السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات، تحية من الله مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من برنامجكم العقائدي هذا، وسؤالنا فيه هو: (لماذا أمر الله عزوجل بتوحيده في الحكم والتشريع وبرجوع الإنسان إلى ما أنزله في كل شؤونه؟)
سؤال محوري ومهم نتلمس الإجابة عنه من مناري الهداية، كتاب الله المجيد وعترة نبيه الأكرم – صلى الله عليه آله – تابعونا على بركة الله.
نبدأ مستمعينا الأفاضل، بالقرآن الكريم فنجده يصرح بالعلة الأساسية التي من أجلها أمرنا الله عزوجل بالرجوع إليه، أي إلى الدين القيم الذي جاءت به رسله.. نقرأ في الآية الخمسين من سورة المائدة قوله بتارك وتعالى: "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ".
إذن، فعدم توحيد الله عزوجل في الحاكمية والرجوع إليه يعني السقوط في شباك الجاهلية التي تسقط الناس في الشقاء، لأن حكم الله وشرائعه مصدرها العليم الخبير بكل ما يصلح الإنسان والعادل الذي لا ظلم في حكمه، ولذلك فإن إتباع دينه الحق القيم يعني ضمان الوصول إلى الكمالات والبركات والخيرات السرمدية التي خلق الله الإنسان للوصول إليها في حين أن الرجوع إلى غيره عزوجل يعني الأخذ بحكم الجاهلية وحكم الجاهلية تشريعات ناقصة ليس ثمة من يضمن خلوها من تأثيرات الأهواء والمطامع الفئوية والشخصية.
وهذا أمر مشهود في التشريعات غير الإلهية على مدى التأريخ البشري لأن مصدرها الإنسان الذي لا يحيط بكل شيء علماً والذي يمكن أن يتأثر بالأهواء والرغبات الشخصية، تعالى الله عنها علواً كبيرا.
من هنا نجد – أيها المستمعين الأفاضل – أن القرآن الكريم يصف الذين لا يحكمون بما أنزل الله عزوجل بثلاث صفات هي: الكفر والظلم والفسق، كما ورد في الآيات ٤٤ و ٤٥ و ٤۷ من سورة المائدة. وذلك لأن الحكم لم ينزل الله به سلطاناً، يعني كفراً وجحوداً لنعمة الدين القيم الذي تفضل الله به على عباده، كما أنه يعني ظلماً إما للنفس لحرمانها من نعمة وبركات العمل بالدين القيم والتشريعات الإلهية المباركة، وإما ظلماً للآخرين بتضييع كلي أو جزئي لحقوقهم أو حقوق طوائف منهم، كما أن الحكم بغير ما أنزل الله هو فسق لأنه خروج عن الطريق المستقيم الذي جعله الله عزوجل أقصر الطرق لتحقيق السعادة للفرد والمجتمع الإنساني.
أما الآن مستمعينا الأفاضل، فلنتدبر معاً في بعض نصوص الثقل الثاني المبينة للحقيقة المتقدمة، ومنها قول مولى الموحدين الإمام علي – عليه السلام – في الخطبة رقم (۱٥۰) من كتاب نهج البلاغة؛ قال – عليه السلام -: "إن الله تعالى خصكم بالإسلام واستخلصكم له وذلك لأنه إسم سلامة وجماع كرامة، إصطفى منهجه وبين حججه.. فيه مرابيع النعم ومصابيح الظلم، لا تفتح الخيرات إلا بمفاتيحه، ولا تكشف الظلمات إلا بمصابيحه.. فيه شفاء المشتفي وكفاية المكتفي".
وقال – عليه السلام – في الخطبة رقم (۱۸): "أم أنزل الله سبحانه ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه.. والله سبحانه يقول: [ما فرطنا في الكتاب من شيء] وقال [فيه تبيان كل شيء]".
وقال – صلوات الله عليه – في الخطبة رقم (۱۱۸): "ألا وإن شرائع الدين واحدة وسبله قاصدة من أخذ بها لحق ومن وقف عنها ضل وندم".
وأخيراً قال – عليه السلام – في الخطبة (۱٥۹): "أظهر به الشرائع المجهولة وقمع به البدع المدخولة وبين به الأحكام المفصولة، فمن يبتغ غير الإسلام ديناً تتحق شقوته وتنفصم عروته وتعظم كبوته ويكون مآبه إلى الحزن الطويل والعذاب الوبيل".
مستمعينا الأفاضل، خلاصة الإجابة عن سؤال هذه الحلقة هو أن السر في توحيد الله عزوجل في الحاكمية والتشريع يكمن في أن دينه الحق هو وحده الدين القيم الكامل والمنزه عن تأثيرات الأهواء والظلم والجهل فهو وحده الذي يحقق السعادة للإنسان.
وبهذه النتيجة نختم حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، إلى لقائنا المقبل نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.