العجلة؟ لقد كان من الممكن ان يقابل الدعاء بين عجلة العبد واناة الله تعالى، حيث ان الاناة تقابل العجلة ولكن كما تلاحظ قابل الدعاء بين الحلم وليس الاناة وحدها وبين العجلة فما هو السر الكامن وراء ذلك؟
لا نحتاج الى تأمل طويل حتى ندرك سريعاً بان الحلم هو مجموعة صفات ولكنها مصحوبة بدلالة خاصة هنا قد تسأل عن هذه الصفات والدلالة المقترنة بها؟ ونبدأ بتذكيرك بما لاحظناه الان حيث قلنا الحلم هو اولاً الاناة والصبر والسكون، وكل واحدة منها لها دلالتها الخاصة فالاناة غير الصبر وهما غير ما تعنيه كلمة السكون، هذا من جانب ومن جانب آخر وهذا ما نعتزم توضيحه الان وهو ان الصفات المتقدمة الاناة والصبر والسكون قد تتحقق لدى شخص مثلاً ولكنها لا تقترن بقدرة العبد أي ان العبد من الممكن حينما يواجه الاساءة من شخص آخر ان يصر على الاساءة دون ان يمتلك قدرة على الرد أي ان صبره مضطر اليه حيث لا يملك سواه ما دام لا يملك قوة على الرد، ومن الممكن ان يجزع مثلاً مقابل من يصبر على الاساءة ولكنه لا يمتلك صفة الحلم التي تعني الصبر مع القدرة على الرد.
اذن العبارة التي تتحدث عن الله تعالى بانه حليم تظل موشحة بدلالة كبيرة هي انه تعالى يحلم مع القوة على المعاقبة للمسيء مثلاً وبذلك ندرك مدى سعة رحمته تعالى، بعد ذلك نواجه عبارة جديدة وهي انت الرحمن وانا المرحوم والسؤال الان هو ان الرحمان من الالفاظ الواضحة من دلالتها ولذلك المرحوم ولكن ثمة نكات ايضاً في هذا التقابل بين رحمة الله تعالى وبين العبد المشمول برحمته فما هي هذه النكات؟
هنا نلفت نظرك الى ما ورد عن اهل البيت عليهم السلام بالنسبة الى كلمة الرحمان وافتراقها عن كلمة الرحيم ان كلا منها يقرأ يومياً مرات عديدة عبارة بسم الله الرحمن الرحيم كما يقرأ عبارة الرحمن الرحيم في سورة الحمد فضلاً عما يقرأ في النصوص القرآنية والحديثية هذه العبارة الثنائية الرحمن والرحيم ونسأل اما سأل احدنا عن الفارق بين هاتين الصفتين؟ اهل البيت عليهم السلام كما قلنا اجابوا عن السؤال المتقدم بان عبارة الرحمان تشمل مطلق الرحمة بالمخلوقات ولكن عبارة الرحيم تشمل المؤمن بخاصة والان مع ملاحظة الفارق المتقدم نتساءل لماذا انتخب الدعاء عبارة الرحمن بدلاً من الرحيم في عبارة انت الرحمان وانا المرحوم؟
هذا ما يحتاج الى القاء الانارة عليه، من الواضح ان هذا الدعاء الذي لاحظنا عباراته المختلفة ينظر الى الصفات المركزة على ما هو الاعم من الظواهر فقد لاحظنا مثلاً ان العبارة القائلة في مقطع سابق (انت الغافر وانا المسيء) لاحظنا ان الغافر يشمل التجاوز عن ذنب الانسان والستر عليه وكذلك عبارة المسيء تشمل مطلق ما يصدر عن الانسان من عمل سلبي هنا نلاحظ بان الرحمان تشمل مطلق الرحمة بمخلوقاته مما يعني ان الدعاء يستهدف لفت انتباهنا على هذه السمة وهي الرحمة المطلقة التي تشمل المخلوقات جميعاً ومنها العبد القارئ للدعاء بطيعة الحال ولذلك عندما يقول الدعاء بالنسبة الى العبد وانا المرحوم انما يعني ذلك انه مشمول بالرحمة قطعاً حتى لو كان من غير الخاصة من المؤمنين وهذا هو منتهى ما يتصوره العبد من رحمته تعالى غير المحدودة.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من النكات التي تتضمنها عبارة انت الرحمن وانا المرحوم والمهم هو ان نتجه الى الله تعالى بان يشملنا برحمته وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة