البث المباشر

تفسير موجز للآيات 20 الى 35 من سورة القيامة

السبت 24 أغسطس 2024 - 13:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1049

 

بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين إذ هدانا للإيمان وأفضل الصلاة وأتم التسليم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. حضرات المستمعين في كل مكان سلام عليكم ورحمة من الله تعالى وبركات وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" حيث سنكمل فيها بإذنه تعالى تفسير ما تبقى من سورة القيامة المباركة..

بداية، أيها الكرام، ندعوكم الى الإستماع الى تلاوة الآيات العشرين حتى الخامسة والعشرين من سورة القيامة..

كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ{20} وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ{21} وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ{22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ{23} وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ{24} تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ{25}

كلمة "ناضرة" أيها الأفاضل، بمعنى حيوية ونضارة الوجه الناشئة عن النعم الكثيرة، كما قال تعالى في موضع آخر(نضرة النعيم). وقد يكون المقصود من "ناظرة" هو إنتظار الحصول على النعمة، كما ورد في رواية عن الإمام الرضا (ع): (مشرقة تنتظر ثواب ربها) وأما "باسرة" بمعنى عابسة ومقطبة، و"فاقرة" من فقار بمعنى فقرات الظهر، ومنها جاءت كلمة فقير، وتعني أن الشخص الذي لا يملك شيئاً كأن فقرات ظهره متكسرة، والمقصود من فاقرة أنها كاسرة للظهر.

ورغم أن الآية تقول (إلى ربها ناظرة) لكن الله لا يرى بالعين الباصرة بل ينظر الناس يوم القيامة الى ألطاف الله تعالى.

ومما نتعلمه من هذه الآيات الشريفة أولاً: للسؤال والجواب جذور نفسية؛ فالسؤال عن القيامة ناتج عن التعلق بالدنيا.

ثانياً: الدنيا زائلة، وكأن الدنيا تستعجل للوصول وتمضي بسرعة.

ثالثاً: لا يمكن لقلب واحد أن يحب اثنين متضادين.

رابعاً: تؤثر الأمور النفسية على وجه الإنسان، فلون الوجه ينبئ عن سر الضمير.

وخامساً: حب الدنيا ونسيان الآخرة سببان للحزن والكآبة يوم القيامة.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ننصت معاً خاشعين إلى تلاوة الآيات السادسة والعشرين حتى الخامسة والثلاثين من سورة القيامة المباركة..

كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ{26} وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ{27} وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ{28} وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ{29} إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ{30} فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى{31} وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى{32} ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى{33} أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى{34} ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى{35}

"التراقي" أيها الكرام، جمع ترقوة وهو العظم المحيط بالحلق؛ و"راق" هي في الأصل راقٍ إسم فاعل من رقى؛ ويطلق على الأوراد والأذكار التي تشفي المريض "الرقية"؛ إذاً (راق) هي كل ما فيه نجاة للمريض من الموت.

وجاء في الروايات أنه عند الموت، يتجلى مال الإنسان وأولاده وأعماله أمام ناظريه، فيقول المال: أنا خارج من يدك ويقول الولد: أنا سأبقى معك حتى القبر ولكن الأعمال تقول: أنا سأبقى معك إلى الأبد.

وبالنسبة لآية "إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ" فيكون السوق أحياناً إلى الجنة بواسطة ملائكة الرحمة، أو إلى جهنم بواسطة ملائكة العذاب.

وورد في الحديث "من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر" وقد ذكر القرآن كذلك أن نتيجة ترك الصلاة هي الكفر بقوله تعالى (فلا صدق ولا صلى) وذهب بعض المفسرين إلى أن سبب نزول الآية الحادية والثلاثين وما بعدها، هو الإشارة إلى تكبر أبي جهل وغروره، وعلى فرض صحة هذا الكلام، فلا يضر هذا بعموم الموضوع.

وكلمة "يتمطى" أيها الكرام، إما من مط بمعنى مد الرجل، أو من مطاء بمعنى إدارة الظهر والتولي، والمعنيان هما كناية عن التكبر والتبختر؛ وترسم هذه الآيات مشهد احتضار المنحرفين؛ لأنه وحسب ما روي عن الإمام الصادق (ع) فإن احتضار المؤمن كشم أجمل الروائح.

أما الآن، إخوتنا الأكارم، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة آخر آيات سورة القيامة المباركة وهي الآيات السادسة والثلاثين حتى الأربعين منها...

أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى{36} أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى{37} ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى{38} فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى{39} أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى{40}

بدأت هذه السورة بالقسم بيوم القيامة وتختم بالحديث عن قدرة الله على إحياء الموتى يوم القيامة. وأشارت هذه الآيات في البداية إلى الحكمة الإلهية من يوم القيامة ومن ثم أشارت الى قدرة الله على خلق الإنسان والتي تبين إمكانية خلق الإنسان مرة أخرى.

ومن تعاليم هذه الآيات الكريمة أولاً: من يرى أن الإنسان مخلوق بلا هدف أو مسؤولية، يستحق الإهانة المتكررة.

ثانياً: الخلق الأول دليل على إمكان الخلق ثانية وقدرة الله عليه.

ثالثاً: دراسة مراحل وطريقة خلق الإنسان هي من طرق معرفة المعاد.

ورابعاً: عدم البعث يفقد خلق الإنسان أهدافه.

إخوة الإيمان، مع ختام تفسير سورة القيامة المباركة نصل وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير موجز آخر من آي الذكر الحكيم تقبلوا تحياتنا وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة