سلام من الله عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته..
أزكى تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة جديدة من برنامجكم العقائدي هذا.
نتابع في هذا اللقاء إستنطاق النصوص الشريفة للحصول على الإجابة الكاملة على سؤال الأخ سعيد الأحمد الذي عرضناه قبل حلقتين وهو يقول:
ما الذي يميز علوم أهل البيت – عليهم السلام – عن علوم سائر حملة أو رواة السنة النبوية؟
وقد عرفنا من خلال النصوص المروية من طرق الفريقين وكذلك من شهادات علماء أهل السنة أن أول ما يميز علومهم – عليهم السلام – إشتمالها على علم القرآن كله بجميع حقائقه المكنونة ومراتبه.
وثانياً فإن علومهم منزهة عن الخطأ والإشتباه والظن في الفهم ولا يعتريها النسيان.
وثالثاً فإنها تتميز بأن كل باب منها ينفتح منه ألف باب من المعارف الإلهية اليقينية، وقد خصهم الله عزوجل بذلك لكي يكون الإسلام دينه الخاتم قادراً على الإستجابة لمتطلبات كل زمان ومكان ببركة ما ينفتح لهم – عليهم السلام – من أبواب المعارف اليقينية.
أيها الأكارم، أما الميزة الرابعة التي تميز علومهم – عليهم السلام – فهي كونها أكمل مصاديق العلم اللدني الذي يلهمه الله عزوجل أوليائه.
وهذا الأمر من لوازم كونهم – عليهم السلام – خلفاء الله في أرضه وحججه على عباده، فلابد أن يطلعهم من مكنون غيبه على كل ما يحتاجونه من علوم لتدبير بذلك كثير من النصوص الشريفة التي عرضنا طائفة منها في حلقات سابقة ونضيف هنا نماذج أخرى أصرح في بيان هذه الميزة.
فمثلاً روي في كتاب الكافي عن إمامنا جعفر الصادق – عليه السلام – قال: "الله أكرم وأرحم وأرأف بعباده من أن يفرض طاعة عبد على العباد ثم يحجب عنه خبر السماء صباحاً ومساءً".
وفيه أيضاً ضمن حديث عن الإمام الباقر – عليه السلام – قال في الإحتجاج على من ينكرون سعة علم الإمام: "أترون أن الله تبارك وتعالى إفترض طاعة أوليائه على عباده ثم يخفي عنهم أخبار السموات والأرض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم؟!".
وفي حديث ثالث عن إمامنا الصادق – عليه السلام – قال: "لا يحتج الله تبارك وتعالى على خلقه بحجة لا يكون عندهم كل ما يحتاجون إليه".
وكما تلاحظون مستمعينا الأفاضل، فإن كمال ما عند الأئمة – عليهم السلام – من العلم اللدني الإلهي إنما هو من مصاديق رحمة الله عزوجل ورأفته ولطفه بعباده حيث يوفر لهم عن طريق أوليائه وخلفائه المعصومين جميع ما يحتاجون إليه من علوم ترتبط بأحكام الله تجاه الحوادث الواقعة والجديدة.
وقد صرحت الأحاديث الشريفة بأن ذلك يكون بالإلهام وقذف العلم في قلوب الأئمة دون أن يتنافى ذلك مع كون النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – خاتم النبيين – عليهم السلام – لأن الإلهام الإلهي للأئمة وقذف العلوم في قلوبهم من المراتب العالية للإيحاء الإلهي للخلائق كما ذكر القرآن الكريم فيما يرتبط بالوحي للنحل في المراتب الدانية والوحي لأم موسى كليم الله عليه السلام.
وإلى هذا المعنى يشير مولانا الإمام موسى الكاظم – عليه السلام – في المروي عنه في كتاب الكافي وغيره أنه قال: "مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه: ماض وغابر وحادث".
ثم بين – عليه السلام – هذه الوجوه الثلاثة لعلمهم – عليهم السلام – فقال: "فأما الماضي فمفسر".
وفي ذلك إشارة إلى تطبيق أبواب العلم التي ورثها الأئمة – عليهم السلام – عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – على مصاديقها كل في زمانه، كما يشير لذلك الحديث العلوي المشهور: "علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب".
ثم قال الإمام الكاظم – صلوات الله عليه -: "وأما الغابر فمزبور" أي مكتوب وفي ذلك إشارة إلى الصحيفة التي أملاها رسول الله – صلى الله عليه وآله –على وصيه علي المرتضى وكتبها – عليه السلام – بخطه وهي التي يتوارثها الأئمة ويظهر من أحاديث أخرى أن فيها ما يجب على كل إمام من الأئمة الإثني عشر أن يقوم به في عهد إمامته أي تكليفه الخاص لحفظ الدين الحق.
ثم قال الإمام الكاظم عليه السلام: "وأما الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا".
وهذا القسم هو العلم اللدني الإلهامي الذي يستجيب لكل ما يحتاجه العباد من أخبار السماء والأرض مما لم يذكر في الموروث والمكتوب.
وبهذا نصل مستمعينا الأفاضل إلى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.