السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله
أهلا بكم ومرحبا في لقاء اليوم من برنامجكم هذا نستجلي فيه إجابات الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة عن أحد الأسئلة المصيرية التي لايستغني أي إنسان عن معرفة إجابتها.
السؤال هو: ما هو الكمال الذي خلقنا الله عز وجل للحصول عليه وجعل العبادة الوسيلة إليه. أجل أيها الأحبة، فقد عرفنا في الحلقات السابقة من البرنامج أن الله قد خلقنا لإيصال الخير إلينا، والإستعداد لتلقي هذا الخير يستلزم التحلي بالكمال المقدر لنا، فما هو هذا الكمال؟ للحصول على الإجابة نرجع إلى الثقلين الذين جعلهما الله منار الهداية وضمانة النجاة من الغواية.
نلتمس الإجابة أيها الإخوة والأخوات أولا في الآيات التالية من الذكر الحكيم: قال عز من قائل في أول سورة الأعلي: "سبِّح اسمَ رَبِّك الأَعْلي* الَّذِي خَلَقَ فَسوَّي* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَي". وقال تبارك وتعالى في الآية ۲٤ من سورة الحج: "وَهُدُوا إِلَى الطَّيبِ مِنَ الْقَوْلِ وَ هُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ".
وفي الآيات الأولى من سورة العلق أول ما نزل من القرآن الكريم قال الله جل جلاله: "إقْرَأْ بِاسمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الانسنَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَ رَبُّك الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الانسنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ". وفي الآية الثانية من سورة الجمعة نتلو قول أحسن الخالقين "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ".
ونقرأ في الآيتين الكريمتين ۲٦۸ و ۲٦۹ من سورة البقرة قول أكرم الأكرمين "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ"
مستمعينا الأفاضل، ملخص الإجابة القرآنية عن سؤالنا المتقدم، والتي نحصل عليها من الآيات المتقدمة ونظائرها هو أن الله عزوجل الذي خلق الإنسان فسواه في أحسن تقويم قد قدر له كماله وهداه إليه وهو الطيب من القول أي العلم الإلهي الذي علمه بالقوة في فطرته وبعث رسوله الأكرم _صلى الله عليه وآله_ لكي يحوله إلى مرتبة الفعل وذلك بأن يزكيهم فيتأهلوا للحصول على الحكمة الإلهية.
وهذه الحكمة هي منشأ الخير الكثير وبها يحصل الإنسان على الفضل الإلهي الواسع؛ وهذا ما تشير إليه كثير من نصوص الثقل الثاني نقرأ بعضها بعد قليل فتابعونا مشكورين.
روي أن العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله _صلى الله عليه وآله_ قائلا: ما الجمال بالرجل يا رسول الله؟ فأجاب _صلى الله عليه وآله_: "صواب القول بالحق" فسأله العباس: فما الكمال؟ فقال _صلى الله عليه وآله_: "تقوى الله عز وجل وحسن الخلق".
وقال مولانا أمير المؤمنين – عليه السلام:"بالعقل كمال النفس وبالمجاهدة صلاح النفس". وقال _عليه السلام_ أيضا: "كمال المرء عقله وقيمته فضله". وعن إمامنا محمد الباقر _عليه السلام_ قال: "الكمال كل الكمال التفقه في الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة".
وقال مولانا الإمام الصادق –عليه السلام: "ثلاث خصال من رزقها كان كاملا" ثم ذكر -عليه السلام- العقل أولها.
وفي حديث آخر قال _عليه السلام_: "لاينبغي لمن يكن عالما أن يعد سعيدا ولا لمن لم يكن ودودا أن يعد حميدا ولا لمن لم يكن صبورا أن يعد كاملا".
وروي عن مولانا الإمام الرضا – عليه السلام – عن آبائه عن رسول الله – صلى الله عليه وآله: "من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروته وظهرت عدالته ووجبت أخوته وحرمت غيبته".
وقال مولانا أمير المؤمنين الوصي المرتضى – عليه السلام –: "كمال الرجل بست خصال: بأصغريه وأكبريه وهيئتيه، فأما أصغراه فقلبه ولسانه، إن قاتل قاتل بجنان _أي بشجاعة_ وإن تكلم تكلم بلسان أي ببلاغة، وأما أكبراه فعقله وهمته...".
وأخيرا قال مولانا الصادق – عليه السلام –: "الإنسان عقل وصورة، فمن أخطأ العقل ولزمته الصورة لم يكن كاملا وكان بمنزلة من لا روح فيه.. وأصل الأمور في الدين أن يعتمد على الصلوات ويجتنب الكبائر.."
أيها الإخوة والأخوات، نلخص الإجابة المستفادة من الأحاديث الشريفة المتقدمة بأن الكمال الذي قدره الله للإنسان وبه يحصل على الخير الإلهي الكريم يكمن أولا في تعلم الحكمة الإلهية أي الفوز بالكمالات العلمية.
ثم العمل بمقتضاها من التحلي بتقوى الله وطاعته والتحلي بالكمالات الروحية أي بمكارم الأخلاق التي بعث بها حبيبنا المصطفى _صلى الله عليه وآله_.
نشكر لكم أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران جميل الصحبة في لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين.