السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته..
أطيب تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، والسؤال الذي نتناوله فيها هو: ما معنى توحيد الله عزوجل في الطاعة وكيف نكون موحدين له عزوجل بذلك؟
لمعرفة إجابة القرآن الكريم والأحاديث الشريفة عن هذا السؤال، تابعونا مشكورين.
أعزاءنا المستمعين، نشير في البداية إلى أن المستفاد من الآيات الكريمة هو حصر وجوب الطاعة بالله عزوجل، وعليه فإن الإعتقاد بتوحيد الله تبارك وتعالى في الطاعة يعني الإيمان بأنه وحده الذي تجب طاعته جل جلاله؛ هذا في الجانب النظري الإعتقادي.
أما توحيد الله عزوجل في الطاعة عملياً فهو يتحقق بالتمسك والإلتزام بما أمر به، واجتناب ما نهى عنه وإطاعة الإنسان لأحكامه عزوجل في مختلف الشؤون التي يمر بها الإنسان.
تشير الآية الكريمة السادسة عشرة من سورة التغابن إلى هذا الحكم العام بكلا شرطية أي طاعة الله باجتناب المعاصي (التقوى) وطاعته في الإستجابة لأوامره، قال عزّ من قائل: " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". (سورة التغابن۱٦)
مستمعينا الأفاضل، ونقرأ في كتاب الله المجيد أنه عزوجل يقرن طاعته بطاعة رسله وأولي أمره، فنفهم من ذلك أن طاعتهم – عليهم السلام – هي مصداق لطاعة الله عزوجل، بل بها تتحقق طاعة الله تبارك وتعالى، قال عزّ من قائل في الآيتين ٦٤و٦٥ من سورة النساء: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً{٦٤} فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً{٦٥}".
وقال تبارك وتعالى في الآية ٥۹ من سورة النساء؛ [يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا]
وقال جل جلاله في الآية (۸۳) من سورة النساء أيضاً: "وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً".
ومن الآيات المتقدمة يتضح أيها الإخوة والأخوات أن طاعة النبي الكرم – صلى الله عليه وآله – وأولي الأمر وبصورة مطلقة هي طاعة لله عزوجل في كل ما أمروا به – عليه السلام -.
وقد ثبت بالأحاديث المتواترة كحديث الغدير وحديث الثقلين وأحاديث الأئمة الإثني عشر من العترة المحمدية وغيرها كثيرة أن أولي الأمر الذين ذكرتهم الآية التاسعة والخمسين من سورة النساء، هم عترة النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – وأوصيائه الإثني عشر.
فتكون النتيجة أن طاعتهم – عليهم السلام – في كل شيء بحكم إطلاق الآية الكريمة هي طاعة لله ورسوله – صلى الله عليه وآله -.
وإلى جانب ذلك، أمر الله عزوجل بطاعة فئات معينة كالوالدين مثلاً فتكون طاعتهم مقيدة بحدود الأوامر الإلهية وفيما لا يكون فيه عصيان لله عزوجل.
وفي المقابل نهى الله عزوجل عن طاعة بفئات أخرى كأصحاب القلوب الغافلة عن ذكر الله عزوجل، فتكون طاعتهم محرمة ويكون المؤمن موحداً لله في الطاعة بمعصيته لهؤلاء.
أيها الإخوة والأخوات، ونصل الآن إلى تلخيص الإجابة المستفادة مما تقدم عن سؤال هذه الحلقة، وهي:
إن توحيد الله عزوجل في الطاعة الواجبة يتحقق بطاعة أوامره التي جاءت بها رسله – عليهم السلام – وطاعة من أمر الله بطاعتهم بصورة مطلقة وهم النبي الأكرم وعترته الطاهرة – صلوات الله عليهم أجمعين – وكذلك طاعة من أمر بطاعتهم بصورة محدودة ومقيدة كالوالدين والناصحين ونظائرهم.
وبهذا ننهي من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران لقاء اليوم من برنامج (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) نشكر لكم طيب الإستماع وفي أمان الله.