ويحتفي مواطنو نحو 150 دولة حول العالم، في الأول من فبراير/شباط من كل عام بمبادرة (اليوم العالمي للحجاب) التي تهدف إلى رفع الوعي بشأن الحجاب الإسلامي وتعزيز التسامح الديني ومحاربة التمييز.
وانطلقت المبادرة عام 2013 على يد الفتاة الأمريكية المولودة في بنغلاديش (نظمة خان) لتشجيع النساء من مختلف الأديان والجنسيات على تجربة حياة الفتاة المحجبة ليوم واحد فقط، بينما تعاني النساء المسلمات حول العالم أشكالاً مختلفةً من التمييز بسبب ارتداء الحجاب على مدار العام.
وتعرضت نظمة لكثير من أشكال التمييز الذي وصل إلى درجة الركل والبصق عليها ووصفها بالإرهابية، وتأمل من خلال هذا اليوم إلى نشر التسامح الديني وقبول الآخر، لذلك تدعو جميع النساء سنوياً منذ نحو 11 عاماً لارتداء الحجاب في هذا اليوم في ظل تضامن واسع على مواقع التواصل الاجتماعي من أشخاص يمثلون ثقافات وديانات وعرقيات مختلفة.
وبمناسبة اليوم العالمي للحجاب، أجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان الإعلامية "ريما فارس" حواراً مع المبلغة اللبنانية والناشطة الثقافية والباحثة في العلوم القرآنية والاسلامية "الأستاذة ابتسام محمد نجم".
وفيما يلي النص الكامل للحوار:
ماهي الاجراءات التي يمكن اتخاذها لمواجهة ظاهرة فوبيا الحجاب ومنع التمييز ضد المرأة المحجبة؟
حين يكون الحجاب عائقاً أمام ممارسة الكثير من مسؤوليات المرأة الاجتماعية والعملية وعائقاً لتقدمها وانسانيتها، قد يصبح لدى الكثير فوبيا، ويصبح الحجاب معضلة من معضلات العصر.
وأهم الخطوات التي يمكن اتخاذها لمواجهة فوبيا الحجاب:
- إبراز الوجه الحقيقي للحجاب وتبيين الحرية بمعناها الصحيح يساعد على التخلص من هذه الفوبيا.
- توعية المجتمع وخاصة الفتيات ان الحجاب لا يتعارض مع حرية المرأة وحقوقها، ولا يحدّ من قدراتها الفكرية والجسدية والفنية والابداعية، ولا يمنعها من الانخراط في المجتمع وبذلك تكون عنصراً فعالاً منتجاً تسعى لتطور المجتمع وتنميته في كل الميادين، وتبديل صور نمطية كثيرة شوهها الجاهلون والغربيون.
- تعريف الآخر وجذبه وكسب اهتمامه وتعاطفه مع ثقافات مختلفة عنه وتدفعه نحو فتح التفاهم بل وتحثه على فرض الاحترام المتبادل.
- تبيين أهمية الحجاب ونقل تجارب تبعث على التفاؤول والاستعداد لخوض مثل هكذا تجربة، والاسراع بها، لتشجيع النساء على ارتداء الحجاب.
- العمل على نشر الوعي عند الفتيات وتشجيعهن على لبس الحجاب لخوض التجربة بشكل سريع ومباشر من خلال عرض انواع من المواد التي تسهل عملية الستر ولبس الحجاب وكيفيته.
- تفهيم معنى الحجاب بالدقة ليس هو تغطية الرأس وحسب، وإنما أيضاً تغطية كل الجسم بما في ذلك الرأس والصدر والذراعين والساقين، إضافة إلى أن تكون هذه ملابس فضفاضة.
- كشف مسألة الكلام عن المحجبة بالذات أو النظر اليها يعتبر تمييزاً في المعاملة والتعامل ونوعاً من العنصرية لصالح شريحة محددة من المجتمع مقابل شريحة أخرى موجودة ولها حقوقها الانسانية بالاختيار (كاختيار الحجاب)، وهذا بالطبع أمر مرفوض، فالحجاب لا يقلل من انسانيتها.
- عرض من المشاركات بعض الحوادث التي تعرضن لها ومرت معهن لفضح تجاوزات البعض للحرية المزعومة، ولجبر بعض الفتيات على ترك الحجاب وهذا هو الأسر والجبر بعينه.
- تفهيم العالم ان الحجاب لا يقتصر على تغطية الرأس فقط ويتعداه الى ستر الجسم.
ويتضح لنا كيف خدم الإسلام المرأة بنحو لم يكن له سابقة في التاريخ، لقد انتشل المرأة من تلك الأوحال، وأكرمها وجعلها إنسانة ذات شخصية"، وفي الواقع، "لم يخدم الإسلام الرجل بمثل ما خدم المرأة، إنكن لا تعلمن ماذا كانت عليه المرأة في الجاهلية، وما آلت إليه في الإسلام".
كيف يمكن تعزيز التسامح والتفاهم المتبادل بين الثقافات والأديان المختلفة من خلال فكرة اليوم العالمي للحجاب؟
إن اليوم العالمي للحجاب يمكن تعزيز وتأكيد التسامح والتفاهم بين الثقافات وبين الأديان المختلفة من خلال عدة خطوات وفعاليات أهمها:
- محاولة زيادة الوعي بشأن الحجاب.
- محاولة تعميق الفهم عند الآخرين للحجاب.
- تعزيز التسامح الديني.
ولكن هذا يحتاج الى وقت لان الاعلام الغربي عمل جاهداً على تشويه صورة الحجاب، ومحاسبته وهذا يحتاج الى المزيد من الجهود العظيمة، وعمل ندوات ثقافية عديدة لإزالة هذا التشويه، واعادة البوصلة الى وجهتها الصحيحة والحجاب الى حقيقته الواضحة.
ما هي الحكمة من فرض الحجاب على المرأة وما هي فوائد الحجاب الاسلامي؟
الحكمة من فرض الحجاب على المرأة بالدرجة الاولى كان لصالح المرأة، كي تستطيع تحصيل العديد من الفوائد منها الحماية والحرية وغيرها لأن الطبيعة التكوينية للمرأة تحتاج الى الحجاب وليس فقط لاجل حماية المجتمع وحمايتها من الرجال وحتى لا تكون سلعة بيد الاخرين، بل الامر أعمق وأهم من ذلك بكثير فهو حاجة داخلية تعمل على دفعها نحو الكمال التي تحتاجه للوصول الى الله تعالى حيث يعزز الكمال المعنوي والمادي ويحميها من المغريات الداخلية والخارجية والشهوات، ويساعدها على تحمل الضغوط بكل أنواعها ويساعد في اظهار قدراتها المتعددة لمجتمع سليم وصحي.
وبالدرجة الثانية الحكمة من فرض الحجاب هي لضمان العفاف والحياء وسلامة المجتمع حيث قال الامام الصادق(ع) "لا إيمان لمن لا حياء له" كما روي عن الامام الباقر(ع) :"الحياء والإيمان مقرونان في قرن فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه".
الحجاب تقوى حيث يقول الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ﴾، والحجاب أيضاً من الإيمان: لأن الله لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات، ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ﴾.
والحجاب هو شعار التقوى والإسلام، وبرهان الحياء والاحتشام، وسياج الإجلال والاحترام، وهو أشرف إكليل لجمالك، وأعظم دليل على أدبك وكمالك، وإمرأة بلا حجاب مدينة بلا أسوار.
ليقولوا ما يقولوا فليس هناك شيء يحفظ للمرأة كرامتها وعرضها وعزتها مثل الحجاب. حجابك نوع من أنواع النعيم ستسألين عنه، والحجاب واجب في الاسلام، وقد صرح به القرآن الكريم؛ فمن ينكره ينكر القرآن.
كيف يمكن شرح أهمية وفوائد الحجاب لجيل الفتيات الصغيرات؟
الفتيات هنّ أمانة في اعناقنا ولا يمكننا ان نشرح لهن فلسفة الحجاب وفوائده لصغرهن، فلابد أن نجد طرقاً مناسبةً وسهلةً لتوضيحها بما يتناسب مع أعمارهن وقدراتهن الفكرية، لينجذبن ويتعلقن به، كالقصص والأفلام القصيرة والفن والموسيقى وغيره بما يتناسب وهذا العصر.
كما ويجب توجيه أنظارهن نحو نموذج وقدوة يحتذين بها ويتمثلنها، فيسرن على خطاهن كالسيدة الزهراء والسيدة زينب(سلام الله عليهما)، وتوجيه انظارهن لوصايا العلماء والشهداء والعظماء في هذا الاطار.
والعمل على البيئة المحيطة لأهميتها جداً لهن فيتأثرنّ بها وتؤثر بهنّ بشكل عفوي. فعندما تكون البيئة صحية وايمانية لابد لهن من التأثر والمسارعة للحجاب وأداء التكليف برغبة واندفاع ولهفة.
علماً ان الفتيات الصغيرات لهن أسلوبهن الخاص في التعامل، لجذب انتباههن باللين والحب والكلمة الطيبة وهنّ يعشنّ في مجتمع وبيئة واعية تتفتح فيه الفتيات والشابات على كل أنواع المعرفة فيسهل علينا مخاطبتهن بخطاب راقي وموجه ومباشر...
العمل على تعظيم حب الله لهن والتوضيح كيف يحب الله الحجاب والمحجبات، وقد فرضه حباً واكراماً لهن فالفتيات الصغيرات لازلن على الفطرة السليمة ومن الطبيعي ان ينجذبن نحو الحجاب، فكل فرض إلهي يحاكي الفطرة السليمة يجذبهن للمسارعة لطلب الحجاب خاصة ان تأثير المغريات والشهوات لم تصل إليهم بعد والفطرة جاذبة الحجاب.
ومن المهم جداً تفهيمهن لماذا ترتدي فتياتنا الحجاب، والابعاد المعنوية والمادية لذلك، ومن أهم اسبابه هو ابراز هويتها بالذات وهي الهوية الاسلامية.