السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله
نحييكم بأطيب تحية ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرناج وسؤالنا فيما هو (كيف نعبد الله)؟ فقد عرفنا في الحلقات السابقة أن القرآن والعترة يؤكدان أن الله عزوجل قد خلقنا للفوز بالكمالات والحياة الطيبة والسعادة وأن الطريق لذلك هو معرفة الله عزوجل وعبادته فهي الوسيلة لبلوغ الكمال والفلاح في الدنيا والآخرة.
ولكن ما الذي يقوله الثقلان في الإجابة عن سؤالنا المتقدم وهو: كيف نعبد الله؟ نبحث معا عن الإجابة في نصوص المنجين من الشقاء والضلالة والهادين إلى كل خير: كتاب الله وأحاديث أوليائه الصادقين محمد وآله الطاهرين _صلوات الله عليهم أجمعين_.
نبدأ أحبائنا بالقرآن الكريم فنقرأ في الآيتين الثانية والثالثة من سورة الزمر قوله عزوجل " إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ{۲} أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ…" ونقرأ في الآيتين الحادية عشرة والثانية عشرة من السورة نفسها قوله عز من قائل: " قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ{۱۱} وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ{۱۲}" وفي الآية الخامسة من سورة البينة نقرأ قول الله جل جلاله : "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ{٥}"ومن سورة البقرة نتلو قوله تبارك وتعالي في الآية (الاثنى عشر بعد المئة): "بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ".
ونتدبر معا أيها الأحباء في الآية التاسعة والسبعين من سورة الأنعام حيث يحكي الله سبحانه قول خليله إبراهيم – عليه السلام –: "إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".
ونتدبر أيضا في الآيات الحادية والستين بعد المئة إلى الثالثة والستين بعد المئة من سورة الأنعام حيث يقول الله العزيز الحكيم "قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{۱٦۱} قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{۱٦۲} لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{۱٦۳}".
مستمعينا الأفاضل، مجمل الجواب الذي نحصل عليه من هذه الآيات الكريمة ونظائرها في كتاب الله هو أن ما أمرنا به هو أن نعبد الله عزوجل بإخلاص وأن تكون هذه العبادة شاملة لمختلف شؤوننا من العبادات المألوفة كالصلاة والصوم والزيارة أو الإنفاقات والصدقات أو التعامل مع الآخرين تكون كلها سلوكيات نبتغي بها وجه الله عزوجل ورضاه. وأن تكون هذه العبادة مقترنة بالإحسان فيسلم العبد وجهه لله وهو محسن.
ومن مصاديقه ما روي عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه سئل عن معني الإحسان فأجاب قائلا: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
وعن معنى قوله عزوجل في الآيات المتقدمة (حنيفا مسلما) يجيبنا مولانا الإمام الصادق – عليه السلام – في الحديث المروي عنه في كتاب المحاسن أنه قال في معنى هذا الوصف:(خالصا مخلصا لا يشوبه شيء).
وفي الكافي مسندا عن مولانا الإمام الصادق _عليه السلام_ في بيان قوله عزوجل "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً" ، قال – عليه السلام –: "ليس يعني أكثركم عملا، ولكن أصوبكم عملا وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة" ثم قال – عليه السلام : "الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، والعمل الخالص [هو] الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عزوجل".
وروي في كتاب تحف العقول عن إمامنا السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين عليه السلام قال: "إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة".
كما روي عن الإمام الصادق – عليه السلام – أنه قال: العباد ثلاثة: قوم عبدوا الله خوفا فتلك عبادة العبيد وقوما عبدوا الله تبارك وتعالى طلبا للثواب فتلك عبادة الأجراء وقوم عبدوا الله حبا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة.
وعن آثار العبادة الخالصة في كمال الإنسان يقول إمامنا الباقر – عليه السلام – كما في الكافي: "ما أخلص عبد الإيمان بالله أربعين يوما إلا زهده الله في الدنيا وبصره داءها ودواءها وأثبت الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه".
وأخيرا تدبروا أحبائنا في قول مولانا الإمام الصادق – عليه السلام – المروي في كتاب المحاسن أنه قال: "إن ربكم لرحيم يشكر القليل، إن العبد ليصلي الركعتين يريد بها وجه الله فيدخله الله الجنة".
وختاما أيها الأحبة نلخص ما عرفناه من أجوبة الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة عن سؤالنا "كيف نعبد الله؟" والإجابة هي:"ينبغي أن تكون العبادة على طبق ما أراده الله خالصة يبتغى بها وجهه الكريم وأفضل مراتبها أن تكون شكرا له على نعمائه وحبا له على جميل صنعه بعباده وعظيم رحمته بهم".
رزقنا الله وإياكم ذلك أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران وشكرا لكم على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامج (أسئلتنا وأجوبة الثقلين)، دمتم بكل خير وفي أمان الله.