البث المباشر

ما هو معنى توحيد الله عزوجل في الحاكمية

الأربعاء 6 مارس 2019 - 09:50 بتوقيت طهران

الحلقة 44

السلام عليكم إخوتنا ورحمة الله وبركاته... أهلاً بكم في لقاء اليوم من برنامجكم العقائدي هذا، وسؤالنا فيه عن معنى توحيد الله عزوجل في الحاكمية.
وهذا من مصاديق التوحيد التي أشار إليها القرآن الكريم في عدة من آياته الكريمة وهو يكرر عبارة "إن الحكم إلا لله"، نتلمس الإجابة عن هذا التساؤل في مصدري الهداية الإلهية فتابعونا على بركة الله.
لنتدبر أولاً مستمعينا الأفاضل في الآيات الكريمة التي أشارت إلى هذا القسم من مصاديق التوحيد ومنها قوله عزوجل في الآية ۷۹ من سورة آل عمران: "مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ".
لاحظوا هنا أحباءنا أن صيرورة الإنسان من الربانيين هي الهدف من إيتاء الله عزوجل حكمه لرسله لكي يوصلوه للناس، أي صيرورة الإنسان ربانياً، تكون من خلال نبذ عبودية ما سوى الله عزوجل، فيكون الهدف من حصر الحكم بالله عزوجل هو جعل الناس يتخلقون بأخلاق الله تبارك وتعالى ويوحدوه في العبودية.
وهذا هو المستفاد أيضاً من الآيتين التاسعة والثلاثين والأربعين من سورة يوسف، حيث يقول عزّ من قائل حاكياً قول نبيه الذي آتاه الحكم: "يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{۳۹} مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ{٤۰}".
إذن، أيها الإخوة والأخوات، فإن المستفاد من التدبر في النصوص القرآنية المتقدمة يفيدنا بأن حصر الحكم بالله عزوجل يعني توحيد الله عزوجل في تشريع الدين القيم الذي يكون في اتباعه الإنسان ربانياً، في حين أن الرجوع في التشريعات والعبودية للأرباب المتفرقين الذين لاينطقون عن الله ولا يحكمون بما أنزل الله، يعني الإبتعاد عن بلوغ الإنسان الكمالات التي قدرها له خالقه تبارك وتعالى؛ وهذا المعنى تنبه له الآيات الأخرى التي تصرح بأن عدم توحيد الله عزوجل في التشريع، والحاكمية بمعنى الرجوع إليه عزوجل لمعرفة الدين القيم هو إتباع لحكم الجاهلية، قال عزّ من قائل في الآيتين التاسعة والأربعين والخمسين من سورة المائدة: "وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ{٤۹} أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ{٥۰}".
مستمعينا الأفاضل، ونجد في كثير من أحاديث الثقل الثاني أهل بيت النبوة – عليهم السلام – بيان المصداق العملي لتوحيد الله عزوجل بهذا المعنى من الحاكمية فمثلاً نقرأ في نهج البلاغة قول مولانا أميرالمؤمنين – عليه السلام – وهو يوصي ولده الإمام الحسن المجتبى – سلام الله عليه – مبيناً مصداق وبركات هذا القسم من أقسام التوحيد الخالص.
قال – عليه السلام -: "وألجئ نفسك في أمورك كلها إلى إلهك فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز وأخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان، وأكثر الإستخارة".
وقال – صلوات الله عليه – في الخطبة ۲٤: "فاتقوا الله عباد الله وفروا إلى الله وامضوا في الذي نهجه لكم... فعلي ضامن لفلجكم [أي فوزكم] آجلاً إن لم تمنحوه عاجلاً".
وعلى ما تقدم يتضح، مستمعينا الأفاضل، أن معنى توحيد الله عزوجل في الحكم هو رجوع المؤمن في جميع شؤونه إلى الله عزوجل ومن يبلغ أمره من الأنبياء والأوصياء – عليهم السلام – لمعرفة حكمه في كل شيء فيعمل به فيصير (ربانياً) مصلحاً.
وبهذه النتيجة ننهي أيها الأكارم لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، كونوا معنا في اللقاء المقبل بإذن الله ودمتم في رعاية سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة